كريتر نت – متابعات
لم يمض وقت على زيارة مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مسقط ولقائه المثير للانتباه بوفد من جماعة الحوثي، حتى أرسلت السعودية سفيرها لدى اليمن إلى موسكو، في خطوة تحمل بين طياتها الكثير من الإشارات.
وأثار إيفاد المملكة العربية السعودية لسفيرها لدى اليمن محمد آل جابر إلى روسيا، ولقائه مع نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الشخصي للكرملين ميخائيل بوغدانوف، تساؤلات حول دواعي هذه الزيارة، وهل للأمر علاقة بمخاوف سعودية حيال التحركات الروسية الأخيرة وانفتاح موسكو على جماعة الحوثي.
تلتزم موسكو منذ تفجر الصراع في اليمن في العام 2015 بالحياد، وتفضل الاختباء خلف الموقف الأممي، على خلاف مواقفها من معظم النزاعات في المنطقة، فيما بدا أن الهدف من ذلك البقاء على ذات المسافة من السعودية وإيران.
ولم تستخدم موسكو على مدار السنوات الماضية حق الفيتو ضد قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن النزاع في اليمن، والتي كانت في معظمها قرارات صادرة عن جهات عربية وغربية.
وقد عبرت روسيا في أكثر من محطة عن رغبة للوساطة في تفكيك الأزمة والتوصل إلى تسوية، لكن عمليا لم يكن لها حضور وازن، أو مؤثر في مجريات الصراع.
ويرى مراقبون أن إيفاد المملكة لسفيرها في اليمن إلى موسكو وليس وزير الخارجية أو نائبه يشي بالكثير، وسط ترجيحات بأن يكون هناك تخوف من الرياض حيال تغير في الموقف الروسي الذي بدا إلى حد الآن متزنا، ومريحا بالنسبة للمملكة.
وأعلنت السفارة الروسية في اليمن عن لقاء جمع نائب وزير الخارجية الروسي مع السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر الذي يقوم بزيارة عمل إلى موسكو.
وأوضحت السفارة في بيان لها أنه “جرى خلال اللقاء تبادل شامل للآراء حول الوضع العسكري والسياسي والإنساني في اليمن”.
وأضاف البيان أنه “تمت الإشارة إلى الحاجة لاتخاذ المزيد من الخطوات من قبل المملكة العربية السعودية بهدف إقامة حوار سياسي يمني واسع حول القضايا المتعلقة بتسوية شاملة في اليمن”.
ولفت إلى أن “آل جابر استعرض جهود السعودية لضمان وقف إطلاق نار بشكل مستدام وتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية في اليمن”.
وعبر الجانب الروسي عن دعمه للإجراءات التي تتخذها قيادة المملكة لتحقيق الاستقرار في اليمن، والبحث عن حلول مقبولة لجميع الأطراف للأزمة التي استمرت منذ سنوات طويلة، حسب البيان.
ولم يتطرق البيان إلى تفاصيل ومدة زيارة السفير السعودي، التي تأتي بعيد زيارة قام بها مبعوث الرئيس بوتين إلى مسقط والتقى خلالها بمسؤولين عمانيين وأيضا بوفد من جماعة الحوثيين يترأسه القيادي محمد عبدالسلام.
استقبال بوغدانوف لوفد الحوثيين في سفارة بلاده بعمان لاقى احتفاء لافتا من قبل الجماعة الموالية لإيران
وتخوض عمان جهودا حثيثة في الوساطة بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت عمان تطرح مبادرة خاصة أم تحركاتها تصب في صالح التجديد لهدنة أممية سبق وأن انتهت في أكتوبر الماضي.
ووفق مصادر دبلوماسية فقد تركزت المباحثات التي أجراها المسؤول الروسي في مسقط حول الوضع في اليمن، والجهود الجارية بشأن التوصل إلى تهدئة.
وأفادت السفارة الروسية في مسقط عبر حسابها في تويتر بأن بوغدانوف التقى ممثّل جماعة الحوثي محمد عبدالسلام، وناقش معه بالتفصيل الوضع العسكري والسياسي والإنساني في اليمن.
وأشارت السفارة إلى أن بوغدانوف “شدّد على ضرورة تكثيف جهود كافة القوى السياسية اليمنية من أجل ضمان وقْف مستدام وطويل الأمد لإطلاق النار، كوْن ذلك سيؤدّي إلى تهيئة بيئة مواتية لبدء عملية التفاوض البنّاءة والشاملة برعاية الأمم المتحدة من أجل تسوية شاملة للأزمة في اليمن، وتعزيز السلام والأمن في المنطقة”.
ويعتقد متابعون أن روسيا تسعى للحصول على أوراق نفوذ توظفها في لعبة شد الحبال مع الغرب، لاسيما مع خشيتها من نجاح الولايات المتحدة في إقناع دول الخليج للخروج من دائرة الحياد والانضمام إليها.
وكانت واشنطن سارعت إلى إعلان ترحيبها بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود إلى كييف الأحد، وإعلانه عن تقديم حزمة من المساعدات لأوكرانيا بقيمة أربعمئة مليون دولار.
وشكلت زيارة بن فرحان الأولى لمسؤول سعودي وعربي إلى كييف منذ اندلاع الحرب، وسط صمت روسي حيالها.
ولاقى استقبال بوغدانوف لوفد الحوثيين في سفارة بلاده بعمان احتفاء لافتا من قبل الجماعة الموالية لإيران، فيما بدا رغبة منها للإيحاء بوجود داعم دولي.
وتزامن الحراك الروسي في الملف اليمني مع إعلان جماعة الحوثي عن رفع الجاهزية لتصعيد مفتوح سيطال التحالف العربي، ويستهدف مصالح البلدين الاقتصادية والنفطية بشكل خاص، فضلا عن وضعها كافة القواعد العسكرية الأجنبية في مختلف الأراضي اليمنية والجزر ضمن بنك أهدافها.
وأعلن رئيس هيئة الأركان اللواء الركن محمد الغماري مؤخرا أن القوات المسلّحة بكافة تشكيلاتها العسكرية على أتم الجاهزيّة والاستعداد لأيّ خيارات تتطلّبها المرحلة.
وجاءت تصريحات الغماري بالتوازي مع تحذيرات جديدة أطلقها المجلس السياسي الأعلى للحوثيين من تجاهل رسائل زعيم الحركة عبدالملك الحوثي، وتلويحه بالعودة إلى الخيار العسكري، ودعوته إلى التعبئة والجاهزية لمعركة فاصلة.
وقال المجلس، في بيانه، إن رسائل الحوثي في خطابه الأخير “واضحة لكلّ الحريصين على السلام في اليمن والمنطقة، ولا يجب أن تستمرّ المماطلة في فهْمها”، مؤكدا تمسّكه بأولوية الملفّ الإنساني في أيّ حوارات، ورفْضه الوجود العسكري الأجنبي على الأراضي اليمنية، بما فيه الأميركي والبريطاني.
وحذر المجلس السياسي الأعلى من أن هذا الوجود سيتمّ التعامل معه باعتباره احتلالا، مشددا على أنه سيُصار إلى “اتّخاذ جميع الخيارات لنَيْل الحرية الكاملة والاستقلال التامّ”.