كريتر نت – متابعات
لم يكن الهجوم الإسرائيلي على منطقة أصفهان (وسط) التي تتمركز فيها المنشآت النووية الإيرانية اعتباطيا، فقد جاء في توقيت مدروس يجعله يمر دون ردود فعل دولية، خاصة في ظل انشغال روسيا وعزلة إيران دوليا بعد تمكينها روسيا من مسيرات كان لها دور مؤثر في مسار الحرب في أوكرانيا.
يأتي هذا وسط تساؤلات بشأن طبيعة الهدف المستهدف في الهجوم، وهل أنه يحوي منشأة نووية أم منشأة لصواريخ فرط صوتية قد تكون إيران حصلت عليها من كوريا الشمالية.
يمكن لروسيا أن تدين الهجوم، لكن من الصعب عليها أن تتدخل بسبب الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على البلاد أمنيا وعسكريا واقتصاديا في حين يستمر الغرب في جمع الأسلحة والأموال لأوكرانيا وفي الوقت نفسه توسيع دائرة العقوبات على روسيا.
وفي ظل الحملة متعددة الأوجه على إيران، وخاصة مشاركتها في الحرب بتوفير المسيرات لموسكو، لن تجد إسرائيل من يقول لها إن ما تقومين به اعتداء ما كان يجب أن يحصل.
وما يلفت الانتباه أن الهجوم الذي تم فيه الاعتماد على المسيرات قد انطلق من داخل الأراضي الإيرانية ليستهدف أصفهان، وهو ما يوحي باختراق إسرائيلي كبير داخل إيران كان قد ساعد تل أبيب على القيام بتفجيرات سابقة وتصفية باحثين وعاملين في المنشآت الإيرانية.
ويبدو أن الهجوم باعتماد المسيرات، التي يصعب التصدي لها، يستنسخ تكتيكات إيرانية كانت استخدمت في استهداف منشآت داخل السعودية انطلاقا من اليمن أو العراق.
وبعيدا عن التصريحات القوية التي دأب المسؤولون الإيرانيون على إطلاقها والتلويح بالانتقام، فإن طهران ستجد صعوبة كبيرة في الرد على هذا الاستهداف الإسرائيلي؛ ذلك أنه من الصعب أن تسمح سوريا لإيران بالرد من على أراضيها، ما قد يحولها إلى أرض لحرب جديدة لا تقوى عليها، وهي التي تكافح للخروج من مخلفات الحرب الأهلية.
يشار كذلك إلى أن الوجود الإيراني في سوريا مكشوف، وكثيرا ما استهدفت إسرائيل مواقع إيرانية في سوريا أثناء عملياتها الجوية، سواء في شكل متدربين أو مجموعات عسكرية أو أسلحة يتم تهريبها إلى حزب الله، بما في ذلك على الحدود بين سوريا والعراق التي تتسلل منها الأسلحة والميليشيات الموالية لطهران.
ويمكن أن تلجأ إيران إلى تحريك حزب الله للرد على الهجوم الإسرائيلي ضمن أسلوبها المألوف باعتماد الرد بالوكالة، أو تلجأ إلى التصعيد غير المباشر مع الخليج من خلال هجمات حوثية جديدة في محاولة للفت الأنظار وإظهار أنها تملك بدائل للرد على استهداف منشآتها.
وفي ظل التكتم الإيراني على طبيعة الهجوم والمنشأة المستهدفة رجح داني ياتوم، الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات (الموساد)، الاثنين أن منشأة أصفهان تنتج صواريخ فرط صوتية.
وقال ياتوم في تصريح لإذاعة الجيش الإسرائيلي “ستكون الصواريخ سريعة، إلى درجة أن أنظمة الدفاع الجوي للدول المتقدمة ستواجه صعوبة في ضربها”.
ويبدو أن الشبكة الإسرائيلية المركبة من منظومة باتريوت أميركية وقبة حديدية إسرائيلية تستطيع التصدي للمسيرات والصواريخ البالستية والكروز الإيرانية، ولكن المسألة مختلفة بخصوص الصواريخ فرط صوتية، لهذا تحركت إسرائيل لاستهداف تصنيعها إيرانيّا.
ويأتي تصريح ياتوم عقب امتناع السلطات الإسرائيلية عن التعقيب على تقارير غربية قالت إن لها يدًا في الهجوم الذي وقع في محافظة أصفهان.
وقال مسؤول أميركي الأحد إن إسرائيل تقف على ما يبدو وراء هجوم بطائرات مسيرة على مصنع عسكري في إيران.
وقالت إيران إنها اعترضت طائرات مسيرة استهدفت مصنعا عسكريا بالقرب من مدينة أصفهان وسط البلاد، مضيفة أنه لم تقع إصابات أو أضرار جسيمة.
ولم يتسن بشكل مستقل التأكد من مدى الضرر الذي نجم عن الانفجار. وأظهر تسجيل مصور بثته وسائل إعلام رسمية إيرانية وميضا من الضوء في السماء وعربات إسعاف في مكان الحادث.
وتهدد إسرائيل منذ وقت طويل بالقيام بعمل عسكري ضد إيران إذا فشلت الدبلوماسية في الحد من برامج إيران النووية أو الصاروخية لكنها تتبع نهج الإحجام عن التعليق على وقائع بعينها.
وقال البريجادير جنرال باتريك رايدر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) “لم تشارك أي قوات عسكرية أميركية في ضربات بإيران”.
وكان المسؤولون الأميركيون يشيرون إلى دور إسرائيلي في الهجوم الذي كانت صحيفة وول ستريت جورنال أول من أورد نبأ بشأنه، وذلك نقلا عن عدة مصادر لم تذكرها بالاسم.
ولم تحمّل طهران أي جهة مسؤولية ما وصفه وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان بالهجوم “الجبان” الذي كان يستهدف إثارة “حالة من عدم الأمن” في إيران. لكن التلفزيون الإيراني بث تصريحات للنائب حسين ميرزاعي قال فيها إن هناك “تكهنات قوية” بأن إسرائيل وراء ذلك.
وإذا كانت إسرائيل مسؤولة عن هذا الهجوم، فستكون هذه هي الضربة الإسرائيلية الأولى التي تستهدف إيران في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ عودته إلى المنصب الشهر الماضي على رأس الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.