كريتر نت – متابعات
أحدهم يتوعد أوروبا كل يوم بالزوال، والثاني يتحدى الرئيس الأوكراني في مبارزة جوية، أما الثالثة فتؤكد أن موسكو تواجه “أكلة لحوم البشر” في أوكرانيا.
وبعدما كانت مثل هذه الخطابات مهمشة في السابق، باتت اليوم تتكرر بانتظام في روسيا حيث دفع الهجوم في أوكرانيا قارعي طبول الحرب والمتشددين أو المنضمين حديثا إلى الركب إلى صدارة المشهد السياسي والإعلامي، ما يدل على تصاعد دور الصقور.
وكان رئيس مجموعة فاغنر شبه العسكرية يفغيني بريغوجين يحرص في ما مضى على البقاء في الظل قبل أن يصير أحد أشهر وجوه الحرب، وجعل من مرتزقته قوة قتالية يؤكد أنّها أكثر فاعلية من الجيش الذي يكيل له الانتقادات.
وبات رجل الأعمال البالغ من العمر 61 عاما والذي جمع ثروته في قطاع المطاعم، يطرح نفسه حاليا كقائد حربي، حتى أنه تحدى في أوائل فبراير الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى مبارزة جوية لحسم مصير مدينة باخموت في شرق أوكرانيا.
أحدهم يتوعّد أوروبا بالزوال، والثاني يتحدى زيلينسكي، والثالثة تؤكد أن موسكو تواجه “أكلة لحوم البشر” في أوكرانيا
وقال الرجل مربوع القامة، حليق الرأس متوجها إلى الرئيس الأوكراني من قمرة قيادة قاذفة روسية من طراز سوخوي Su-24 “إذا أردت، نلتقي في السماء. إذا سيطرت طائرتك، تستعيد” باخموت التي تهاجمها القوات الروسية.
وقام بريغوجين المولود في سانت بطرسبرغ حيث بدأ حياته في بيع النقانق، بتجنيد الآلاف من السجناء للقتال في أوكرانيا، مقابل حصولهم على العفو.
وعلى عكس الجنرالات الروس المعروفين بأنهم بعيدون عن الميدان ولا يكترثون لرفاهية قواتهم، ينخرط بريغوجين مع رجاله ويوزع عليهم الأوسمة ويمازحهم.
“لا تفرطوا في الشرب ولا تتعاطوا المخدرات ولا تغتصبوا أحدا”، هذا ما قاله هذا المدان السابق لمجموعة من السجناء في ما يشبه عملية إعادة تأهيل اجتماعي مقتضبة عند العفو عنهم.
ولا يتوانى عن إظهار وحشية، فعندما انتشر مقطع فيديو يظهر إعدام أحد الفارين بمطرقة ثقيلة، أشاد بريغوجين بقتل الرجل الذي نعته بأنه “كلب”.
ولكن حضوره المتزايد وانتقاداته للجيش تثير استياء في موسكو. وبرز التوتر الشهر الماضي عندما أعلن بريغوجين وهيئة الأركان بشكل منفصل السيطرة على سوليدار بالقرب من باخموت. وهاجم حينها “أولئك الذين يسعون باستمرار لسرقة انتصاراتنا”.
وأثارت الحرب في أوكرانيا تحولا كبيرا في موقف الرئيس السابق دميتري ميدفيديف. وبعدما كان في ما مضى شخصية ليبرالية إلى حد ما في عالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بات اليوم من كبار مؤيدي الأسلوب المتشدد في الحكم.
ولا يمر أسبوع من دون أن ينشر مدفيديف البالغ من العمر 57 عاما، والذي يحتل حاليا المرتبة الثانية في مجلس الأمن، رسائل لاذعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وحذر في يناير قبل اجتماع لحلفاء أوكرانيا في ألمانيا من أن “هزيمة قوة نووية في حرب تقليدية يمكن أن تؤدي إلى حرب نووية”.
وبعدما تناول البرغر في عام 2010 مع نظيره الأميركي في ذلك الحين باراك أوباما، يطلق اليوم على جو بايدن لقب “جد الخرفان” ويصف القادة الغربيين بأنهم “معاتيه”.
هل هي قطيعة صادقة مع ماضيه أم انتهازية سياسي أجبر على تبديل نهجه وسط موجة قومية؟ على أي حال، فإن تحوله يشير إلى المنعطف الذي اتخذته روسيا منذ عام.
ويقول مدفيديف إن موسكو تقاتل في أوكرانيا “عصابة من النازيين المجانين المدمنين على المخدرات”.
وكتب في يونيو “غالبا ما يسألني الناس عن سبب نشري مثل هذه الرسائل القاسية. الإجابة هي: أنا أكرههم. إنهم أوغاد ومنحطون. يريدون لنا الموت. يريدون زوال روسيا. وطالما أنا على قيد الحياة، سأفعل كل ما بوسعي لمحوهم” عن وجه الأرض.
وصارت رئيسة تحرير شبكة آر.تي التلفزيونية مارغريتا سيمونيان، أحد وجوه الحرب الدعائية التي تخوضها موسكو في مجال الإعلام، بالتوازي مع الهجوم في أوكرانيا.
وتظهر المرأة البالغة من العمر 42 عاما بانتظام في البرامج التلفزيونية المسائية حيث تلقي خطابات وطنية حادة لتحفيز مواطنيها أو تهديد الخصوم.
وقالت في مايو 2022 “إما أن ننتصر أو ينتهي كل هذا على نحو سيء للبشرية جمعاء”، ملوّحة هي أيضا بمخاطر حدوث كارثة نووية.
وطالت الحرب والعقوبات الغربية التي أعقبتها على موسكو، بشكل مباشر سيمونيان مع حظر فروع شبكة آر.تي في معظم الدول الغربية.
لكن هذا لم يكن كافيا لثنيها فأعلنت “في كل مرة منعونا، وجدنا (طرقا) أخرى لمواصلة البث.. وإيصال رسالتنا”.
وهي تحث السلطات الروسية على حظر الشبكات الاجتماعية الأجنبية بقولها “منذ عشر سنوات، أكرر شيئا واحدا: يجب إغلاقها جميعا، وحظرها جميعا وإحلال شبكاتنا محلها”.
وكمكافأة على جهودها، فقد منحها فلاديمير بوتين وسام الشرف في ديسمبر الماضي. وخلال الحفل، شكرت الرئيس الروسي على “قتل أكلة لحوم البشر” في أوكرانيا.