كريتر نت – متابعات
أفاد تقرير جديد من الأمم المتحدة بأنّ سيف العدل، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة المصرية، وعضو رفيع المستوى في تنظيم “القاعدة” ترصد الولايات المتحدة مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله أو قتله، أصبح الآن زعيم التنظيم المتشدد “بلا منازع”.
وأكدت وزارة الخارجية الأميركية الأربعاء التقرير الأممي وقالت إن المواطن المصري المقيم في إيران سيف العدل صار زعيم تنظيم القاعدة، بعد مقتل أيمن الظواهري في يوليو 2022.
وقال متحدث باسم الوزارة إنّ “تقييمنا يتوافق مع تقييم الأمم المتحدة بأنّ الزعيم الفعلي الجديد للقاعدة سيف العدل موجود في إيران”.
لكنّ التنظيم لم يعلنه رسميا بعد “أميرا” له بسبب الحساسية إزاء مخاوف سلطات طالبان في أفغانستان، التي لم ترغب في الاعتراف بأنّ الظواهري قُتل بصاروخ أميركي في منزل في كابول العام الماضي، وفق تقرير الأمم المتحدة.
كما ذكر التقرير الأممي أنّ تنظيم القاعدة السني حسّاس تجاه مسألة قيادة سيف العدل بسبب إقامته في إيران ذات الغالبية الشيعيّة.
ولفت تقرير الأمم المتحدة إلى أنّ “مكان وجوده يثير تساؤلات لها تأثير على طموحات القاعدة، لتأكيد قيادتها حركة عالمية في مواجهة تحديات تنظيم الدولة الإسلامية” المنافس لها.
وسيف العدل (62 عاما) هو ضابط سابق في القوات الخاصة المصرية وشخصية بارزة في الحرس القديم للقاعدة.
وساعد العدل في بناء القدرة العملياتية للتنظيم ودرّب بعض الخاطفين الذين شاركوا في هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، وفق المنظمة الأميركية “مشروع مكافحة التطرف”.
ووجهت هيئة محلفين اتحادية كبرى في الولايات المتحدة اتهامات لسيف العدل في نوفمبر 1998 لدوره في التفجيرات التي استهدفت السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا، مما أسفر عن مقتل 224 مدنيا وإصابة أكثر من 5000 آخرين.
وليست للرجل صور تقريبا باستثناء ثلاث صور إحداها بالأبيض والأسود ومستخدمة على قائمة المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي.
وحسبما يقول المحققون الأميركيون، فإن سيف العدل لا يُعرف عنه سوى القليل باستثناء العمليات في أفريقيا ومعسكراته التدريبية وصلته بمقتل الصحافي الأميركي دانيال بيرل في باكستان عام 2002.
وتقول وزارة الخارجية الأميركية إن سيف العدل مقيم في إيران. وأعلن برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع للوزارة رصد مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى الوصول إلى الرجل الذي تصفه بأنه عضو في “مجلس قيادة القاعدة” ويرأس اللجنة العسكرية للتنظيم.
ويقول موقع البرنامج على الإنترنت إنه بعد تفجيرات أفريقيا انتقل المقدم السابق بالجيش المصري إلى جنوب شرق إيران، حيث كان يعيش تحت حماية الحرس الثوري الإسلامي في البلاد.
ووضعته إيران مع قياديين آخرين بالقاعدة قيد الإقامة الجبرية في أبريل 2003، وأطلقت سراحه وأربعة آخرين مقابل دبلوماسي إيراني مخطوف في اليمن.
وكتب علي صوفان، وهو عميل خاص سابق في مكتب التحقيقات الاتحادي يتعقب عناصر القاعدة، في لمحة نشرها مركز مكافحة الإرهاب، أن الرجل الذي يحمل الاسم الحركي سيف العدل واسمه الحقيقي محمد صلاح الدين زيدان، شخصية ذكية بملامح جامدة لا يمكن من خلالها تكوين أي انطباعات عن أفكاره ومشاعره.
وقال “مع ذلك، عُرف عنه أيضا تقلب المزاج. ويملك ‘لسانا حادا’ وهو مستعد لتهديد أي شخص يضايقه بالعنف، ومن المعروف أنه يواجه الخيانة بالشدة سريعا وبلا رحمة”.
وأضاف “بالنسبة لأتباعه، يمكن أن يعاملهم باحتقار، بل وبوحشية في لحظة الغضب. لكنه عُرف أيضا بكونه ناصحا يقدم المشورة برفق. وفي الأوقات الأكثر بهجة، يظهر موهبة في لعب كرة القدم وميلا لتدبير المقالب على سبيل المزاح”.
وقال خبراء في الحركة الجهادية إن سيف العدل الذي كان في وقت من الأوقات كبير الحراس الشخصيين لأسامة بن لادن ومدربا بارزا للمسلحين، بدأ مسيرته الدموية الطويلة عام 1981 عندما كان يشتبه في تورطه في اغتيال الرئيس المصري أنور السادات.
وقالت إليزابيث كيندال، خبيرة شؤون الحركات المسلحة في جامعة أكسفورد، “الخلفية العسكرية المهنية لسيف العدل وخبرته الكبيرة كرئيس للجنة العسكرية للقاعدة قبل الحادي عشر من سبتمبر، تعنيان أن لديه مؤهلات قوية لتولي القيادة العامة للقاعدة”.
ويتولى سيف العدل قيادة تنظيم القاعدة الذي يتحول إلى جماعة لا مركزية إلى حد كبير منذ أن نفذ أكثر عملياته إثارة وهي هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة. وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل ما يقرب من 3000 شخص.
ويقول الخبراء إن سيف العدل أحد القلائل الذين لا يزالون على قيد الحياة من الحرس القديم للقاعدة، وإنه ظل مقربا من القيادة المركزية للتنظيم لعقود.
وأضافوا أن التكليفات المخولة إليه ستشمل تقديم التوجيه الإستراتيجي لمنتسبي القاعدة الذين يديرون شؤونهم اليومية بأنفسهم في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
ويطرح البعض تساؤلات عن إمكانية أن يصبح سيف العدل قائدا قويا للقاعدة، بعد أن أمضى معظم حياته المهنية عميلا سريا أو مدربا في معسكرات المتشددين.
وقال جيروم دريفون، كبير المحللين المعنيين بشؤون الجهاد والصراع الحديث في مجموعة الأزمات الدولية، “يقول الكثيرون من العالمين ببواطن الأمور إنه لعب دورا مهما في عمليات القاعدة في الماضي، لكنه غير مؤهل للقيادة”.
وأضاف “مهاراته تؤهله أكثر للعمل في تنظيم العمليات المسلحة بدلا من إدارة شبكة واسعة من المنتسبين”.
وسيف العدل أحد القادة العسكريين البارزين في القاعدة ويصنفه الخبراء عادة بأنه ثالث أكبر مسؤول بالتنظيم. وأقام العدل معسكرات تدريب تابعة للتنظيم في السودان وباكستان وأفغانستان في التسعينات.
ويقول خبراء أمنيون إن سيف العدل لعب دورا في واقعة نصب كمين لطائرات هليكوبتر أميركية في مقديشو عام 1993 والمعروفة باسم “بلاك هوك داون” (سقوط الصقر الأسود) والتي أودت بحياة 18 جنديا أميركيا.
وبعد هذه الواقعة، بدأت قوة حفظ سلام تضم الولايات المتحدة والأمم المتحدة في الانسحاب من الصومال.
وأُدرج سيف العدل على قائمة أكثر الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الاتحادي، حيث يواجه اتهامات بالتآمر لقتل مواطنين أميركيين وتدمير مبان أميركية.
وعزز سيف العدل أوراق اعتماده في صفوف الجهاديين بعد أن انضم إلى مقاتلين عرب آخرين في قتالهم ضد قوات الاحتلال السوفيتي في أفغانستان، حيث ترأس في النهاية معسكرا للتدريب قبل أن يصبح من الشخصيات البارزة في القاعدة.
وقال يورام شفايتسر، رئيس البرنامج المعني بالإرهاب والصراعات منخفضة الحدة في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، “إنه (سيف العدل) شخصية جريئة ومحترفة ووحشية للغاية”.