كريتر نت – متابعات
يأتي الإنفاق الضخم لأندية البريميرليغ بالتوازي مع تسجيل إيرادات قياسية من حقوق بث الدوري بين عامي 2022 و2025. مقابل ذلك، انخفض الإنفاق على الانتقالات في باقي الدوريات الأوروبية الكبرى من 396 مليون يورو خلال نافذة يناير 2022 إلى 255 مليون يورو في الميركاتو الأخير، ما زاد الاتهامات للكرة الإنجليزية. ولاقى البذخ الإنجليزي اعتراض عدد من الفاعلين في الدوريات الأخرى.
وحذر ألكسندر تسيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) من أن العديد من الأندية الأوروبية “تهدد استدامتها الاقتصادية” بسبب الزيادة المستمرة في رواتب اللاعبين والتي ارتفعت في المتوسط بنسبة 16 في المئة مقارنة بمستويات ما قبل جائحة كوفيد – 19.
وأصدرت الجهة المنظمة للعبة في أوروبا مراجعة شاملة لمشهد تمويل كرة القدم في القارة سلطت الضوء على عودة الرياضة إلى الحياة الطبيعية بعد التحديات الاقتصادية لوباء كورونا.
وقال التقرير إن الإيرادات عبر ما يقرب من 150 ناديا ارتفعت بمتوسط 4.6 في المئة بينما كانت إيرادات الرعاية والأنشطة التجارية أعلى بنسبة 13 في المئة من مستويات ما قبل الوباء وذلك بعد أن فقدت سبعة مليارات يورو (7.49 مليار دولار) خلال الجائحة.
ومع ذلك، كان هناك قلق بشأن ارتفاع تكاليف التشغيل بنسبة 11 في المئة بينما زادت تكاليف التمويل بنسبة 18 في المئة وكانت رواتب اللاعبين السبب الرئيسي. وقال تسيفرين “رغم اضطرابات لا سابق لها في السنوات الأخيرة، استمرت الرواتب في النمو، حيث ارتفعت في المتوسط بنسبة 16 في المئة مقارنة بمعايير ما قبل الوباء.
إنفاق الأندية الإنجليزية الكبيرة بسخاء لافت يعكس بلا شك وضعها المالي الممتاز قياسا ببقية الدوريات القارية الأخرى
رواتب لاعبي الدرجة الأولى على سبيل المثال زادت بأكثر من الضعف خلال العقد الماضي. وعلى الرغم من أن هذا ليس اتجاها سلبيا في حد ذاته، فمن الواضح أن الكثيرين يهددون استدامتهم الاقتصادية في سعيهم المتهور لتحقيق النجاح”.
وأظهر التقرير زيادة بنسبة 108 في المئة في رواتب اللاعبين على مدى السنوات العشر الماضية واستمرت في الارتفاع منذ عام 2019 على الرغم من انخفاض الإيرادات خلال الوباء. وقال “يويفا” أيضا إن فترة الانتقالات في يناير هيمنت عليها الأندية الإنجليزية التي شكلت حوالي 31 في المئة من نشاط الانتقالات العالمي. وأنفقت الأندية الإنجليزية ما مجموعه 830 مليون يورو (887.77 مليون دولار) في فترة الانتقالات الشتوية بينما ربحت 100 مليون يورو فقط. وتختلف الأرقام عن تقرير الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” الذي قال إن الأندية الإنجليزية أنفقت 898.6 مليون دولار الشهر الماضي.
انتقالات قياسية
حطمت نافذة الانتقالات الشتوية 2023 الأرقام القياسية في الإنفاق بصرف الأندية لـ1.57 مليار دولار (نحو 1.46 مليار يورو) في يناير الماضي، وهي مبالغ لم يتم إنفاقها من قبل في كرة القدم وفقا لأرقام نشرها الاتحاد الدولي للعبة.
وأوضح الاتحاد الدولي أن الأموال التي أنفقتها الأندية، وخصوصا الإنجليزية وتحديدا تشيلسي الذي دفع أموالا طائلة في الأسابيع الأخيرة من الشهر الماضي، تجاوزت الأرقام التي سُجلت قبل انتشار فايروس كورونا بزيادة 230 مليون دولار عن الرقم القياسي السابق الذي يعود تاريخه إلى يناير 2018.
وأكد الاتحاد الدولي في بيان أن الأندية الإنجليزية وحدها استحوذت على 57.3 في المئة من إجمالي الإنفاق العالمي في يناير بقيمة 898.6 مليون دولار (835 مليون يورو). ولم يقدم “فيفا” تقريرا عن كل نادٍ على حدة، لكن إنفاق تشيلسي لأكثر من 300 مليون يورو هذا الشتاء (تعاقد على الخصوص مع الأوكراني ميخايلو مودريك، الأرجنتيني إنسو فرنانديس، الفرنسي بونوا بادياشيل ونوني مادويكي…) أدى بشكل خاص إلى تضخيم أرقام إنجلترا. وتعد فرنسا ثاني أكبر دولة إنفاقا حيث استثمرت أنديتها 131.9 مليون دولار (122.5 مليون يورو). كما تم تحطيم الرقم القياسي في عدد الصفقات في نافذة الشتاء حيث تم تسجيل 4387 صفقة دولية لدى الرجال.
وسجّلت الأندية البلجيكية الـ25 المحترفة في الدرجتين الأولى والثانية خسارة صافية قياسية بلغت 156 مليون يورو في موسم 2021 – 2022، حسب أرقام اتحاد كرة القدم الصادرة هذا الأسبوع. وهذا رقم قياسي يتخطى الرقم السابق البالغ 140 مليون يورو خلال موسم 2020 – 2021، وفق ما ذكرت صحيفة “إيكو”.
ويتصدر أنتويرب قائمة الأندية الأكثر تعرضا للخسارة بواقع 31.5 مليون يورو. وحافظ مالكه بول غيسنز رئيس مجموعة “غيلامكو” العقارية على استقرار النادي ماليا من خلال ضخ رأس مال بلغ 115 مليون يورو بين 2019 و2022، حسب الأرقام المنشورة على الإنترنت. وتمّ ضخ أكثر من نصف مليار يورو من رؤوس الأموال في مجمل الأندية البلجيكية خلال الفترة عينها.
ووحدها أربعة أندية خرجت بنتائج إيجابية هي بروج، شارلروا، كورتريه وأندرلخت الذي عمل على تنفيذ خطة إنقاذ مالية، فيما سجّلت باقي الأندية نتائج مالية سلبية. وتتضمن هذه الأرقام نظاما جديدا للقواعد الأوروبية والبلجيكية يهدف إلى وضع قيود صارمة على الأندية بغية إعادة ترتيب حساباتها المالية. وتتعلق قوانين اللعب المالي النظيف على وجه الخصوص بأقسى الخسائر المصرح بها والتي يمكن تعويضها جزئيا عن طريق عمليات ضخ رأس المال.
إنفاق سخي
وكان من المرشح أن يرتفع رقم الإنفاق السخي أكثر لو أن أندية قوية مثل باريس سان جرمان أو ريال مدريد أو برشلونة ويوفنتوس الإيطالي عقدت صفقات في الميركاتو الشتوي، بل إن مانشستر سيتي الإنجليزي تابع الميركاتو الشتوي دون أن يُبادر بعقد صفقات، ولم يضم لاعبين جددا إلى صفوفه، حيث فضّل مدربه الإسباني بيب غوارديولا الذي يُعرف بإنجاز الصفقات الكبيرة في كل موسم، التخلّي عن بعض اللاعبين وعدم دخول سوق الانتقالات، مكتفيا بالرصيد الحالي. كذلك، لم يدخل نادي باريس سان جرمان الميركاتو الشتوي، رغم أنه كان قريبا من ضمّ لاعبين اثنين.
وهذا الرقم الجديد لا يعني توزيعا عادلا بين الدوريات الأوروبية المختلفة، ذلك أنّ الأرقام التي رافقت الصفقات التي أنجزتها الأندية الإنجليزية، تجاوزت بقية أندية الدوريات الأخرى مجتمعة؛ أي إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا، بل لا يُمكن مقارنة الإنفاق في إنجلترا ببقية الدوريات الأوروبية، وخاصة إيطاليا وإسبانيا، حيث بلغ حجم إنفاق 20 ناديا في البريميرليغ 828 مليون يورو، أي قرابة 80 في المئة من حجم الإنفاق المُسجل في الميركاتو الشتوي لعام 2023.
وكان تشيلسي مساهما بقوة في هذه الصفقات والأرقام القياسية في سوق الانتقالات بعد أن أنفق وحده قرابة 400 مليون يورو في الميركاتو الشتوي، محطما الرقم القياسي في إنجلترا المُسجل سابقا باسم الإنجليزي جاك غريليش عندما انتقل في 2021 إلى مانشستر سيتي قادما من أستون فيلا عقب تعاقد النادي مع الأرجنتيني إنزو فيرنانديز قادما من بنفيكا البرتغالي برقم قياسي قارب 130 مليون يورو.
وبلا شك، يعكس إنفاق الأندية الإنجليزية بسخاء كبير وضعها المالي الممتاز قياسا ببقية الدوريات الأخرى، وخاصة إسبانيا وإيطاليا، في وقت يبدو فيه أنّ باريس سان جرمان اختار عدم عقد صفقات قوية في الميركاتو الشتوي، بما أنّ مدربه الفرنسي كريستوف غالتيه يثق بالمجموعة التي يملكها، بينما يعلم الجميع الصعوبات التي تُحاصر الأندية الإسبانية بسبب قوانين الرابطة وتحديد سقف الإنفاق وقوانين اللعب المالي النظيف. أما الأندية الإيطالية فلم تعد قادرة على المنافسة في الميركاتو، بل هي تخسر نجومها سنويا.
وتستمد الأندية الإنجليزية قوتها من الموارد المالية القياسية التي تحصل عليها، وخاصة من حقوق بثّ المباريات في العالم، حيث أبرمت رابطة البريميرليغ عقودا بأرقام قياسية تضمن لها الحصول على عائدات مالية كبيرة للغاية تُساعد الأندية على دعم ميزانياتها والدخول في صفقات قوية لانتداب نجوم أندية من الصف الأول في أوروبا. ولم تشهد الأرقام الخاصة بحقوق البث التلفزيوني تطورا مهما في بقية الدوريات.
واتهم الدوري الإنجليزي الممتاز مانشستر سيتي بارتكاب مخالفات مالية، وتتعلق الاتهامات بالمعلومات المالية الخاصة بالمزايا ومكافآت المدربين واللاعبين، وأنظمة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وخلال هذا التقرير نستعرض أهم الأسئلة التي تدور في عقول المتابعين بالنسبة إلى القضية المطروحة بشأن السيتي، والإجابة عليها.
كما أوضح الدوري الإنجليزي في بيانه أن مانشستر سيتي لم يقدم “معلومات حقيقية” حول مواضيع مختلفة مثل راتب المدرب لمدة أربع سنوات ودخل النادي بما في ذلك الرعاية، بالإضافة إلى عدم الامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من حيث “اللعب النظيف” المالي والترخيص، ولا قانون الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث الربح والاستدامة.
مواضيع مختلفة
كما يتهم النادي الإنجليزي بعدم تقديم “المعلومات والوثائق اللازمة” للتعاون في التحقيق بين عامي 2018 و2023. والاتهامات بشكل عام هي أن السيتي بالغ في الإيرادات وقلل من التكاليف، مما سمح للنادي بالتحايل على اللعب المالي النظيف.
ويوضح كيران ماغواير الأستاذ ورئيس البوابة الاقتصادية “الاتهامات بشكل عام هي أن السيتي بالغ في تقدير الإيرادات والتكاليف التقديرية، الأمر الذي سمح له بالامتثال لقواعد اللعب المالي النظيف نتيجة لذلك”. وفي هذين التاريخين فاز مانشستر سيتي بثلاثة ألقاب في الدوري الإنجليزي الممتاز، وكأس الاتحاد الإنجليزي وثلاثة ألقاب كأس كاراباو.
وقال ماغواير في تصريحات لصحيفة “ماركا” الإسبانية إن “لجنة ستنظر في الأدلة من كلا الطرفين ثم يصدر قرار ويمكن أن يكون أي شيء مثل مطالبته بسحب الألقاب أو خصم النقاط أو هبوط النادي”. وبحسب معلومات من وسائل إعلام بريطانية مثل “ذا تايمز” و”ديلي ميل”، فإن مانشستر سيتي في حال إدانته سيواجه سلسلة من العقوبات المحتملة بما في ذلك خصم النقاط. وتؤكد صحيفة “ذا صن” أن “العقوبات المحتملة الأخرى تشمل منع الانتقالات، وتحديد الإنفاق وحتى التجريد من الألقاب السابقة، على الرغم من أن الوضع غير مسبوق”.
وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها مانشستر سيتي للاتهامات، وحدث من قبل في فبراير 2020 حيث فرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عقوبات على النادي لمدة عامين دون أن يتمكن من المشاركة في المسابقات الأوروبية لكسر قواعد اللعب المالي النظيف من خلال تقديم مخالفات في دخل الرعاية. واستمرت القضية عدة أشهر حتى قررت محكمة التحكيم الأوروبية في يوليو 2020 رفع العقوبة على الرغم من حقيقة أن تسعة أندية في الدوري الإنجليزي بما في ذلك تشيلسي وليفربول ومانشستر يونايتد وأرسنال وتوتنهام هوتسبير طلبت من المحكمة إعادة النظر في الحكم.
كما شهدت كرة القدم النسائية تسجيل أرقام قياسية جديدة في عدد الانتقالات والتي بلغت 341 صفقة، أي بزيادة 58.7 في المئة مقارنة بشهر يناير 2022، وكذلك في القيمة الإجمالية لرسوم الانتقالات حيث تم إنفاق إجمالي 774300 دولار أميركي.
وبينما تصدّرت كولومبيا قائمة الدول المستقبِلة للاعبات في الانتقالات الدولية بإجمالي 35 انتقالا، تقاسمت الولايات المتحدة والسويد المركز الأول على قائمة الدول المصدِّرة، إذ انتقلت من كل منهما 26 لاعبة. يُذكر أن هذه هي السنة الثالثة على التوالي التي ينشر فيها “فيفا” تقريره الموجز بُعيد اختتام نافذة الانتقالات الشتوية في يناير بهدف تقديم إضاءات على سوق الانتقالات الدولية في فئتي الرجال والسيدات.