كريتر نت – العين الإخبارية
“من الأسفل إلى الأعلى”، استراتيجية جديدة وخارج الصندوق انتهجتها منظمات المجتمع المدني في اليمن، لمعالجة تبعات النزاعات المحلية الناتجة عن استمرار حرب الحوثيين.
الاستراتيجية المبتكرة تقوم على أساس مواجهة النزاعات المحلية وحلها عبر تدخلات لمشاريع خدمية صغيرة في طبيعتها، لكنها كبيرة بتأكيدها لدور المجتمع وسعيه لضمان وتأمين السلام المجتمعي.
فمن خلال مشروع “بناء السلام التصاعدي”، الذي تنفذه مؤسسة “PASS- سلام لمجتمعات مستدامة” بالشراكة مع منظمة “سيفرورلد”، تم تشكيل ما يعرف بـ”مجالس سلام شبابية” في الأحياء الشعبية ومديريات العاصمة المؤقتة بعدن، لتعزيز السلام المحلي.
الشباب.. صناع السلام
تقول مسؤول المتابعة والتقييم بالمشروع في مؤسسة “PASS- سلام لمجتمعات مستدامة”، شاهيناز باموسى، إن مشروع “بناء السلام التصاعدي” ركَّز على فئة الشباب، باعتبارها الفئة الأكثر تداخلا في المجتمع، وقريبة من مشاكل الناس وتعاني منها هي أيضا.
وأضافت باموسى في تصريح لـ”العين الإخبارية”، أن مفهوم “السلام التصاعدي” يقصد به بناء السلام من القاعدة الشعبية، وإشراك المواطنين في حل قضاياهم ومواجهتها، وهي مشاكل وقضايا معظمها ناتج عن استمرار الحرب في البلاد.
شاهيناز باموسى أكدت أن تركيز صناعة السلام انطلاقا من الأسفل أو من المجتمع المحلي، يختلف عن مساعي الساسة وصناع القرار في مراكز الدولة العليا، الذين يسعون إلى فرض السلام من الأعلى إلى الأسفل، ومن هنا تكمن أهمية هذا المشروع واختلافه.
وأشارت إلى أن الجولة الأولى من المشروع بدأت بتشكيل مجالس سلام شبابية، مكونة من 6 أشخاص شباب في كل مجلس، بواقع مجلس سلام في كل مديرية، وتم اختيار 4 مديريات من 8 مديريات تتكون منها عدن، والمديريات المختارة هي: دارسعد، المنصورة، خورمكسر، وصيرة.
خطوات مدروسة
مسؤولة التقييم والمتابعة لفتت إلى المضي في تفاصيله عبر خطوات واعية ومدروسة، من خلال تأهيل أعضاء مجالس السلام المحلية في مجالات ذات احتياج لديهم، مثل “كتابة مقترحات المشاريع، وكتابة تقارير الإنجاز، وميزانية المشاريع، وحساسية النزاع في بناء السلام”.
وتابعت: “عقب التدريب نفذ أعضاء مجالس السلام الشبابية لقاءات مع المسؤولين الحكوميين في المجالس المحلية واللجان المجتمعية بالمديريات المستهدفة، لمعرفة أبرز احتياجات كل مديرية من المشاريع”.
مجالس السلام الشبابية توصلت بعد كل ذلك إلى تحديد الاحتياجات داخل كل مديرية، بما يتوافق مع معايير المنحة المالية المقدمة من مؤسسة PASS ومنظمة سيفرورلد، بحسب باموسى.
المسؤولة في المشروع كشفت عن المواصفات المتناسبة مع طبيعة المشروع، وأبرزها أن يكون التدخل خدميًا وتنمويًا، ويخدم أكثر من 300 شخص في منطقة جغرافية أو حي من أحياء كل مديرية تكون ذات احتياج كبير لمثل هذا التدخل.
تدخلات متنوعة
تنوعت المشاريع المنفذة والتدخلات الخدمية لمجالس السلام الشبابية في عدن، ففي مديرية صيرة كانت التدخلات صحية، من خلال دعم مجمع القطيع الصحي بأجهزة طبية لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
أما في مديرية المنصورة فكان المشروع عبارة عن إنشاء تغطية مناهل للصرف الصحي، وتم اختيار مشروع كهذا كونه مشروعًا مُلحًا بعد سقوط أطفال داخل تلك المناهل ووفاتهم، نتيجة افتقارها للأغطية المناسبة.
مجلس السلام بمديرية خورمكسر اختار إحدى المدارس في حي النصر الذي لا تتوفر فيها شبكة مياه، وأعاد تشغيل إحدى الآبار المهملة داخل المدرسة وصيانته وترميمه، لتوفير مياه شرب للطلاب، وتوصيل إمدادات البئر إلى حمامات المدرسة.
وغير بعيدٍ عن هذه الفكرة، شهدت مديرية دار سعد مشروع استهداف مدرستين بثلاجات مياه، في ظل عدم قدرة الطلاب المنتمين للمناطق القريبة من المدرستين على شراء المياه؛ نتيجة ظروفهم المعيشية الصعبة.
وتجاوزت كل المشاريع احتياجات ومعايير المنحة المالية التي اشترطت استفادة أكثر من 300 شخص من المنحة، وأن تكون خدمية وتنموية، لكن المستفيدين من كل المنح تجاوزوا الآلاف في كل المشاريع، ما يشكل نجاحا لافتا لهذه التدخلات.
يذكر أن مشروع “بناء السلام التصاعدي” ينفذ أيضا في عدد من مديريات محافظة تعز (جنوبي اليمن).
وشهد المشروع جلسات تبادل خبرات بين المشاركين في المشروع من محافظتي عدن وتعز، تهدف إلى تحسين وتطوير التدخلات الخدمية والتنموية للمشاريع، وتعزيز دور الشباب في السلام المحلي.