كريتر نت – متابعات
أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق حكمًا بعدم دستورية تمديد عمل برلمان كردستان، في خطوة ترفع أي شرعية عن مؤسسات الإقليم وتزيد من إشعال فتيل الخلافات بينه وبين الحكومة المركزية في بغداد.
ويأتي هذا في الوقت الذي يقول فيه الأكراد إن المحكمة الاتحادية تنفذ أجندة سياسية للإطار التنسيقي الذي يسعى لتجريد الإقليم من كل عناصر الحكم الذاتي بالعمل على منعه من حق الاستثمار في آبار النفط والغاز التي على أراضيه، ووقف تحويل الأموال التي يحتاجها لصرف الرواتب.
ومن شأن هذه الخطوة أن ترفع الشرعية عن كل مؤسسات إقليم كردستان، من الحكومة إلى رئاسة الإقليم، وتعيق علاقاته في الداخل وتمنعه من عقد الاتفاقيات الخارجية مهما كان نوعها. وتستمد هذه المؤسسات شرعيتها من البرلمان، وحين تنتهي شرعية البرلمان تسقط كل الشرعيات الأخرى.
وتقول أوساط سياسية كردية إن المحكمة الاتحادية التي اتخذت منذ أيام قرار منع تحويل الأموال إلى الإقليم، كجزء من التزامات الحكومة العراقية تجاه بقية المحافظات، تنسف بذلك حلقات التواصل بين بغداد وكردستان، وتدفع الإقليم إلى التصعيد والعودة إلى خطاب الانفصال.
وتشير هذه الأوساط إلى أن ما يحدث بمثابة انقلاب على مكتسبات الأكراد الدستورية في العراق، وانتقاص من شراكتهم مع الحكومة المركزية، وسعي لوضع اليد على مكاسبهم التي تحققت من خلال العملية السياسية مثلما تحققت لبقية الشركاء شيعةً وسنةً. وتتساءل الأوساط ذاتها عن سر الالتفاف على مكاسب الأكراد دون سواهم؟
وتضيف أن الإطار التنسيقي الحليف لإيران يريد معاقبة الإقليم بسبب مواقفه ورفضه لعب دور الشرطي على حدودها الغربية وعدم الاستجابة لمطالبها بتسليم عناصر كردية معارضة لها، فضلا عن عدم رضاها عن تعاملاته الخارجية.
لكن مراقبين عراقيين يقولون إن سلطة كردستان تمادت في سياسة الهروب إلى الأمام، وإنها تريد أن تحصل من الحكومة المركزية على المكاسب دون أي التزام، وإن قرارات المحكمة الاتحادية تأتي لتعيد الإقليم إلى أرض الواقع، وإن عليه أن يتصرف كجزء من العراق وليس كدولة داخل الدولة.
ولا يُستبعد أن يرفض إقليم كردستان التعامل مع قرار وقف التمديد للبرلمان، لكن ذلك سيزيد من توتير علاقته ببغداد، وسيعطي مبررا قويا لتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية بشأن منع تحويل الأموال إلى الإقليم سواء في شكل رواتب أو في شكل ميزانية سنوية.
ووفقا لوكالة الأنباء العراقية (واع)، فإن المحكمة الاتحادية برئاسة القاضي جاسم محمد عبود حكمت الثلاثاء بعدم دستورية تمديد عمل برلمان كردستان.
وفي وقت سابق أكد الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد على ضرورة الحوار لحل المسائل العالقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان العراق وفق الدستور والقانون بما يحمي مصالح المواطنين.
وبات العراق يفتقد إلى شخصية وفاقية قادرة على الوساطة والمساهمة في حل الخلافات بين الإقليم والمركز، بعد مغادرة الرئيس السابق برهم صالح الذي كان يحوز ثقة جميع الأطراف.
ويمكن أن تهدد الأزمة بين بغداد وأربيل ائتلاف تحالف إدارة الدولة الذي تشكل من قوى الإطار التنسيقي ومعظم القوى السياسية السنية والكردية خلال فترة مفاوضات تشكيل حكومة السوداني التي نالت ثقة مجلس النواب في أكتوبر الماضي بعد أزمة سياسية تجاوزت العام.
وأقر المؤتلفون تفاهمات تقضي بحل الملفات الخلافية بين حكومة الإقليم في أربيل والحكومة الاتحادية في بغداد بشأن نصيب كردستان من موازنة عام 2023 وآليات تصدير النفط المستخرج من الإقليم وحصته منه، إضافة إلى إقرار قانون النفط والغاز.
وقبل أيام قليلة أثار قرار المحكمة الاتحادية العليا في بغداد إلغاء التحويلات المالية إلى كردستان جدلا واسعا في الإقليم وسط مطالبات بانسحاب القوى الكردية من العملية السياسية وتقديم الاستقالة من حكومة محمد شياع السوداني.
وقضت المحكمة الاتحادية، وهي أعلى هيئة قضائية في العراق، الأربعاء الماضي بعدم دستورية إرسال مجلس الوزراء الاتحادي مبالغ مالية لتمويل رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام في إقليم كردستان.
واعتبر الخبير القانوني أمير الدعمي في تصريحات صحفية أن “قرار المحكمة الاتحادية الأخير استند على القرار 59 بخصوص الأموال التي تُجبى من تصدير نفط إقليم كردستان دون الرجوع إلى الخزينة المركزية”، مشيرا إلى أن هذا القرار اشترط أن تكون هذه الأموال راجعة إلى خزينة الدولة بالحكومة الاتحادية مقابل إرسال الأموال من الحكومة الاتحادية إلى كردستان.
وسبق أن أصدرت المحكمة الاتحادية في فبراير الماضي قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان، الصادر عام 2007، وإلغائه لمخالفته أحكام مواد دستورية، فضلا عن إلزام الإقليم بتسليم إنتاج النفط إلى الحكومة الاتحادية.
وردا على القرار الأخير الصادر بالمحكمة، وجه زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني رسالة إلى الرأي العام اتهم فيها المحكمة الاتحادية بتنفيذ أجندات مشبوهة.
ودعا بارزاني الحكومة الاتحادية والأطراف المكونة لائتلاف إدارة الدولة إلى تبيين مواقفهم حيال ما وصفه بانتهاكات المحكمة ضد مصالح العراق وإقليم كردستان.
وأشار في رسالته إلى أن المشاركة في ائتلاف إدارة الدولة وتشكيل الحكومة الجديدة كانت قائمة على برنامج واضح ومفصّل ومتفق عليه بين جميع الأطراف، مشددا على أن استحقاقات الإقليم هي حق مشروع لشعب كردستان، وجزء من البرنامج الذي تم الاتفاق عليه.