كريتر نت – متابعات
أعلنت وزارة العدل التونسية الاثنين عن تشكيل لجنة خاصة للنظر في ملف اغتيالين سياسيين في عام 2013 لم يبت القضاء فيهما بعد، في خطوة قالت أوساط سياسية تونسية إن الهدف منها خلق مسار رقابي يكون قادرا على تفكيك العوائق من داخل الجهاز القضائي التي منعت الحسم في قضية حساسة مرت عليها عشر سنوات كاملة.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن تشكيل لجنة، بمتابعة مباشرة من وزيرة العدل ليلى جفّال، سيقطع الطريق على أي جهة من داخل القطاع القضائي أو من خارجه تحاول التدخل لتعطيل المسار الجديد، معتبرة أن هذا سيضغط بصفة خاصة على حركة النهضة التي تحمّلها لجنة الدفاع عن السياسييْن المعارضين اللذين تم اغتيالهما في 2013 شكري بلعيد ومحمد البراهمي مسؤولية الاغتيال، وخاصة ما تسميه لجنة الدفاع بالجهاز السري للحركة.
لكن حركة النهضة تعتبر أنها مستهدفة، وأن التهم الموجهة إليها فارغة تماما، وفق قول القيادية في الحركة يمينة الزغلامي ضمْن تصريح لـ”العرب”.
ويوافق الاثنين الذكرى العاشرة لاغتيال كل من المعارض اليساري شكري بلعيد ومحمد البراهمي بالرصاص علي يد جهاديين أمام مقرَّيْ سكنَيْهما.
وقررت وزيرة العدل “تكوين لجنة خاصة تعمل تحت إشراف الوزارة ومكلفة بمتابعة ملف الاغتيال ومحاسبة كل من تورط في تعطيل سير الملفات وسعى في طمس الأدلة والتأثير على المسار القضائي”، وفقا لبيان صدر عن الوزارة.
كذلك، قرّرت الوزيرة القيام “بمهمّة تفقد قضائي وإداري شاملة للملفات ذات العلاقة بملف اغتيال الشهيدين، لمتابعة حسن سير الإجراءات بما في ذلك (…) تتبع مسارها الإجرائي بالإضافة إلى رقمنة كامل الملفات وحفظها في محامل إلكترونية”.
وتشير الأوساط السياسية التونسية إلى أن تشكيل لجنة لتفعيل مسار قضية الاغتيالات وتسريع الحسم فيها، ومواجهة العوائق المفتعلة والتدخلات المتعددة، يظهر رغبة حقيقية من الرئيس قيس سعيد في كشف ملابسات هذه القضية للتونسيين وتحديد الجهة التي تقف وراءها سواء أكانت في الداخل أم في الخارج، مرتبطة بأفراد أم بمجموعات متطرفة.
وانتقد الرئيس التونسي عدة مرات “تباطؤ” التحقيق القضائي في هاتين القضيتين.
وفي الذكرى التاسعة لاغتيال شكري بلعيد، قبل عام من الآن، كشف عبدالمجيد بلعيد شقيق القيادي اليساري الذي تم اغتياله في 2013، أنّه التقى رفقة والده بالرئيس سعيد الذي تعهد بالكشف عن حقيقة الاغتيال.
وقال عبدالمجيد بلعيد إنّ قيس سعيد مصرّ على الكشف عمّن قام بالتلاعب بهذه الملفات وساهم في تأخير الحسم فيها وأكد وجود أطراف تسهر على التعامل بجدية مع تلك الملفات.
واغتيل بلعيد والبراهمي على أيدي متشددين بالرصاص أمام مقرَّيْ سكنيْهما، وتحقق السلطات القضائية منذ ذلك الوقت في ملابسات عمليتي الاغتيال وتعقب من تورطوا فيهما.
وتتهم هيئة الدفاع عن بلعيد والنائب السابق في البرلمان البراهمي، حركة النهضة بالضلوع والتستر على أدلة تدين الجناة.
لكن يمينة الزغلامي تقول إن “المشكلة في هذا الملف هي عدم معرفة الحقيقة”، مشددة على وجود “استثمار سياسي في الملف”.
وأضافت القيادية بالحركة في تصريح لـ”العرب” أن “حركة النهضة لا تملك جهازا سريّا، ولو كانت النهضة تملك ذلك لما استطاع الرئيس قيس سعيد حلّ البرلمان، بل هذه فزّاعات وأكاذيب”، لافتة إلى أن “هناك قضاة مستقلين، والحركة اليوم مستهدفة، وحتى عندما كانت سابقا في الحكم كانت أيضا مستهدفة، واليوم يريدون إزاحتها بتهمة الإرهاب”.
وأردفت الزغلامي “فتح هذا التحقيق فيه استهداف لحركة النهضة وأغلب قياديي الحركة وقفوا أمام القضاء وليست هناك إثباتات لتورط الحركة، وحتى القيادي البارز علي العريض الموقوف حاليا ملفّه فارغ ولا توجد فيه إدانة”.
ويشمل التحقيق في هذه القضية أكثر من 30 شخصا، من بينهم موقوفون وسياسيون في حالة سراح، بينما لا يزال عدد من المشتبه بهم في حالة فرار خارج البلاد.
وقال محمد جمور، القيادي في حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (حزب شكري بلعيد)، “نريد الحقيقة وتحديد المسؤوليات والأطراف المتورطة في الملف، والمسؤولية الأخلاقية والسياسية على حركة النهضة، وهذا أمر معلوم”.
ونجحت قوات الأمن في تصفية متشددين كانوا على صلة بعمليتي الاغتيال، ومن بينهم المتهم الرئيسي كمال القضقاضي، في عملية أمنية قضت على ستة إرهابيين كانوا متحصنين معه بمنزل في جهة روّاد قرب العاصمة.
وعام 2014 اعترف منتسبون إلى تنظيم “أنصار الشريعة” المحظور، التحقوا في ما بعد بتنظيم داعش الإرهابي، بارتكاب عمليتي الاغتيال.