رام الله – كفاح زبون
نجحت الإدارة الأميركية في دفع صفقة فلسطينية إسرائيلية قدماً، تم بموجبها إلغاء التصويت الذي كان مقرراً اليوم الاثنين في مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار يدين المستوطنات الإسرائيلية، مقابل امتناع إسرائيل عن اتخاذ خطوات أحادية مثل البناء الاستيطاني وهدم منازل الفلسطينيين في القدس لعدة شهور، وتقليص اقتحامات المناطق الفلسطينية.
وأكدت مصادر أميركية وإسرائيلية وفلسطينية وغربية أن تفاهمات من أجل تخفيف مستويات التوتر في الضفة الغربية قادت إلى وقف «الخطوات الأحادية» من قبل الطرفين، الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن الحديث يدور عن اتفاق مؤقت.
وقالت مصادر لموقع «واللا» الإسرائيلي، إن التفاهمات تنص على إلغاء التصويت لدى مجلس الأمن حول قرار يدين المستوطنات على أن يصدر بدلاً منه بيان رئاسي غير ملزم للدول الأعضاء، يدين الاستيطان من جهة والعمليات الفلسطينية من جهة أخرى، ومقابل ذلك، تعهدت إسرائيل بتجميد طرح عطاءات جديدة للبناء في المستوطنات أو مناقشة القرارات الاستيطانية التي اتخذت مؤخراً لعدة أشهر، كما تعهدت بالتوقف عن هدم المنازل الفلسطينية في الضفة الغربية وشرقي القدس لعدة أشهر، وتجميد إخلاء فلسطينيين من مناطق «ج» في الضفة خلال الفترة الحالية وتقليص الاقتحامات للمدن الفلسطينية.
الصفقة من جهة إسرائيل شملت أيضاً «تنظيم» الرسوم عند معبر اللنبي الحدودي بين الضفة الغربية والأردن، الذي يستخدمه بالأساس الفلسطينيون، الذين يحظرون من استخدام مطار بن غوريون، ولا يُسمح لهم ببناء مطار خاص بهم.
مقابل ذلك، تعهدت السلطة بسحب المشروع من مجلس الأمن والامتناع عن اتخاذ خطوات أخرى مماثلة في الفترة القريبة، ووافقت على إجراء نقاش حول الخطة الأمنية التي بلورها الجنرال الأميركي مايك فنزل من أجل إعادة سيطرة القوات الفلسطينية على مناطق شمال الضفة.
وشملت الصفقة أيضاً موافقة الفلسطينيين على الحديث حول آليات استعادة التنسيق الأمني مع إسرائيل.
وجاءت التفاهمات بعد ضغوط وتدخلات أميركية مباشرة تضمنت أيضاً وعداً بدعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض خلال العام الحالي.
وفق تقرير «واللا»، مارس الأميركيون ضغوطات كبيرة لدفع التفاهمات بسبب المخاوف من اندلاع تصعيد في شهر رمضان وعيد الفصح في حال تواصل التوتر الحالي.
مسألة ثانية قادت إلى الضغط الكبير، وهي أن الأميركيين أرادوا تجنب استخدام حق النقض على القرار، الذي يعكس موقفهم بخصوص المستوطنات. أيضاً لدى الأميركيين مخاوف من أن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حتى لو لم يستخدموا ضده حق النقض سيؤدي إلى تصعيد.
وبالفعل أبلغت الإمارات مجلس الأمن الدولي أنها لن تدعو إلى التصويت، اليوم الاثنين، على مشروع القرار الذي يطالب إسرائيل بوقف فوري وكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وجاء في المذكرة التي أرسلتها البعثة الإماراتية، أنه «بالنظر إلى المحادثات الإيجابية بين الأطراف، فإننا نعمل الآن على مسودة بيان رئاسي، من شأنه أن يحظى بالإجماع».
وأضافت المذكرة: «وبناء على ذلك، لن يكون هناك تصويت على مشروع القرار يوم الاثنين. وسيستقى الكثير من لغة البيان الرئاسي، من تلك، المصاغ بها مشروع القرار».
وفي حين أكد مسؤول أميركي كبير وجود التفاهمات قائلاً إنها نتاج لجهود وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي أجرى محادثات ماراثونية على الهاتف مع الجانبين، فيما انخرط مستشاروه في اتصالات مكثفة، حاول مسؤولون إسرائيليون القول إنه لا توجد تفاهمات، وهاجموا الإدارة الأميركية.
وقال مسؤول سياسي إسرائيلي: «لا توجد أي تفاهمات، وكل مخططات البناء استنفدت في اجتماع مجلس التخطيط الأعلى الأسبوع الماضي، ولم تكن هناك نية لعقد المجلس مجدداً خلال الأشهر الثلاثة المقبلة».
وهاجم مسؤول سياسي إسرائيلي كبير، آخر، الإدارة الأميركية، واتهمها بـ«بيع إسرائيل» لصالح الفلسطينيين مقابل تجنب استخدام الفيتو. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، عن المسؤول قوله: «في الحقيقة قدم الأميركيون مكافأة للفلسطينيين، رغم أنه كان بإمكانهم فرض الفيتو».
ورد مسؤول أميركي كبير، مفنداً هذه المزاعم ووصفها بـ«الهراء». وقال المسؤول الأميركي، وفق «يديعوت أحرونوت» إن إدارة بلاده ساعدت تل أبيب وقدمت لها السيناريو الأفضل بدلاً من أن تتعرض للعزلة مرة أخرى، مؤكداً أنه كان من الجيد التوصل لتفاهمات لتهدئة الأوضاع.
ولم يعقّب أي مسؤول في السلطة الفلسطينية فوراً، لكن حركة «حماس» هاجمت السلطة بقوة. وقال حازم قاسم الناطق باسم «حماس»: «ندين ونستنكر بشدة استجابة السلطة الفلسطينية في رام الله للطلبات الأميركية بسحب مشروع قرار لإدانة الاستيطان في مجلس الأمن، ونعتبر ذلك سلوكاً خارجاً عن الإجماع الوطني».
وأضاف: «يبدو أن السلطة مُصرة على شراء الوهم من الإدارات الأميركية وحكومات الاحتلال، وهذا لا يعبر عن موقف الشعب الفلسطيني».
واعتبرت «حماس» أن هذا السلوك من السلطة يقدم خدمة مجانية للاحتلال، ويعمل على تجميل صورته البشعة أمام الرأي العام العالمي. وتعهدت الحركة بإفشال الخطة الأميركية في الضفة.
المصدر الشرق الأوسط