كريتر نت – متابعات
تدور منذ أيام نقاشات حادة بين صحفيين جنوبيين وسياسيين سعوديين على خلفية وضع وادي وصحراء حضرموت واستمرار تمركز قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة لحزب الإصلاح، الفرع المحلي لتنظيم الإخوان فيها، بالتزامن مع تزايد العمليات الإرهابية والانفلات الأمني.
وحاولت مليشيا الحوثي الإرهابية، الذراع الإيرانية في اليمن، استغلال هذه النقاشات التي أخذت منحى الاستهداف المباشر وتوجيه الاتهامات خاصة من الجانب السعودي، لضرب العلاقات بين المجلس الانتقالي الجنوبي، والمملكة العربية السعودية التي تقود تحالفاً عربياً يسعى لإنهاء هيمنة إيران على اليمن، لكن هذه النقاشات لم تمنع الجنوبيين من توجيه صفعة للحوثيين تؤكد على متانة تحالف الجانبين للقضاء عليهم.
النقاشات بين الجنوبيين والسعوديين كان سببها تحركات للقوات الجنوبية من أجل وضع حد لجرائم قوات المنطقة الأولى ورفضها تنفيذ اتفاق الرياض بشأن التوجه إلى الجبهات لقتال الميليشيات الحوثية، وكذا استجابة للمطالب الشعبية التي تطالب بتمكين أبناء حضرموت وقوات النخبة من تأمين مديريات الوادي والصحراء.
واعتبر سياسي سعودي يدعى علي العريشي، في تدوينة له، هذه التحركات تهديداً لأمن المملكة العربية السعودية، وهو ما اعتبره الجنوبيون استهدافاً وتشكيكاً في نوايا القوات الجنوبية التي أعلنت مراراً وتكراراً أنها جزء لا يتجزأ من قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ليتساءل حينها الصحفي ورئيس تحرير اليوم الثامن، صالح أبو عوذل، عن ما إذا كان العريشي يرى في قوات المنطقة الأولى الإخوانية التي ترفض توجيهات التحالف العربي مصدر أمان له والقوات الجنوبية التي سجلت الانتصارات الوحيدة على ذراع إيران مصدراً للخطر.
العريشي لم يتوقف عند هذا الحد، بل ذهب إلى وصف التحركات الجنوبية بأنها محاولة لإثارة الفوضى في مديريات وادي وصحراء حضرموت التي تعيش في الأساس انفلاتاً أمنياً بسبب رعاية المنطقة الأولى للإرهاب حسبما كشفت تقارير أمنية وصحفية، وهو ما دفع أبو عوذل ومعه عدد من السياسيين والصحفيين إلى الرد على هذه المزاعم وعدم تجاهلها خاصة مع دخول سياسيين ونشطاء سعوديين ينتمون لتنظيم الإخوان على رأسهم سليمان العقيلي، لدعم ما يطرحه العريشي من مزاعم.
ولم تفلح محاولات بعض الأصوات المعتدلة في السعودية من نشطاء وصحفيين وسياسيين في احتواء الموقف وإنهاء النقاش الذي تحول إلى اتهامات استغلتها قوى الإخوان ومن ورائهم ميليشيا الحوثي الإرهابية في محاولة ضرب علاقات المجلس الانتقالي الجنوبي بالقيادة السعودية، خاصة مع إطلاق هاشتاج يتهم الجنوبيين المؤيدين للمجلس الانتقالي بالعمالة لميليشيا إيران في لبنان تحت مسمى “بقايا الضاحية الجنوبية”، وهو ما رد عليه الجنوبيون بإطلاق هاشتاج آخر يكشف العلاقة بين هؤلاء السياسيين وتنظيم الإخوان الإرهابي المحظور في السعودية.
تصاعد هجوم إخوان السعودية على الجنوب وتحديداً المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك الأبرز في مجلس القيادة الرئاسي، دفع رئيس هيئة التشاور والمصالحة المساندة لمجلس القيادة الرئاسي، ورئيس دائرة الشؤون الخارجية بالانتقالي الجنوبي محمد الغيثي إلى دعوة الأشقاء في دول التحالف العربي إلى مراجعة وضبط الخطاب الإعلامي والسياسي لبعض وسائل الإعلام والناشطين والكتاب البارزين، مشدداً على أن استمرار هذا التخبط الإعلامي دون موجهات دقيقة يسهم في إفشال جهود تماسكنا، ووحدة الصف لمواجهة ميليشيات الحوثي.
وقال “نبذل الجهود لضبط خطاب القوى السياسية في الداخل، وهذه مهمة صعبة للغاية، لا يجب أن يشوبها خطاب إعلامي غير دقيق من الخارج، حيث اعتقد البعض أن ذلك يمثل توجه مؤسسات أشقائنا، وهذا بلا شك غير صحيح”.
ورغم ذلك استمر الهجوم من إخوان السعودية على نشطاء وقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، تحت عبارة “بقايا الضاحية الجنوبية” التي حملت اتهامات بالخيانة والعمالة للقوات الجنوبية بمختلف تشكيلاتها.
الميليشيات الحوثية حاولت استغلال هذا الخلاف للتشكيك بالعلاقة بين الانتقالي والسعودية، وظهر القيادي الحوثي المعين محافظاً لذمار، محمد البخيتي، في تدوينة له بتويتر، يزعم أن السعودية تعاملت مع الانتقالي كخزان بشري للقتال في صفها وليس كحليف، وأنه لا يستبعد أنها قد تستبدل قوات الانتقالي بقوات درع الوطن التي تم تشكيلها حديثاً.
وذهب البخيتي إلى تحريض الانتقالي على السعودية من خلال دعوته للسيطرة على ما أسماه القرار والموارد التي يزعم أنها بيد السعودية، متصوراً أن العلاقة التي تربط السعودية بالانتقالي شبيهة بالعلاقة التي تربط جماعته بإيران، متناسياً أن الانتقالي بات سلطة شرعية معترفاً بها دولياً على عكس جماعته التي ما زالت تعتبر ذراع إيرانية إرهابية تهدد أمن المنطقة والعالم.
حملات إخوان السعودية وتحريضهم على الانتقالي لم تمنع الجنوبيين من الرد على البخيتي وإبلاغه بأنهم رغم هذه النقاشات فإنهم سيظلون إلى جانب المملكة التي امتزجت دماء جنودها بدمائهم في قتال مشروع إيران وتحقيق أول انتصار على طهران في المنطقة، مؤكدين أن نهايتهم باعتبارهم ذراع إيران أصبحت قريبة.
وأكد السياسيون؛ أبو عوذل وسعيد بكران وحسين حنشي في أكثر من مناسبة قناعتهم بأن ما يطرحه بعض الساسة السعوديين لا صلة له بالعلاقة العميقة التي تربط قيادة المملكة بالانتقالي، متهمين في الوقت نفسه مسؤولين لهم ارتباط بإخوان اليمن بالوقوف وراء هذه الحملات التي تستهدف الجنوب.