كريتر نت – متابعات
عكس تحرك برلماني في مصر أخيرا بشأن مناقشة أخطاء التحكيم في مباريات الدوري العام لكرة القدم مدى وصول الأوضاع إلى مستوى قياسي من الفوضى التحكيمية، بشكل أثر على مشوار بعض الأندية وخسارتها للنقاط وتسبب في ارتفاع منسوب التذمر والاحتقان بين جماهير الكرة.
وطالب أعضاء لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب بمصر بسرعة وضع حد للأخطاء التحكيمية، مع تلويح بعض الأندية بالانسحاب من الدوري لتعرضها لما وصفته بـ”الظلم الواضح وشبه المتعمد”، فيما تصاعدت شكاوى أندية أخرى من الأخطاء الفادحة التي يرتكبها الحكام في المسابقة المحلية.
وأعلن اتحاد الكرة المصري أنه يسابق الزمن لتعيين خبير أجنبي جديد خلفا للإنجليزي مارك كلاتينبرغ الذي استقال مؤخرا من رئاسة لجنة تطوير الحكام، في محاولة لتهدئة غضب الجماهير والأندية من وقوع بعضهم في أخطاء كارثية أثرت بشكل سلبي على سمعة التحكيم المصري على المستوى المحلي والقاري.
ولا يزال الجدل حول أداء حكم مباراة الزمالك وسموحة في الدوري الممتاز قبل أيام مستمرا وأخذ منحنى متصاعدا بعدما ارتكب الحكم إبراهيم نورالدين أخطاء بدت متعمدة بالنسبة إلى البعض، لكونه تغاضى عن احتساب ركلة جزاء لنادي سموحة في بداية اللقاء كان من الممكن أن تغير نتيجته التي انتهت لصالح الزمالك 3 – 1.
سوء النتائج
أعلنت لجنة الحكام وقف حكم لقاء الزمالك وسموحة لأجل غير مسمى بحجة أنه تحدث إعلاميا من دون الحصول على إذن مسبق، حيث خرج ليدافع عن نفسه أمام اتهام طاله من حكام سابقين ومحللين ونقاد رياضيين بأنه تعمد مجاملة فريق الزمالك.
وخرج الحكم الدولي السابق جهاد جريشة بتصريحات إعلامية صادمة أشار فيها إلى أخطاء تحكيمية شهدتها مباراة الزمالك وسموحة، وأعادت التحكيم المصري عشر سنوات إلى الوراء وكأن هناك تعمدا لخدمة فرق بعينها وترك أخرى تواجه مصيرا مجهولا.
ويعاني فريق الزمالك من سوء النتائج في مسابقة الدوري، حيث لم يفز خلال العام الجاري سوى في مباراة واحدة كانت أمام نادي فيوتشر مقابل تعرضه لأكثر من خسارة من فرق تقبع في ترتيب متدنِّ بجدول الدوري، فيما يتحدث مرتضى منصور رئيس النادي عن تعرض فريقه لمؤامرات تحكيمية.
وما أثار الكثير من علامات الاستفهام أن مسؤولين ومحللين تابعين لنادي الزمالك خرجوا لتوجيه الشكر للحكم إبراهيم نورالدين، لأنه أنقذ الفريق من سلسلة الهزائم، وحسن ترتيبه في جدول الدوري الممتاز، ما جعل البعض يشعر بأن هناك مجاملة من الحكم للفريق الأبيض.
ويرى بعض النقاد الرياضيين أن أخطاء التحكيم في الفترة الراهنة نتيجة طبيعية لاستقالة الحكم الإنجليزي كلاتينبرغ الذي تعرض لضغوط كثيرة لغض الطرف عن بعض الأخطاء التي تستفيد منها أندية بعينها، حتى تمت مهمة “تطفيشه” أو استقالته من مصر بنجاح، مع أنه بدأ يعيد ضبط المنظومة التحكيمية.
من غير المتوقع إصلاح حال التحكيم المصري من خلال الاكتفاء بتجارب أجنبية في الإدارة، طالما لا توجد خطة طويلة المدى
ولا تزال أزمة التحكيم مرتبطة بضعف الكوادر التحكيمية وعدم القدرة على اكتشاف وجوه جديدة، وهناك عدد محدد من الحكام تسند إليهم مهمة إدارة المباريات، بينهم من يرتكب أخطاء ساذجة رغم تطبيق تقنية الفيديو، مع أنه تم إدخالها أصلا للقضاء على الفوضى التحكيمية.
وسبق أن تقدم 16 فريقا من إجمالي 18 ناديا، وهي فرق الدوري المصري الممتاز، بشكاوى رسمية ضد القرارات التحكيمية وأصبح هناك شعور لدى بعض الأندية بوجود مجاملات متعمدة لفرق محددة لإنقاذها من الترتيب المتأخر في جدول الدوري، وتجنب تعرضها للهبوط إلى الدرجة الثانية.
ويرى متابعون للأزمة أن الارتقاء بمنظومة التحكيم في مصر بحاجة إلى استقرار إداري لتنفيذ خطة طويلة المدى مع تطوير مستمر في أداء الحكام وتدريبهم على أحدث ما وصلت إليه قواعد اللعبة، في حين أن ما يحدث عكس ذلك تماما، حيث تكتفي لجنة الحكام بتبرير مواقف أعضائها والدفاع عنهم كلما يشتد الهجوم من جانب الأندية الجماهيرية، ولا توجد فرصة أمام أي مسؤول عن لجنة الحكام تمكنه من تنفيذ خطة حقيقية لتطوير منظومة التحكيم.
وثمة معضلة أخرى ترتبط بعد وجود أي تكامل أو توافق بين الحكام السابقين الذين لديهم خبرات ونظرائهم الحاليين لدعم تجارب التطوير، فالذين اعتزلوا اللعبة أصبحوا محللين في القنوات والبرامج الرياضية يعلقون على أداء الحكام بعد كل مباراة، ويكشفون الثغرات ونقاط الضعف دون استعانة بهم لتحسين المستوى، بينما يواصل الحكام أنفسهم نفس الأسلوب ويرتكبون الأخطاء ذاتها بلا توجيه أو تدريب وتطوير، ما كرس تراجع المستوى.
وقال الحكم الدولي المصري السابق فهيم عمر لـ”العرب” إنه طالما هناك التحليل التحكيمي بعد المباريات والضغط على الحكام عبر الإعلام وعدم محاسبة المخطئين منهم، فلن يتم إصلاح المنظومة، وهذا ينعكس سلبا على صورة التحكيم المصري في الخارج جراء تداعيات اللغط المثار حوله داخليا، وبالتالي تصعب الاستعانة بهم خارج البلاد.
خبراء من العالم
وأضاف عمر أن الاستعانة بأفضل خبراء في العالم لتطوير منظومة التحكيم المصري لن تحل الأزمة، طالما أن هناك ضغوطا من اتجاهات مختلفة على الحكام، سواء من الإعلام أو مسؤولي الأندية أو المحللين لأنهم يشعرون دائما بالاستهداف، في ظل عدم وجود لجنة حكام قوية ومستقلة وصارمة.
ولفت إلى أن هناك مشكلة أساسية يعاني منها التحكيم تتعلق بمستوى الحكام أنفسهم، وبالتالي فهم بحاجة إلى إعادة توجيه الاهتمام بالمهارات والقدرات والخبرات، وهذا مرتبط بإصلاح المنظومة بشكل كامل، مع التوقف الفوري للضغوط التي يتعرضون لها جراء التوسع في برامج التحليل الفني لأداء الحكام وكثافة الآراء السلبية بشأن قدرة الحكام المحليين على إدارة المباريات المهمة.
ومن غير المتوقع إصلاح حال التحكيم المصري من خلال الاكتفاء بتجارب أجنبية في الإدارة، طالما لا توجد خطة طويلة المدى لتطوير أداء الحكام واكتشاف أسماء جديدة واستمرار تعليق فشل الأندية على الحكام في حالة خسارة مباراة أو بطولة.
وفي غياب وجود اهتمام بتطوير التحكيم المحلي لن تكون هناك قدرة على اكتشاف مواهب متطورة في هذا المجال، فلم يعد الحكام المصريون يحضرون المعايشات الدولية التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” لخضوع عمليات اختيار بعض الحكام للمجاملات.