كريتر نت – متابعات
مع احتدام الحرب في أوكرانيا تبذل الولايات المتحدة جهودا تتخطى دعم حليف، إذ تتعلم الدروس، وعينها على النزاع المحتمل مع الصين.
ولا يعلم أحد ما هو الصراع العسكري الكبير التالي الذي ستدخله الولايات المتحدة، أو ما إذا كانت سترسل قوات كما فعلت في أفغانستان والعراق، أو ستقدم كميات كبيرة من المساعدات والخبرات كما فعلت مع أوكرانيا، بحسب وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية.
لكن تظل الصين أكبر مخاوف أمريكا، ويقول مسؤولون عسكريون أمريكيون إن بكين تريد أن تكون مستعدة لغزو تايوان بحلول عام 2027، وتظل الولايات المتحدة حليفا رئيسيا للجزيرة ذاتية الحكم وتزودها بالأسلحة الدفاعية.
ووجد تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الشهر الماضي أنه في حين توجد اختلافات في الجغرافيا والالتزام الأمريكي للدفاع عن تايوان، إلا أن هناك أوجه تشابه واضحة بين الحرب الروسية في أوكرانيا وهجوم صيني محتمل على تايوان.
التسلح مقدما
وبعد فترة قصيرة على بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا قبل نحو العام، بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها في إرسال كميات هائلة من الأسلحة لدعم كييف، لكن تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أكد، من خلال إجراء محاكاة لعدة سيناريوهات لإعداد التقرير، أن تايوان ستحتاج التسلح بالكامل بشكل مسبق.
وبحسب التقرير أشار إلى أنه لا يمكن تكرار النموذج الأوكراني في تايوان لأنه يمكن للصين عزل الجزيرة لأسابيع وحتى شهور، مؤكدا أن تايوان يجب أن تبدأ الحرب بكل شيء تحتاجه.
وقالت كاثلين هيكس، نائبة وزير الدفاع الأمريكي، إن “أوكرانيا كانت بمثابة نهج البداية الباردة، أكثر منه النهج المخطط الذي كنا نعمل عليه من أجل تايوان.. وسنطبق تلك الدروس”.
وأضافت هيكس لـ”أسوشيتد برس” أن الإنزال البرمائي هو أصعب عملية عسكرية يمكن القيام بها، مشيرة إلى أن إعادة الإمداد سيكون صعبا، لا سيما إذا عرقلت الصين الوصول من المحيط.
مشاكل المخزونات
لكن لا يمكن للبنتاغون تخزين المعدات التي لا يملكها بشكل مسبق، إذ تضع الحرب في أوكرانيا ضغوطا كبيرة على مخزونات الدفاع الأمريكية والأوروبية، بل كشفت أنه لم يكن أي منهما مستعدا لصراع تقليدي كبير.
وبالنسبة لبعض البنود “لدينا نقاط ضعف في كل من المخزون وقدرتنا الإنتاجية”، بحسب ما قاله
المستشار ببرنامج الأمن الدولي التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومؤلف تقرير تايوان، مارك كانسيان، قال إنه “بالنسبة لبعض البنود لدينا نقاط ضعف في كل من المخزون وقدرتنا الإنتاجية”، مشيرا إلى وجود أزمة في بعض البنود مثل ذخائر المدفعية.
وتطلق أوكرانيا ما يصل إلى 7 آلاف طلقة في اليوم للدفاع عن نفسها، واعتمدت على الشحنات الجديدة من الذخيرة من الولايات المتحدة التي ترسل بواقع مرة كل أسبوعين.
ومنذ بدء الحرب الروسية، أرسلت الولايات المتحدة إلى أوكرانيا ملايين الطلقات من الذخائر، بما في ذلك طلقات الأسلحة الصغيرة والمدفعية، و8500 من أنظمة جافلين، و1600 من أنظمة صواريخ ستينغر، و100 ألف طلقة من ذخائر الدبابات عيار 125 ملم.
ويتمثل أحد أكبر نقاط الضغط على المخزون في ذخيرة هاوتزر عيار 155 ملم.
وبحسب البنتاغون أرسلت الولايات المتحدة إلى أوكرانيا 160 مدفع هاوتزر وأكثر من مليون طلقة للتك المدافع، والتي تستخدم بشكل مكثف مع إطلاق ما يصل إلى 3 آلاف طلقة في اليوم.
وتشن أوكرانيا حربا من نوع يختلف عما قد تواجهه الولايات المتحدة مع الصين، بحسب مساعد وزير الدفاع الأمريكي للاقتناء واللوجستيات والتكنولوجيا دوغ بوش، الذي أشار إلى أن حملة أمريكية في المستقبل من المحتمل أن تنطوي على مزيد من القوة الجوية والقوة البحرية، لترفع بعض الضغط عن الأنظمة الأرضية والذخيرة.
إعادة البناء
وتقول استراتيجية الدفاع الخاصة بالبنتاغون إنه يجب أن تكون الولايات المتحدة قادرة على شن حرب بينما تردع أخرى، لكن لم تعكس سلسلة الإمداد ذلك.
وقالت هيكس إن تدفق الأسلحة إلى أوكرانيا “لم يؤد إلى بطء الدعم الأمريكي إلى تايوان”، لكن تواجه العديد من المبيعات العسكرية التي وعد بتقديمها إلى تايوان نفس الضغوط التي تواجهها الذخائر الأوكرانية، مثل قطع الغيار المحدود أو مشاكل القوى العاملة.
ونتيجة لذلك، بحسب هيكس، أنشأت الولايات المتحدة سلطة سحب رئاسي لتايوان، والتي ستتيح للولايات المتحدة إرسال الأسلحة من مخزوناتها الخاصة، بدلا من ترتيب عقود جديدة.
ويعمل الجيش الأمريكي مع الكونغرس للحصول على سلطة لإبرام عقود على مدار عدة سنوات، حتى تستثمر الشركات لتلبية الاحتياجات طويلة الأمد، لا سيما تلك الأنظمة التي أسماها دوغ بوش بـ”الأربعة الكبار” وهي صواريخ جافلين، وقاذفات هيمارس، وذخيرة أنظمة الصواريخ الموجّهة متعددة الإطلاق، وقذائف عيار 155 ملم.
ويضيف الجيش خطوط إنتاج للقذائف عيار 155 ملم، بما في ذلك مكونات مهمة مثل الغلاف المعدني الخارجي، وأجهزة الشحن، والفتيل، والمواد المتفجرة، في حين يتم الإنتاج حاليا بمنشأة واحدة في أيوا.
ويستغرق كل ذلك وقتا، حيث أفاد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنه يمكن أن يستغرق 5 أعوام أو أكثر لتعويض مخزونات القذائف عيار 155 ملم، وجافلين، وستينغر.
الفضاء
مع استخدامها الدبابات والمدفعية، كثيرا ما تبدو الحرب الأوكرانية وكأنها تنتمي للحروب البرية في القرن العشرين، لكنها قدمت دروسا في مدى قيمة تكنولوجيا الفضاء للاستخبارات، والاتصالات، والدعاية.
وقبل الحرب، أظهرت صور الأقمار الصناعية حشد القوات الروسية على طول الحدود، لترد بذلك على ادعاءات روسيا بأنها مجرد تدريبات عسكرية. ومع عبور القوات الحدود نقل المدنيون الأوكرانيون صورا ومقاطع فيديو بالوقت الفعلي بهواتفهم الذكية لكشف المواقع العسكرية الروسية، وتسجيل اعترافات الأسرى الروس، ونشر خسائر القوات الروسية وهزائمها.
وعندما تم استهداف الأبراج الخلوية ومحطات الطاقة، قدم الملياردير الأمريكي إيلون ماسك دعما بإرسال المئات من محطات ستارلينك إلى كييف.
ومن المرجح أن الصين ستستخدم الحرب السيبرانية لمنع تايوان من إرسال رسائل توضح أنها تتصدى بفاعلية لأي هجوم.