كريتر نت – العرب اللندنية
تحولت قضية المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي باتجاه اليمن إلى عبء اقتصادي وإنساني، بالإضافة إلى استغلالهم من قبل الحوثيين في حربهم الإقليمية عبر تسهيل عبورهم إلى دول الجوار لتحويلهم إلى معضلة أمنية وتجنيدهم كمقاتلين في صفوف الجماعة، كما يشير إلى ذلك عدد من التقارير.
ويتدفق على السواحل اليمنية بشكل يومي العشرات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي في رحلة شاقة غايتها الوصول إلى دول الخليج في نهاية المطاف هربا من الظروف الاقتصادية التي تعاني منها بلدانهم، غير أن رحلة الكثير من هؤلاء المهاجرين الباحثين عن الأمان وتحسين ظروفهم المعيشية تنتهي بشكل مأساوي في بلد شديد الاضطراب.
وفي حال نجا هؤلاء المهاجرون من الغرق في البحر الأحمر تواجههم ظروف بالغة الصعوبة، حيث تتقطع بهم السبل أو ينتهي بهم المطاف محتجزين لدى الميليشيات الحوثية أو القوات الحكومية أو بعض العصابات المتخصصة في الاتجار بالبشر.
◙ في السنوات الأخيرة ارتفع عدد النساء والأطفال الذين يهاجرون من القرن الأفريقي إلى دول الخليج عبر اليمن بشكل كبير
ويتعرض المهاجرون الأفارقة لعمليات استغلال نتيجة الصراع السياسي الذي يشهده اليمن، في ظل اتهامات للحوثيين بتوظيف هؤلاء المهاجرين في الحرب من خلال تحويلهم إلى وسيلة ضغط لتهديد أمن السعودية واستغلال ظروفهم المادية وتجنيدهم كمقاتلين مرتزقة في جبهات الحدود.
ويلقى الكثير من الأفارقة حتفهم على الحدود السعودية – اليمنية الملتهبة بعد استخدامهم كدروع بشرية، فعادة ما يتم احتجازهم من قبل الحوثيين في مراكز اعتقال غير آمنة وتحويلهم في الكثير من الأحيان إلى دروع بشرية على الحدود التي يقصدها اللاجئون بهدف الوصول إلى دول الخليج وتحديدا السعودية.
ويقول الباحث السياسي اليمني عبدالوهاب بحيبح في تصريح لـ”العرب” إن “اليمن يشهد بشكل مستمر موجات هجرة قادمة من القرن الأفريقي. وبحسب دراسة للمنظمة الدولية للهجرة بلغ عدد من عبروا خليج عدن إلى اليمن العام الماضي أكثر من 138 ألف شخص، 90 في المئة منهم كانت وجهتهم السعودية”.
ووفقا لبحيبح تتدفق مجاميع المهاجرين إلى اليمن، خاصة المهاجرين القادمين من إثيوبيا والصومال، حيث تكون وجهة الكثير منهم دول الخليج، ويتم تهريبهم في رحلة محفوفة بالمخاطر، خصوصا نحو السعودية التي ترتبط بحدود مترامية الأطراف مع اليمن، وذلك سعيًا منهم للبحث عن عمل يحسّن أوضاعهم المعيشية.
وأضاف “غالبا ما تتقاطع طرق مرورهم مع الخطوط الأمامية للحرب ومناطق النزاع، ما يعرضهم للقنص والقتل والموت بالألغام التي تزرعها الميليشيا الحوثية، وكذلك لانتهاكات جسيمة مثل الاحتجاز في ظروف غير إنسانية والاستغلال عبر زجهم في الصراع أو استخدامهم في تنفيذ عمليات ومهام من قبل الميليشيا الحوثية”.
وتابع “كما تستغلهم في عمليات استطلاعية واستخباراتية، وتضغط عليهم من خلال الترغيب والترهيب واستغلال حاجتهم المادية بهدف تنفيذ مخططاتها لتهريب المخدرات إلى السعودية. وتفرض هذه الميليشيا مبالغ مالية كبيرة على المهاجرين مقابل ترحيلهم”.
وفي نوفمبر الماضي قال تقرير أممي إن أكثر من 500 من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين قتلوا في اليمن منذ اندلاع الحرب.
ودعا نائب وزير شؤون المغتربين في الحكومة اليمنية محمد العديل المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته وتفعيل مبدأ المسؤولية المشتركة وتقاسم الأعباء لتخفيف الضغوط عن اليمن الذي يستضيف أعدادا كبيرة من المهاجرين غير النظاميين، وتوفير سبل رعايتهم وحمايتهم.
وتحدث العديل في مؤتمر بنيروبي حول المهاجرين عن ضرورة عقد مؤتمر إقليمي يضم كلا من دول المصدر والعبور والمقصد لمعالجة قضايا المهاجرين والحفاظ على حقوقهم الإنسانية.
ولم تمنع خمس سنوات من الصراع المستمر في اليمن سعي المهاجرين للمغامرة عبر هذا الطريق البحري، ولا يبدو أن السياسات الصارمة التي تعتمدها دول الخليج تجاه الهجرة غير النظامية ستثني هؤلاء عن مثل هذه المغامرة.
وفي السنوات الأخيرة ارتفع عدد النساء والأطفال الذين يهاجرون من القرن الأفريقي إلى دول الخليج عبر اليمن بشكل كبير، ويشكل هذا مصدر قلق وفقا لرئيس المنظمة الدولية للهجرة أنطونيو فيتورينو.
وشهدت الرحلة من إثيوبيا والصومال وجيبوتي عبر اليمن، التي تسمى طريق الهجرة الشرقي، زيادة بنسبة 64 في المئة خلال العام الماضي. وتشمل الذين يبحثون عن سبل عيش أفضل، مع سفر أعداد أكبر من النساء مع الأطفال والأطفال بمفردهم، وفقا لتصريحات فيتورينو لوكالة أسوشيتد برس.
وقال فيتورينو إن تغير المناخ يعدّ الدافع إلى زيادة الهجرة. وغالبا ما تجنبت النساء والأطفال في الماضي خوض الرحلة الخطرة عبر الصحراء التي تكون في الأغلب سيرا على الأقدام. وكان الرجال يتركون عائلاتهم ويسافرون على أمل العثور على وظيفة وإرسال الأموال إلى الوطن.
138 ألف أفريقي عبروا خليج عدن العام الماضي، 90 في المئة منهم كانت وجهتهم السعودية
ويمثل اتفاق عام 2019 المبرم بين السعودية وحكومة إثيوبيا بشأن نظام توظيف عاملات المنازل وإتاحته الهجرة الرسمية لـ100 ألف من إثيوبيا إلى المملكة خطوة مشجعة نحو تسخير الفوائد الاقتصادية والإنمائية للهجرة، مع حماية المهاجرين.
وكشف فيتورينو، الذي كان في كينيا لإطلاق عرض بقيمة 84 مليون دولار من أجل مساعدة أكثر من مليون مهاجر عبر اليمن، أن “الضغط يشتدّ” نتيجة ارتفاع أعداد المهاجرين.
وشدد على أن المهاجرين اليائسين معرضون لخطر العصابات الإجرامية على طول الطريق ويحتاجون إلى الحماية من الاغتصاب والعنف والمتاجرين بالبشر والمهربين.
وذكر أن بعض المهاجرين يبقون غير مدركين للمخاطر بما في ذلك الحرب في اليمن، لافتا إلى أن منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة ملزمة بتقديم الرعاية الصحية الأساسية والخدمات الأخرى للمهاجرين الذين مازالوا يختارون هذه الرحلة، وحتى ضمان إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية في بعض الحالات.
وأضاف فيتورينو “أعدنا في العام الماضي إلى إثيوبيا 2700 مهاجر طوعا ثم قدمنا لهم المساعدة بعد وصولهم لدعم استقرارهم في مناطقهم الأصلية”.