كريتر نت – متابعات
كشفت مصادر قبلية جهادية، في تصريحات لقناة أخبار الآن، تفاصيل فيديو القيادي سعد العولقي، الذي نشره تنظيم القاعدة في اليمن في 13 فبراير الجاري.
وخلال الفترة الماضية، اتخذت الأزمة الداخلية في تنظيم القاعدة عنوانا رئيسيا، وهو “الخلافات الثنائية” بين أمير التنظيم خالد باطرفي، وبين القيادي الشاب سعد العولقي.
وقد ظل هذا الخلاف يتفاقم نتيجة الأسباب التنظيمية المتعلقة بالتهميش والإقصاء الذي عاناه العولقي والجنوبيين في القاعدة، إلى جانب الخلافات الاستراتيجية حول الخط العسكري الذي ينتهجه باطرفي بتحييد المواجهة مع الحوثيين وتركيز العمليات في المناطق المحررة في جنوب اليمن والتي تجعل القبائل اليمنية -التي يقدر العولقي كثيرا موقفها- معادية للتنظيم.
وخلال الأشهر الثلاثة الماضية خرج الخلاف الثنائي إلى العلن، واتضحت تفاصيله وملامحه بشكل واضح؛ ما فاقم من الضغوط الداخلية على خالد باطرفي، وأسهم في تحويل معارضة العولقي والموالين له إلى حالة من الانزواء، الذي كاد أن يبلغ مرحلة الانعزال أو الانشقاق.
وقد تزامن ذلك مع تنامي حالة السخط الداخلي من قيادات وعناصر القاعدة التي ازدادت ميلا إلى تأييد موقف العولقي. الأمر الذي عطل تجهيزات خالد باطرفي لانتهاج سياسته العسكرية الجديدة التي تهدف إلى تصدير الأزمة الداخلية من خلال حشد كوادر التنظيم؛ للقتال ضد القوات الحكومية في محافظات جنوب اليمن.
وفي هذا السياق بادر باطرفي لاتخاذ خطوة إلى الوراء ضمن صراعه الشخصي مع سعد العولقي.
وبحسب مصدر جهادي مطلع فإن أمير القاعدة، وبعد أن كان يمعن في تهميش وإقصاء العولقي، سارع مؤخرًا إلى التواصل معه وطلب منه الظهور إعلاميًا في تسجيل مصور خاص، كي يكبح الأخبار الإعلامية المتداولة عن انقسامات القيادات الجهادية، ويهدئ في الوقت نفسه وتيرة الاستقطاب الداخلي في صفوف التنظيم”.
وبحسب المصدر فإن سعد العولقي قد رأى في طلب القيادة العامة صفقة مرضية للطرفين حاليًا ويوضح المصدر: “فمن جهة استعاد العولقي موقعه المركزي كثاني أهم قيادي في التنظيم، وأكد للجميع أن قيادة القاعدة لا يمكنها أن تنتهج أي سياسة عسكرية جديدة دون الاستعانة به. لكنه في المقابل تبرع بالتعبئة والتحشيد خصوصا في محافظتي أبين وشبوة وهو ما يرغب فيه باطرفي خلال المرحلة القادمة”.
كواليس الخطاب
مع نهاية يناير الماضي عقد زعيم التنظيم خالد باطرفي لقاء بعدد من أبرز القادة الجهاديين في اليمن لمناقشة الخلافات المتفاقمة بينه وبين سعد العولقي.
وكشف أحد القيادات الجهادية التي حضرت اللقاء أن زعيم التنظيم خالد باطرفي كان مستاء للغاية من التسريبات المتوالية عن الخلاف، وما تُحدثه من آثار سلبية على تماسك التنظيم الداخلي.
وفي نهاية حديثه، طلب باطرفي من معاونيه التواصل مع سعد بن عاطف العولقي، وإقناعه بالظهور لتوجيه كلمة لـ أبناء شبوة وأبين، وإنكار وجود أي خلافات مع زعيم التنظيم.
وبحسب المصدر فإن طلب باطرفي قوبل بشكل متباين: إذ أجمع كافة الحاضرين على أن العولقي هو مركز الثقل الحقيقي في شبوة وأبين وأن التقارب معه سيعود إيجابا على أداء التنظيم، غير أن بعض القيادات تحفظت على فكرة ظهوره الإعلامي في هذا التوقيت وبهذه الطريقة لأن ذلك من شأنه أن يعزز الأخبار الإعلامية أكثر مما قد ينفيها.
وبحسب المصدر فإن أحد القادة الجهاديين في الاجتماع تحدث إلى باطرفي قائلا: “إن أفضل طريقة لمواجهة الأزمة هي تجاهل الأخبار الإعلامية ومعالجة أسباب الخلاف مع العولقي، بدلا من مواجهة الأخبار الإعلامية وتجاهل الأسباب الحقيقية للخلاف”.
لكن كالعادة فان مقاربة باطرفي هي التي انتصرت رغم وجود بعض المعارضين، وقد وجه زعيم القاعدة مسؤولي الجناح الإعلامي في مؤسسة الملاحم بسرعة العمل على إعداد إصدار مرئي للعولقي.
وعندما أبلغ سعد بن عاطف العولقي بطلب القيادة العامة، وافق على الظهور الإعلامي، لكنه اشترط أن يتم ذلك بعد لقاء استثنائي مع زعيم التنظيم وبحضور القيادي خبيب السوداني للتوافق على بعض المطالب.
وبحسب المصدر فان هذا الاجتماع، لم يكن مثمرا، إذ لم تتجاوز مدته ساعة واحدة، وبالكاد تم خلاله التوافق على الخطوط العريضة لخطاب العولقي. وبالمثل فإن طريقة إعداد وتجهيز الإصدار المرئي للعولقي لم تكن متكاملة واتسمت بالعجلة، على حد تعبير المصدر.
وكشف خطاب العولقي الأخير، وكواليس إعداده المعقدة، عن جملة من الدلالات؛ أهمها أن ما جرى لا يعبر عن ترميم الخلافات الثنائية بين الرجلين. لكنه مثل صفقة مرحلية عاجلة حاول فيها باطرفي والعولقي تخفيف خسائرهم وتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الظرفية.
فمن جهة أثبت العولقي مدى ثقله التنظيمي لجميع القيادات الجهادية في داخل اليمن وخارجه، وبات الآن في موقع تفاوضي أفضل لتحسين وضعه القيادي والدخول في جولة تنافسية جديدة مع زعيم التنظيم.
أيضا أثبت العولقي لعناصر التنظيم بأنه صاحب المبادرة في إثبات حسن النية، وتخفيف الخلافات التنظيمية، وأنه الأكثر حرصًا على ردع أي فتنة داخلية، وهو ما يعزز مصداقيته أمام خصومه.
وفي المقابل كشف هذا التسجيل المتعجل عن مدى حرص باطرفي لإنجاح سياسته العسكرية الجديدة، والتي يطبقها بتوجيه مباشر من سيف العدل، وهو يراهن على أن يستفيد من الزخم الذي يخلقه ظهور العولقي في تحريك العمليات على الأرض، ثم لاحقا قد يستأنف سياسته الإقصائية لتقويض أي منافسين محتملين له. ولكن توابع تصدر العولقي المشهد قد تكون وخيمة على مستقبل باطرفي نفسه، حيث إن عجز “باطرفي” أصبح سر قوة “العولقي”، وهذا هو الأساس الذي ستتبلور عليه أحداث الفترة المقبلة.