كريتر نت – متابعات
أثار إعلان حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس منح مساعدات مالية إلى تركيا لدعمها في إعادة إعمار المدن المتضررة من الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب البلاد الأسبوع الماضي، مخلفا الآلاف من الضحايا، غضبا في ليبيا، واتهامات لرئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة بإنفاق أموال الدولة من أجل تحقيق مصالحه والبقاء في السلطة على حساب مصلحة البلاد.
وتفجر هذا الغضب عقب إعلان وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، في مؤتمر صحافي مع نظيرها التركي مولود جاويش أوغلو، الاثنين الماضي، أن بلادها ستخصص 50 مليون دولار دفعة أولى للمساهمة في إعادة إعمار تركيا، معتبرة أن الأخيرة “ساندت الشعب الليبي في الكثير من المواقف”، ومشيرة إلى أنّ من الضروري “مساعدتها والتآزر معها في هذه الأوقات الصعبة ووقت الكوارث الطبيعية”.
لكن هذا “السخاء” أثار موجة غضب بين العديد من الليبيين، إذ اعتبر الكثيرون أن ليبيا ضحية للفوضى وتفتقر بشكل كبير إلى البنية التحتية، وأكد آخرون أن ليبيا كلها بحاجة إلى إعادة إعمار، مذكّرين بأن النازحين بسبب الحرب في طرابلس لم يتم إسكانهم أو تعويضهم بعدُ.
وانتقد الغاضبون إخفاق نظام الرعاية الصحية في البلاد، إذ إن الليبيين يتلقون العلاج في تونس والأردن ومصر، لكن هذه المستشفيات ترفض الآن استقبال الذين يعانون من مرض خطير لعدم سداد الدولة الليبية ديونا تقدر بالملايين من الدولارات.
وتساءل آخرون عن عدم تقديم حكومة الدبيبة دعما مماثلا لسوريا المتضرّرة كذلك من الزلزال.
وقال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أحمد حمزة في تصريح صحافي إن “توظيف حكومة الوحدة الوطنية للكوارث الإنسانية لأهداف سياسية، وعلى حساب احتياجات أبناء الوطن عمل مرفوض”.
وأضاف “يجب التفريق بين عمليات الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية لمنكوبي الزلزال في تركيا وسوريا، وبين عملية إعادة الإعمار”، مشيرا إلى وجود 6 مدن ليبية والآلاف من منازل المواطنين المدمّرة، إلى جانب عشرات الآلاف من النازحين والمهجرين، يحتاجون إلى مساعدة وتدخلّ عاجل، كما أنّهم أولى بصرف الملايين من الدولارات عليهم وليس على إعادة الإعمار في تركيا.
ودعا حمزة الأجهزة الرقابية والسلطة القضائية إلى التصدّي لـ”عبث حكومة الوحدة الوطنية بمقدرات وأموال الشعب الليبي لتحقيق مكاسب سياسية”.
واعتبر عضو ملتقى الحوار السياسي أحمد خليل الشركسي أنّ تركيا ذات الدخل القومي الذي يناهز دخل ليبيا بأضعاف، وذات التحالفات القوية، “ليست بحاجة إلى بلد منهك اقتصاديا وسياسيا”، مؤكدّا أنّ بلاده هي التي تعاني آثار زلزال سياسي وفساد، ويعاني شعبها من مختلف الأمراض ويجلس أمام سفارات الدول الأجنبية طمعا في سداد ديون علاجه.
وقال الشركسي في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك “لو كان أمر الصرف محتوما، فإن سوريا أولى بهذا المبلغ”.
ورأى حسن الصغير، وكيل وزارة الخارجية في الحكومة المؤقتة السابقة، أنّ منح المنقوش هبة مالية بقيمة 50 مليون دولار إلى تركيا يستهدف “تمويل حملة أردوغان الانتخابية”، وتحدث عن وجود وعود بدفع حكومة الدبيبة نصف مليار دولار خلال 6 أشهر، مشيرا إلى أن مدينة بنغازي مسقط رأس وزيرة الخارجية أولى بإعادة الإعمار.
ونشر ناشطون صورا أظهرت تهالك البنية التحتية في المدن الجنوبية، ووثّقت حالة الطرقات المهترئة التي يرجع تاريخ إنشائها إلى ستينات القرن الماضي، وقالوا إن “جنوب ليبيا أحقّ بهذه الأموال من جنوب تركيا”.
وكانت ليبيا من أولى الدول التي أرسلت مساعدات غذائية وطبيّة وفرق إنقاذ إلى تركيا، كما أطلقت حكومة الدبيبة حملة شعبية لجمع التبرّعات لضحايا الزلزال في تركيا وسوريا.
وقال متحدث باسم اللجنة إن الحملة التي ترعاها الحكومة “ستكون عبر عدة نقاط تبرعات ستوزّع في ميدان الشهداء عند المداخل المخصصة للمواطنين”.
وأفاد بأنه “تمّت برمجة الاحتفال حتى يراعي الظروف الدولية تضامنا مع الشعب التركي والسوري في هذه المحنة، حيث سيتضمن برنامج عرض عسكري رمزي يخلّد تضحيات الشهداء”.
وفي السادس من فبراير الجاري ضرب زلزالان متتاليان بقوة 7.7 درجة و7.6 درجة جنوب تركيا وشمال سوريا، وتسببا بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.
ومنذ وقوع الزلزال، أعلنت أكثر من 16 دولة عربية إنشاء جسور جوية وتقديم مساعدات إغاثية وطبية عاجلة وتدشين حملات تبرع لدعم تركيا وسوريا، أبرزها المغرب والسعودية وقطر والكويت والإمارات ومصر ولبنان والجزائر والأردن والبحرين وتونس وفلسطين والعراق وموريتانيا والسودان وسلطنة عمان.