كريتر نت – متابعات
تفنيداً لمزاعم إصابة القاضي التونسي البشير العكرمي المثير للجدل، والذي يُلقب بـ “ذراع الإخوان” الطويلة داخل جهاز القضاء، بالجنون تنصلاً من التهم الموجهة إليه بالتستر على إرهابيين وإخفاء وثائق وأدلة تتعلق بالاغتيالات السياسية، أكد رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فتحي الجراي أنّ فريق الهيئة تواصل مع العكرمي ووجده في حالة وعي، مؤكداً أنّ وضعه عاديّ ومستقرّ، وليس هناك ما يدعو إلى الحيرة أو الانشغال، لافتاً إلى أنّه تحت المراقبة الطبية.
وقال الجراي، في مداخلة له على إذاعة “إي أف أم” (محلية): إنّ “العكرمي في حالة إيواء وجوبي بناء على قرار قضائي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بتونس، وحسب القانون الذي ينظم الإيواء الوجوبي، فإنّ الشخص عندما يودع في مثل هذه الحالة يمكث (8) أيام بالمستشفى، وفي نهاية المدة يقرر القاضي إمّا إطلاق سراحه، وإمّا تجديد الإيواء الوجوبي بـ (3) أشهر بناءً على الرأي الطبي”، وفق تأكيده.
وكانت الهيئة قد أعلنت في بلاغ لها أمس الأحد عن منع ممثليها من إجراء مهمّة زيارة ومتابعة وتقصّي حالة أحد المواطنين الموضوعين قيد الإيواء الوجوبي بالمستشفى (في إشارة إلى البشير العكرمي، وكيل الجمهورية السابق للمحكمة الابتدائية بتونس والقاضي المعزول، دون الكشف عن هويته) “لأسباب طبّية”.
من جهتها، أوردت وزارة الصحة في بلاغ لها الإثنين أنّ منع زيارة وفد الهيئة للقاضي المعفى البشير العكرمي، المقيم بقسم الطب الشرعي بمستشفى الرازي والموضوع تحت الإيواء الوجوبي، هو “إجراء طبي معتاد يقع العمل به في كافة الأقسام المماثلة في العالم”، مضيفة أنّ فريقاً طبياً سمحوا لأعضاء الهيئة بزيارة المقيم، وذلك بعد تحيين الوضعية الصحية.
كذلك، سمحت السلطات التونسية لزوجة العكرمي وابنته بزيارته في مستشفى الرازي بعد أن قالت إنّه تم منعها من زيارته.
والسبت الماضي تمّ إيداع العكرمي بمستشفى الأمراض العقلية “الرازي” بمنوبة في ضواحي تونس العاصمة، إثر نوبة عصبية ألمّت به بمركز التوقيف في العاصمة، ويرى مراقبون أنّه تظاهر بأنّه مريض حتى يتنصل من التهم التي تلاحقه، والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وقد أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد نفسه أنّه “تمّ احترام جميع الإجراءات، بالرغم من أنّ البعض يبحث عن أحكام للهروب من المساءلة والمحاسبة كمن ادّعى المرض وتظاهر بالجنون حين طالته يد القضاء”، وفق بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، تضمن إشارة ضمنية إلى العكرمي.
وكان المحامي حمّادي الزعفراني، عضو هيئة الدفاع عن العكرمي، قد قال لوكالة تونس أفريقيا للأنباء: إنّ قرار إيداع موكّله مستشفى الرازي بعد إيقافه كان مبنيّاً على تشخيص (3) أطبّاء وصفوا حالته الصحيّة بالمضطربة، لافتاً إلى أنّ العكرمي دخل في إضراب عن الطعام ووقع نقله إلى المستشفى حيث تلقى العناية الطبية اللازمة، لكن إثر خروجه منه، تمّ اتخاذ قرار إيوائه بمستشفى الرازي لتدهور حالته، بناء على تشخيص الأطباء.
وسبق أن كشفت هيئة الدفاع عن السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي (وهما معارضان يساريان جرى اغتيالهما عام 2013)، وجود ملاحقة قضائية ضد البشير العكرمي من قبل القضاء العسكري، تتعلق بجرائم الخيانة والتجسّس والمساهمة في وقف وتعطيل جميع أعمال التنصت التي كانت ستكشف تورطه في جرائم الاغتيالات.
وأضافت هيئة الدفاع أنّ هناك قضية أمام القطب القضائي المالي والاقتصادي حول علاقة العكرمي بالجهاز السري المالي لرئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، لافتةً إلى أنّ “العكرمي وضع نفسه على ذمة دول أجنبية وتخابر معها وتلقى أموالاً”.
وشغل العكرمي منصب قاضي التحقيق المكلف في جريمة اغتيال السياسيين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي منذ 2013، قبل أن يتولى بداية من 2016 منصب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية (المدعي العام).