كريتر نت – متابعات
ينعقد في باريس اليوم الإثنين لقاء “تشاوري – إداري” خماسي بشأن الأزمة الراهنة في لبنان، يضم إلى جانب فرنسا الولايات المتحدة ومصر والسعودية وقطر، وسط آمال ضعيفة في نجاحه.
ومن غير المنتظر أن يحدد اللقاء أسماء تحظى بالتزكية لتولي منصب رئيس الجمهورية الشاغر منذ مطلع نوفمبر الماضي، إلا أنه سيحدد المواصفات التي من المطلوب أن يتمتع بها الرئيس المقبل. وهي مواصفات من غير المنتظر أن تحظى برضا حزب الله، إلا إذا تمكنت قطر من تمرير إشارات “توافقية”، قد تدفع إلى القبول برئيس يقف في منتصف المسافة بين شروط ومواصفات حزب الله، وبين شروط ومواصفات كتل المعارضة الأخرى، لاسيما المسيحية منها. وهنا يبرز اسم العماد جوزيف عون قائد الجيش اللبناني كشخصية محتملة.
ويقول مراقبون إن اللقاء موعود بالفشل لأن إيران هي العضو السادس في اللقاء ممثلة بقطر، لافتين إلى أن طهران في خضم ما تواجهه من عقوبات بشأن دورها في أوكرانيا والأنشطة السرية لبرنامجها النووي ليست في وضع يسمح لها بتقديم تنازلات تؤدي إلى إضعاف هيمنة حزب الله على مؤسسات البلاد وقرارها الاقتصادي، ولاسيما في مجالات الإصلاحات التي يرى حزب الله أنها تهدد نفوذه.
◙ اللقاء لن يحقق أكثر من القول إن باريس منشغلة بلبنان وترغب في مساعدته وتوفير الفرص له
ورغم ترحيب بعض أطراف المعارضة السنية والمسيحية بعقد اللقاء، على سبيل الاستمرار في إظهار الاهتمام بلبنان، إلا أنها لا تتوقع منه اختراقات تمهّد الطريق للخروج من استعصاء الفراغ الرئاسي الراهن.
وقال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إنه لا يتوقع الكثير من اللقاء الخماسي وأعرب عن تخوّفه من أن “تزيد التوترات الإقليمية والدولية حزب الله تشبُّثاً أكثر بمرشحيه الرئاسيين”.
ووصف النائب بلال الحشيمي اللقاء الخماسي بأنه لقاء “رفع العتب”، وقال “لو كان للخارج نية لإيصال رئيس لكان تم الاستحقاق بين ليلة وضحاها على غرار ما حصل في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل”.
ويقول مراقبون إن باريس تحاول إعادة السعودية إلى لعب دور في لبنان، بعد أن لوحت الرياض في أكثر من مناسبة بأنها قررت تركه لمصيره، بعدما قدمت المليارات، ولم تجن منها إلا التنكر والهجمات.
ولكن ذلك لم يمنع باريس من أن تأْمل في أن تؤدي استعادة الاهتمام السعودي بلبنان إلى توفير غطاء مالي، وربما تسهيلات في مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي.
وأشركت قطر في اللقاء لسببين يمكنهما أن يثيرا حفيظة السعودية. الأول، لأنها “صوت إيران” في اللقاء، والثاني لأن دورها المالي في إعادة بناء الاقتصاد اللبناني أكثر حماسا وأقل اشتراطات من الدور السعودي. كما أن دعوتها إلى المشاركة من دون السعودية، كانت ستعني قبولا بفشل مسبق للقاء.
ويساهم البلدان في دعم ميزانية الجيش اللبناني، وهو ما يكاد يكون الشيء الوحيد المشترك بينهما.
ويقول مراقبون إن قطر تعمل بمفردها في لبنان، وتتجاهل الدور القيادي السعودي السابق وتحاول أن تحل محله.
ولكن الثقل الأكبر جاء من الإعلان عن اتفاق يسمح لقطر بالحصول على حصة 30 في المئة في تحالف التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية، بعد ثلاثة أشهر من توقيع لبنان وإسرائيل اتفاقية الحدود البحرية بوساطة أميركية.
هذه الحصة، بحسب تقديرات المراقبين، يمكنها أن توفر منفذا ضمنيا لتمويلات من المرجح أن تنتهي إلى يد حزب الله. وهو ما يشير إلى دور مضاد للدور السعودي الذي حرص على دعم السنة في لبنان.
وتذهب التوقعات من اللقاء الخماسي (أو السداسي في الواقع) إلى القول إن البيان الختامي سيكون بمثابة “تجميع للمواقف العربية والدولية السابقة الخاصة بلبنان”. إلا أن تنازع الأدوار بين السعودية وقطر، وتشدد حزب الله في مواصفاته للرئيس المقبل وحدود الإصلاحات المنتظرة في عهده، ورفض إيران التخلي عن نفوذها في لبنان، كل ذلك سيعني أن اللقاء لن يحقق أكثر من القول إن باريس منشغلة بلبنان وترغب في مساعدته وتوفّر له الفرص، ولكنها تنتظر من اللبنانيين أن يساعدوا أنفسهم.