كريتر نت – متابعات
كشف وزير الشؤون القانونية الأسبق الدكتور محمد المخلافي، عن تفاصيل مهمة خلال فترة توليه لحقيبة الوزارة في حكومة الوفاق الوطنية التي ترأسها الأستاذ محمد سالم باسندوة، كأول حكومة بعد الثورة الشعبية السلمية مطلع فبراير 2012.
وتحدث الوزير المخلافي في لقاء تلفزيوني مع قناة “يمن شباب” – في برنامج الرواية الأولى الذي بث مساء الأربعاء وأعيد بثه السبت، عن أسباب الحملة التي تعرض لها من قبل كتلة المؤتمر الشعبي حينها، وكذا عن مشروع العدالة الانتقالية وأبرز المعترضين عليه.
ونوه إلى الحملة الإعلامية والاتهامات التي ساقتها كتلة المؤتمر الشعبي العام في البرلمان ضده، وكذا الأسباب التي أدت إلى تلاشي اللقاء المشترك، وأسباب الخلاف بين الحكومة والبرلمان، وكذا قانون الحصانة التي أعدته الرئاسة ورفضته كتل اللقاء المشترك.
العدالة الانتقالية
تطرق الوزير المخلافي إلى أبرز الخطوات التي اتخذتها وزارة الشؤون القانونية التي تولى حقيبتها بعد المبادرة الخليجية، وكذا الحكومة بشكل عام. وقال: “بحكم نشاطي السابق، كنت مهمومًا بحقوق الانسان، وكنت أطمح أن تحدث حكومة الوفاق التغيير، والذي لا بد أن يقوم على أساس واضح، هو إرضاء ضحايا الماضي، لكي نخطو خطوة إلى المستقبل، ونحن واثقون أن الجميع يرحب بهذا المستقبل، ويقبل به.
وأشار الدكتور محمد المخلافي، إلى أن أكثر القوانين التي قٌدّمت بخصوص حقوق الانسان كانت من وزارة الشؤون القانونية أو بالشراكة مع وزارة حقوق الانسان، وكان بيني وبين وزيرة حقوق الإنسان حينها الأستاذة حورية مشهور علاقة ودّ كبير، وهذا سهل علينا البدء بتقديم خطوات مهمة في هذا المجال، دون النظر إلى من يكون السبّاق في ذلك.
وأوضح، أن “وزارة الشؤون القانونية تبنّت مشروع قانون العدالة الانتقالية، وكان أساس القانون قد ورد في الآلية التنفيذية لعملية نقل السلطة في اليمن (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية)، والتي وضعتها الأمم المتحدة، ووقّعت عليها الاحزاب السياسية، وكانت ملتزمة بها”.
واستدرك المخلافي حديثه بالقول، “إن المؤتمر الشعبي العام، ورئيسه حينذاك علي عبدالله صالح، والرئيس عبد ربه منصور هادي لم يتنبهوا إلى مدلول العدالة الانتقالية، ولذا عندما وضع مشروع قانون العدالة الانتقالية، اعتبروه استهداف لهم، بل وانتقام منهم، وأرادوا فقط أن يخلى سبيلهم عن أي مسائلة أو محاسبة، بالمقابل عدم انصاف الضحايا”.
لجنة إعداد مشروع قانون العدالة
وقال وزير الشؤون القانونية الأسبق الدكتور محمد المخلافي، إن “مشروع القانون كان قد صدر عام 2012، بعدما تم تشكيل لجنة لإعداده، وكنت رئيسًا للجنة، بعدها تم وضع المشروع للتداول العام، وجمعنا كل الملاحظات التي طرحت عليه، ثم ما طرح من قبل المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية على مشروع القانون، وأعددنا مشروعًا متكاملا، وكانت الملاحظات المطروحة هي في وجهة النظر ليس أكثر”. حسب قوله.
ونوه إلى أن “الحكومة كانت نصفين، نصفها للقاء المشترك وشركاه، والأخر للمؤتمر الشعبي العام، ولكن في الحقيقة المؤتمر كان كتلة واحدة، كانوا قبل أن يأتوا إلى أي إجتماع وفقًا لجدول الأعمال، يذهبوا لزيارة علي عبدالله صالح، ويتفقوا على الموقف، بينما نحن في المشترك لم يكن لدينا موقف موحد، باستثناء عدد قليل من الوزراء كنا نتخذ موقفًا موحدًا..”.
وأشار في هذا الصدد إلى أن بعض وزراء المؤتمر الشعبي كانوا يطرحون أراء تتوافق معنا وتخالف كتلة المؤتمر، ومنهم وزير الخدمة المدنية الأسبق نبيل شمسان. وقال: “ومع قلتنا إلا أننا استطعنا أن نفرض مشروع القانون؛ لكن عندما طلبت كلتة المؤتمر من رئيس الوزراء أن يُحال القانون على رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وفقا لآلية نقل السلطة في حالة الخلاف، وتمت الإحالة، ولكن لم يتم بعدها أي شيء؛ لعدم التوافق بينهما”.
قانون آخر
وأكد الدكتور محمد المخلافي، أن مشروع قانون العدالة الانتقالية “عندما أحيل إلى رئيس الجمهورية؛ تم إعداد قانون آخر في رئاسة الجمهورية، لم نعلم به شيء، إذ تم إعداده بصورة منفردة، واتخذت حينها كتلة اللقاء المشترك موقفًا موحدًا، ومنعت إنزال القانون للمناقشة؛ باعتبار أنه لم يأتِ من الحكومة، كونها المخوّلة بإنزال مشاريع القوانين، وإن كان هناك شيء فيتم بالتوافق بين الرئاسة والحكومة ثم يحال الى مجلس النواب..”.
وأضاف، “لما حصل هذا الانقسام، ومع إصرار كتلة المؤتمر الشعبي العام، انسحبت كتل اللقاء المشترك، وبقيت كتلة المؤتمر الشعبي العام وحدها في المجلس، واتخذت قرارًا بإحالة مشروع القانون إلى اللجنة الدستورية، وترتبت على ذلك امور أخرى حينها (لم يذكرها)”.
التدوير الوظيفي
وتابع، “اجتمع أمناء عموم أحزاب المشترك وشركاه، وفي اطار المجلس الاعلى للثورة الشبابية الشعبية السلمية وكان في بيت رئيس المجلس، الذي أصبح رئيسًا للوزراء، وتم وضع مقترح أن المؤتمر الشعبي العام مسيطر على الوظيفة العامة، ومؤمّم لها لصالح عناصره، وبالتالي يجب أن تؤخذ بقية العناصر من الأحزاب الأخرى نصيبها، حينها من حسن الحظ أنا كنت موجودًا ممثلا للقاء المشترك، وكنت حينها رئيسًا للفريق القانوني، وأبلغتهم بأن هناك قانون فرضته المؤسسات الدولية المالية، وصدر عام 2010 بشأن التدوير الوظيفي، وأن وزارتي الشؤون القانونية والخدمة المدنية بصدد إصدار لائحة تنفيذية لهذا القانون، وإصدار مدونة الحكم الرشيد.
واستطرد قائلا: “بعد نقاش طويل، اقتنعت الأحزاب السياسية، وكان الحزب الاشتراكي هو الذي اقترح هذا المقترح، وهو الذي اقتنع، في الوقت الذي تخلّت عن هذا المطلب بقية الأحزاب السياسية، ولكن ظل هذا الهاجس بالنسبة لبعض الاحزاب ووزرائها قائم..”.
وأكد المخلافي أن السبب في فشل حكومة الوفاق الوطني وخصوصا وزراء اللقاء المشترك لأن العملية السياسية لم تحدث أي تغيير حقيقي في الوظيفة العامة، أو تدوير وظيفي، لافتا إلى أن الوزارة الوحيدة التي حصل فيها تدوير وظيفي كانت وزارة الشؤون القانونية، ولذا كانت الحملات الإعلامية ضدي كوزير لها لهذا السبب.
اتهامات باطلة
ونفى وزير الشؤون القانونية الأسبق الدكتور محمد المخلافي الاتهامات التي وجهت له بأن التدوير الوظيفي الذي احدثه في الوزارة خلال توليه حقيبة الوزارة، كانت تتم بين أعضاء الحزب الاشتراكي الذي ينتمي اليه، وإقصاء بقية المكونات السياسية.
وقال المخلافي، “هذا كلام يُرمى على عواهمه، فلو تم الرجوع الى الأشخاص الذين تم تعيينهم هم من وزارة الشؤون القانونية، ولم يكن من خارجها سوى شخص واحد فقط هو مدير مكتبي منير السقاف، والذي عمل معي في مجال حقوق الانسان، وعمل في مكتبي كمحامي، وكنت أثق فيه كثيرًا، ومع هذا عمل مع مدير مكتب الوزير السابق حينها، حتى جرى التآمر على سحبه من قبل المؤتمر الشعبي العام، حيث أعطي درجة وزير، وتم نقله إلى شؤون مجلس النواب، ولذا من أتيت بهم من أبناء حضرموت أو تعز أو عدن أوغيرها هم من مكاتب الوزارة، ومنهم أعضاء في المؤتمر الشعبي العام”.
وأكد أن تلك التهم التي وجهت له كانت دعايات كاذبة، مشيرا إلى أن التغيير الذي أستحدثه هو على مستوى الوكلاء، وعلى مدراء العموم، وكنت آمل أن هؤلاء سيكون بمقدورهم أن يجعلوا الوظيفة العامة محترمة، وإن كانوا من المؤتمر الشعبي العام، وفعلا نجحت العملية التي قامت بها وزارة الشؤون القانونية، وكانت الوزارة الوحيدة التي رفضت بعد انقلاب مليشيا علي عبدالله صالح والحوثي على العاصمة أن يعمل فيها أي مشرف حوثي، بل وظلت هي الوزارة الوحيدة التي ترفض ذلك حتى حصل الانقلاب الرسمي وغادرت العاصمة صنعاء.
قانون الحصانة
واستعرض الوزير الأسبق محمد المخلافي تفاصيل قانون الحصانة وكيف تم إقراره. وقال: “في الواقع قانون الحصانة مر من مجلس الوزراء، وجاء به الأستاذ محمد سالم باسندوة”، مؤكدا عدم معرفته بمن وضعه، هل تم طرحه على باسندوة من قبل الشؤون القانونية بمجلس النواب أم مجلس الوزراء أم مكتب الرئاسة وكان حينها رئيسه لا يزال الاستاذ علي الانسي.
وأضاف، “المهم أن الأستاذ محمد سالم باسندوة كان يسعى جاهدًا للاستمرار في العمل دون حصول أي خلاف..”، مؤكدا أن “هذا القانون عمل حصانة كاملة لعلي عبدالله صالح وكل من عمل معه، وكان الذي رفضوه هما وزيرين فقط أنا ووزير المالية حينها الأستاذ صخر الوجيه”.
وتابع، “ذهب القانون إلى مجلس النواب، وكانت كتل المشترك عادها موحدة، قبل حصول الترهل حد الافتراق فيما بينها، هذه الكتل اتخذت موقفها ورفضت مشروع القانون، وبالتالي اضطر رئيس الوزراء إلى أن يطلب إعادة المشروع، فأعيد المشروع، وتمت عملية صياغة جديدة للمشروع بمشاركتي شخصيًا؛ وتمت صياغته في بيت رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، وبحضور المبعوث الأممي جمال بن عمر، وأمناء عموم الأحزاب السياسية، بما في ذلك المؤتمر الشعبي العام، الذي حضر منهم اثنان حينها، هما وزير الخارجية أبو بكر القربي، ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب، وكنت أنا ممثل للمشترك..”.
تعديلات قانون الحصانة
وأوضح المخلافي، “أنه تم تعديل قانون الحصانة في جانبين مهمين، أولا مشروع القانون الجديد لم ينص على عدم الملاحقة المطلقة لعلي عبدالله صالح، وكل من عمل معه، وإنما اقتصر على علي عبدالله صالح، ومن معه، اقتصر على الملاحقة الجنائية، بمعنى أن المطالبة بقضايا وأموال وحقوق لا تسقط، ولا يجوز الاحتحاج بهذا القانون، كان هذا الشرط الأول الذي أصدره القانون الجديد، والشرط الثاني أن يصدر هذا القانون ضمن قانون العدالة الانتقالية وليس منفردًا”.
واستدرك، “ولأن علي عبدالله صالح كان قلقا، وأقلق كل من حوله، قام الرئيس هادي حينها، وترجّانا أن يمر هذا القانون، ثم يأتي بعده مباشرة قانون العدالة الانتقالية، ولذا تمت إضافة نص في القانون الجديد أن الحكومة ملزمة بإصدار قانون العدالة الانتقالية في أسرع وقت ممكن؛ لكي يتساوى في مضمونه مع قانون الحصانة؛ ولكن بعد اصدار قانون الحصانة جرت عرقلة اصدار قانون العدالة الانتقالية…”.
موقف المجتمع الدولي
وعن دور المجتمع الدولي إزاء صدور قانون العدالة الانتقالية، أكد المخلافي، أن الشيء الملموس كان يؤيد صدور قانون العدالة الانتقالية، ولذا كل القرارات التي صدرت بعد إقرار برنامج حكومة الوفاق، والذي تضمن أن تقوم وزارة الشؤون القانون بإصدار قانون العدالة الانتقالية، كل قرارات مجلس الأمن بعد إقرار برنامج الحكومة كانت تأتي تؤيد وتؤكد وتشدد على إصدار قانون العدالة الانتقالية، وكذا اصدار قانون استرداد الأموال المنهوبة.
وأشار إلى أن وزارة الشؤون القانونية تبنّت الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، نظام روما، وأقر في مجلس الوزراء، وفي مجلس النواب كان يحي الراعي يتصرف كأنه شيخ لمجلس النواب وتم رفضه… حسب وصفه.
إحالة للتحقيق وإيقاف عن العمل
وأكد أن قانون العدالة الانتقالية هو السبب في الحملات التي وجهت له، وكذا استجواب وزراء حكومة الوفاق من قبل البرلمان حينها.. مشيرا إلى أن “بعد انسحاب كتل المشترك في البرلمان، وجّه البرلمان الحكومة بالحضور إلى مجلس النواب لاستجواب الوزراء، وكان الحاضرين في المجلس فقط كتلة المؤتمر الشعبي العام، وأنا حينها بعثت بفتوى الى مجلس الوزراء بعدم التعامل مع هذه المجموعة في مجلس النواب؛ لأنها كتلة واحدة وهي كتلة المؤتمر الشعبي العام، وليس مجلس النواب، ولذا ليس من حقها أن تتخذ أي قرار”.
وأضاف المخلافي، “أنا لم أكن ضمن الوزراء المستجوبين، ولكن بعد أن ذهبت بهذه الرسالة إلى مجلس الوزراء، والذي رد بالرفض على التجاوب مع البرلمان، الأمر الذي دعى كتلة المؤتمر الشعبي العام في البرلمان أن تصدر قرارًا بإحالتي إلى المحاكمة، وايقافي عن العمل ولم يتم هذا..”.
وتابع حديثه قائلا، “ظل هذا الوضع حتى اجتمع الرئيس مع نواب المؤتمر الشعبي العام، وأنا، واتخذ قرارات أن يلغي مجلس النواب كل قراراته التي اتخذها منفردًا من قبل كتلة المؤتمر، وأن يعود مجلس النواب للعمل بكامله، وتكون الاحزاب ملزمة بالحضور، وأيضا أصدروا قرارًا بإلغاء كل ما صدر عني، ولم يصدر عني أي شيء يذكر..” حسب قوله.
التوافق لا الأغلبية
وعن التهم التي وجهتها له كتلة المؤتمر الشعبي العام بأنه المتحكم بقرارات الحكومة، أشار المخلافي إلى أن “كتلة المؤتمر الشعبي العام كانت تتحدث وكأنها هي البرلمان، وأنا كنت أتعامل معها على أن هذه الكتلة، هي واحدة من الكتل داخل المجلس، وليس كل المجلس، وليس من حقها اتخاذ القرار، ولو كانت حاصلة على الاغلبية؛ لأن هناك نص أكبر من الأغلبية، فوفقا لاتفاقية نقل السلطة فقد نصّت على أن قرارات مجلس النواب ومجلس الوزراء تتخذ بالتوافق وليس بالأغلبية، وأنا كنت أقبل بالتوافق، وكان يحصل هناك تخاذل من قبل كتلة المؤتمر”.
وأضاف، أيضًا كتلة المؤتمر، “كانوا يتعاملون مع الحكومة كخصم، ولذا كان أي نص مخالف للقانون كنت أرد عليه سواء من قبل مجلس النواب أو مجلس الوزراء، وكنت أتصدى لمخالفاتهم؛ لذلك اعتبروا أني كنت أتحكم بقرار مجلس الوزراء، ولم يكن هناك تحكّم، وإنما كنت أكثر الوزراء مخاطرة؛ لأن أكثر المسؤولين كانوا يعتبروا أن علي عبدالله صالح لديه القوة المادية فيمكن أن ينتقم ويثأر..”.
وأستطرد قائلا: “عندما وضعت مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة التقيت بأحد المسؤولين الأمنيين (محمد الصرمي) وأخبره أنه أشجع وزير في الحكومة، معتبرًا ذلك الأمر تهديدًا أكثر من كونه إشادة وتشجيع”. حسب قوله.
وأكد في هذا الصدد، أن هناك أشياء شخصية كانت تدخل في الموضوع، مثلا رئيس مجلس النواب يحي الراعي حينها طلب من الرئيس أن يُعيّن ابنه وزيرًا مفوضًا، ولم يمض على تخرجه نحو عامين، وموظفي الخارجية لا يصل الى وزير مفوّض إلا بعد عشرين سنة من الخدمة، فأنا رديت على الرئيس أن قرارك مخالف للقانون للأسباب التالية، وأوضحتها له، حينها قال لي وزير الخارجية حينها الدكتور أبو بكر القربي، لو كنت مكانك لما عملت هذا الرد، كون الرئيس عرض ردك على كتلة المؤتمر الشعبي العام، وعلى رئيس البرلمان الراعي، وحين أجبته لو كنت مكاني كيف سترد؟ قال: كنت سأقول أن فيه محظورات قانونية دون أن أسردها؛ لأنك أظهرت الرئيس وكأنه لا يفهم في القانون شيء..”. وفق تعبيره.
العدالة الانتقالية: بُعد سياسي على حساب الضحايا
وعن قانون العدالة الانتقالية، أوضح الدكتور المخلافي، أن “هذا القانون لم يؤخذ طابع العدالة التقليدية، والمحاسبة الجنائية، ثانيًا المسائلة اتخذت طريق الاعتراف، والطريق الخطأ حتى لا يتكرر في المستقبل”.
وأشار إلى أن مشروع قانون العدالة “نص على العقوبة الجنائية فقط أثناء التكرار، أو رفض ما يطلب من هيئة الانصاف والمصالحة، وهذا كان المشروع الثاني، وبناء على نص صدر في المؤتمر الحوار الوطني، والذي كان يصدر بموافقة كل الأطراف اليمنية المشاركة فيه، باعتبار كل الأطراف شاركت فيه..”.
وأضاف، “في محور العدالة الانتقالية بمؤتمر الحوار الوطني، وضع المؤتمر الشعبي العام ثلاثة أمناء في هذا المحور، وكان على رأسهم سلطان البركاني، بما يعني أن هذا المشروع كان قد تمت الموافقة عليه، لكن علي عبدالله صالح كان يضمر الانقلاب، وكان يريد أن يكون هناك انقلاب، لأنه كان يعلم أن هناك ثمة أشياء قانونية تؤخذ عليه أو تحاسب عليه أو على الأقل يجري الحديث بادانته”.
وأوضح أن هذا التفسير أن مشروع العدالة الانتقالية، أخذ بعد 94م، وألزم هيئة المصالحة النظر لكل ملفات الانتهاكات منذ قيام الجمهورية اليمنية، بل ومنح اللجنة صلاحيات أخذ ملف المتضررين من قبل قيام الجمهورية اليمية، شرط أن يقدموا ملفات الى هذه اللجنة على اعتبارات عملية؛ لأن الملفات منذ قيام الجمهورية وحتى 2013 عندما أعد المشروع الأول والثاني كانت كبيرة جدا، وتحتاج كلفة عالية، ولكن المجتمع الدولي أبدى استعداده لتغطية الكلفة المالية للعدالة الانتقالية في حال تمكنّا من تحقيقها، وبالتالي بالنظر إلى صعوبة جمع المعلومات والبيانات، لأن الأرشيف لا يوجد، هذا الأمر الذي دفعنا لتحديد الفترة من بعد قيام الجمهورية اليمنية وحتى 2011.
المعترضين على العدالة الانتقالية
وعن أبرز المعترضين على فكرة العدالة الانتقالية أكد الدكتور المخلافي، أن “الآلية لم يعترض عليها أحد”، مشيرًا إلى “أن مشروع رؤية الانقاذ الوطنية 2009 الصادرة عن اللقاء المشترك وشركاءه كانوا قد وافقوا عليها حينها، لكنهم لم ينتبهوا لتفاصيله، ولذا حين وضع مشروع القانون، أثار هناك نوع من التخوفات لدى الكثير من الأحزاب (لم يسمها)، باستثناء الحزب الإشتراكي.
وعزى السبب لعدم تخوف الحزب الإشتراكي حينها، لوجوده فيه، إضافة إلى أن بعض قيادات الحزب الاشتراكي كان لها علاقة ببعض التطورات الحاصلة في المملكة المغربية، حسب قوله.
واستدرك قائلا: فيما بعد بالنسبة للقاء المشترك وشركاه، لم يعد هناك اعتراض من أحد، باستثناء الحزب الناصري الذي كان معترضًا على موضوع الفترة فقط، وقد عولجت هذه النقطة بإعطاء الحق لذوي الضحايا بأن يتقدموا بالملفات إلى اللجنة، واللجنة ملزمة بالنظر فيها لفترة ما قبل عام 90م.
وأضاف، في الواقع لم يكن الحزب الإشتراكي قضيته فقط في 94م، في فترة الجمهورية العربية اليمنية كان تقريبا 90 بالمائة من ضحايا التسلط ومن المخفيين قسرًا ومن المعدمين علنًا أو سرًا، كانوا هم من الحزب الاشتراكي اليمني، قبل أن يتكون الحزب الاشتراكي، وانما من الأحزاب الستة التي شكلت الحزب الاشتراكي فعلى العكس كنا نتجاهل هذا لأن لدينا مصلحة في هذا..
وأكد أن تجاهلهم لهذا ليس لعدم وجود مصلحة فيها، وبالتالي، فنحن جمعنا بين امكانية من يستطيع أن يجمع ملفه، ويقدم اثباتاته، فاللجنة تنظر في قضيته؛ لأن اللجنة لا تستطيع أن تجمع ملفات ليس لها أرشيف في الدولة بل بعضها حتى الشهود لم يعودوا موجودين.
استراتيجية الفشل
وعن كتاباته حول استراتيجية الفشل لحكومة الانقاذ الوطني، أوضح المخلافي، أن المؤتمر الشعبي العام ورئيسه علي عبدالله صالح قبلوا بالاستقالة السلمية للسلطة، وقبلوا بتسليمها، وأن يكون شركاء في السلطة وليس تسليمها بشكل كامل، لكن في الممارسة العملية منعوا كل إمكانيات نقل السلطة.
وأضاف، الوزارة كانت هي الوزير ونائبه فقط، مشيرا إلى أن كل الوزارات باستثناء وزارة الشؤون القانونية التي تم فيها تدوير وظيفي، لافتا إلى أن بعض الوزارات القرار المهم فيها والمؤثر في المؤسسات وليس في الوزارات، مستعرضا المثل بمكتب الثقافة، فتم تعيين وزير ولكن المؤسسات التابعة لها لم يحدث فيها أي تغيير وظلت بكاملها لصالح المؤتمر، وقس على ذلك بقية الوزارة مثل وزارة الصناعة وغيرها..
وأكد أن المشترك كانت لديه وزارات اسمية، أي حقائب وزارية دون وزارات، أو دون أي وجود فعلي، ولذا الغالب منهم آثر السلامة، واشتغل وزيرًا مع من يقبل معه سلطته كوزير ليس إلا، وبالتالي نقل السلطة كان يحتاج قرار وإرادة سياسية، والقرار والإرادة السياسية كانت منوطة بطرفين سياسيين هما المشترك وشركاه، ورئيس الجمهورية.
وتابع، “اللقاء المشترك يكمن قدرته على المشاركة والقدرة على إنفاذ القرار، والضغط باتجاه اصداره، ورئيس الجمهورية اصدار القرار بحكم صلاحياته كرئيس للجمهورية. ولكن مع الأسف هذه التراتيبية التي اتخذها المؤتمر هي سياسة إفشال كل شي، وضرب مثالا على حضور شخص (عبدالقادر هلال) إلى مكتب رئيس الوزراء حينها الاستاذ محمد سالم باسندوة، وقال لباسندوة، لقد عدت للتو من اجتماع مع الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام الزعيم علي عبدالله صالح، وحلف لنا أنه لن يترك هذه الحكومة تضع حجرًا على حجر، وكنت متواجدًا بجوار باسندوة”.
وأضاف، “استغليت الموقف بعدما غادر ذلك الرجل، وقلت للأستاذ باسندوة، أن تقديرك بإمكانية التغيير بموافقة المؤتمر الشعبي العام ومن معه ليس سليمًا، وليس صحيحًا، فيما كان يعتقد باسندوة بامكانية تغيير هؤلاء من خلال حسن النوايا، والطيبة التي كان يتمتع بها، وأنها ستحولهم الى ملائكة”. حسب وصفه.
انقسام المشترك ووحدة المؤتمر
وتطرق الوزير المخلافي إلى الأسباب الجوهرية التي أدت الى انقسام اللقاء المشترك بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني. وأكد المخلافي، أن المشترك نجح حين كان حاملا لمشروع التغيير، حتى قبل تشكيل الحكومة، ولولا ذلك لما حصل الاعتراف اقليميًا ودوليًا بالتغيير والثورة، بل حتى النظام القديم اعترف حينها بنفسه أن آمال اليمنيين يجب أن تحقق، وأن تعترف بها، وأن يحدث تداول سلمي للسلطة.
وأضاف، بعد تشكيل الحكومة بدأ المشترك في التشظي، وذهاب كل قوة نحو مشروعها، ومن الطبيعي أن يحصل الانقسام، لأن أي قوة بلا مشروع سيحصل لها التشظي، لأن قوتها في وحدتها.
وعن أسباب فشل حكومة باسندوة، قال المخلافي، “ربما لو كان باسندوة يتمتع بحزم أقوى، كان على الأقل بيضغط على أحزاب اللقاء المشترك التي أتت به، ونجاح حكومته بوحدتها وموقفها الموحد”. مؤكدا في هذا الصدد أن “اللقاء المشترك لم تقدم أي دعما للحكومة”.
استراتيجية الفشل والخذلان
وأكد المخلافي أن “المؤتمر الشعبي العام اتخذ استراتيجية الفشل، وإفشال كل شيء، بينما اتخذ اللقاء المشترك استراتيجية الخذلان وخذل بعضه بعضًا، مؤكدًا أن “اللقاء المشترك حتى 2012 كان ناجحًا ولا خلاف في ذلك، والقوى المنظمة هي التي أنجحت الثورة، وليس شباب التغيير وحدهم، خصوصًا وأن هناك كان دعما لا نظير له من قبل المجتمع الدولي”.
وأضاف، “لم يحصل أي دعم مثلما حصل للرئيس هادي، حتى أن مجلس الأمن عقد جلسته في صنعاء، وكان هناك تفاعل لا نظير له، والدول الأوروبية كانوا على استعداد لدعم وتمويل العدالة الانتقالية، وغيرها من الأمور، لكن اللقاء المشترك نجح في مشروع الدولة، وفي مشروع العدالة الانتقالية، في الدولة المدنية، دولة القانون، وهذا اللي جعله قوي وقادر على التغيير، عندما انصرفت بعض الاحزاب التي أرادت أن تستأثر، وعادت الى أيديولوجيتها التي كانت قد تخلت عنها، لأن كل الجماعات الدينية تخلت عن ايديولوجيتها، والتخلي هنا كان في التعامل معها، وليس التخلي عنها كليّة باعتبار الايديولوجية عامل مهم للعمل الجماهيري”. حسب وصفه.
تلاشي اللقاء المشترك
وعن وضع اللقاء المشترك بعد مغادرة الرئيس هادي والحكومة ووصولها الى الرياض قال المخلافي، “ذهبنا الى الرياض واللقاء المشترك لم يعد قائم، فحزب الحق ذهب الى الحوثي، وكذا اتحاد القوى الشعبية أو جزء منه والبعث الاشتراكي، ذهبوا كذلك إلى الحوثي، والاصلاح ذهب إلى مشاريعه الخاصة، ولهذا ذهبنا الى الرياض ولم يعد هناك لقاء مشترك، ولهذا استبدل بهيئة استشارية، من غير مفهوم ما هي مهمتها، لأنه كانت مهمتها التحضير لمؤتمر الرياض فقط”.
وأضاف، “حين ذهبنا إلى مؤتمر الرياض كانت الأحزاب قد أرسلت بأسماء أشخاص الى هذه اللجنة، وكنت بمعية الدكتور ياسين سعيد نعمان، فذهبت وهم بموقف عدائي مني، سواء من قبل الرئاسة أو الحكومة، وبعد انتهاء المؤتمر غادرت مدينة جدة إلى القاهرة مع عائلتي”.
وتابع: “بعد وصولي إلى القاهرة اتصل بي رئيس الوزراء الأسبق خالد بحاح، وطلب مني العودة إلى السعودية للعمل، باعتبار أنه قد تفاهم بشأن وضعي مع الرئيس هادي، فعدت وبدأت اشتغل في الوزراة، وفي الحقيقة لم يكن هناك وزارات وإنما مسمى فقط، إذ لا يوجد وزارات ولا قطاعات عامة، وكان فقط الموجود الوزير والمساعدين له، بل لم يكن هناك أي امكانيات للعمل”.
وقال المخلافي، “عملت هناك في الرياض لمدة خمسة أشهر، وتم إعطائي مبلغ عهدة عشرة الف ريال سعودي، من القائم باعمال وزير المالية حينها، وكنت قادر على العمل في قطاع الدولة لسبب بسيط أن القضايا موجودة عندي من قبل، ولدى شركات المحاماة الأجنبية أرشيف أيضا لهذه القضايا، لهذا السبب قلت أنا قادر على العمل في قطاع الدولة فقط”.
المصدر قناة يمن شباب