كريتر نت – متابعات
قال معهد “كارنيغي”، إن الإرهاب إلى جانب القرصنة في خليج عدن، يعد التهديد الذي ينبغي مكافحته في اليمن، مضيفا إنه “لم يتشكّل هيكل أمني وعسكري متعدد الأطراف في المنطقة قادر على مواجهة الإرهاب”.
وذكر المعهد في مقال للكاتب العربي مصطفى ناجي، أن النزعة المركزية (الأمريكية) في مكافحة الإرهاب حالت دون نجاح أطر إقليمية في مكافحة الإرهاب لافتقارها للموارد وعدم انسجام الأطراف المنخرطة.
وأوضح أن التصور الأمريكي لمكافحة الإرهاب تعرض للنقد والمراجعة في الاستراتيجية والطرق العملياتية إلى جانب تغيير في الموقف الأمريكي مع إدارة بايدن بالتركيز على التطرف الداخلي ومواجهة المنافسة العالمية مع الصين وروسيا.
وأضاف إن “التحول في الموقف الأمريكي المصحوب بإرادة في تقليل كلفة التدخل والنفوذ في منطقة قوس الأزمات الممتد من أفغانستان وحتى موريتانيا يوافق ظهور قوى إقليمية صاعدة راغبة في تحقيق نفوذ وأداء دور إقليمي متعاظم. لتحوز بذلك الدول الإقليمية الصاعدة (إيران، وتركيا، والإمارات، والسعودية، وقطر) على مساحة مناورة كبيرة”.
ورأى أن “شهية الدول الإقليمية الصاعدة، في أداء دور هام، عززت عسكرة منطقة خليج عدن والبحر الأحمر؛ حيث يجري تنفيذ دوريات بحرية وتأمين حضور عسكري إماراتي- سعودي، في إطار التحالف العربي، على شواطئ وجزر اليمن وإريتريا، إلى جانب وجود قواعد عسكرية دولية ولا سيما بعدما تحولت اليمن، بسبب الحرب الأهلية، من دولة شريكة في مكافحة التهديدات الأمنية في المنطقة إلى مصدر تهديد للملاحة نتيجة لسلوك الحوثيين واستخدامهم لألغام بحرية وقوارب مسيّرة تستهدف السفن العسكرية والمدنية”.
من المركزية إلى التعاون
في هذا السياق –يقول الكاتب- ورغم طرح مبادرات إقليمية في مكافحة الإرهاب لم يكتب لها النجاح كمبادرة روسيا في بناء منظومة أمن إقليمي في الخليج أو مبادرة السعودية لإنشاء تكتل دول البحر الأحمر، تعرض التعاون المتعدد إلى ضمور، لتطرح بلدان مقاربة تعاون ثنائي بديل.
وأشار إلى أن من هذه الدول دولة الإمارات العربية المتحدة التي عقدت مؤخراً اتفاقين مع كل من اليمن في كانون الأول/ديسمبر 2022 والصومال في بداية هذا العام 2023 لتعاون عسكري لم يظهر من تفاصيله سوى أنه يرتكز على مكافحة الإرهاب والتدريب والإعداد العسكري.
ورأى أن هذه الاتفاقية تنسجم مع التصور الاستراتيجي للسياسة الخارجية الإماراتية وأهدافها في المنطقة وفي أفريقيا: (اقتصادياً حماية المصالح الإماراتية وتنميتها، وجيوسياسياً ضمان أمن الممرات المائية، ولاسيما مضيق باب المندب).
وبذلك، تتعزز قدرات الإمارات الاحترافية والعملياتية؛ وجود وحدات أمنية وعسكرية محلية في بلدان الاتفاقات ينسجم مع ثقافة وآلية العمل العسكري الإماراتي وهو يُعفي الإمارات من الانتشار العسكري، وفقا للكاتب.
وتابع: “بعد سنوات من التدخل في إطار التحالف العربي العسكري بقيادة السعودية في اليمن، من الجيد مأسسة التدخل الخارجي في بلدان المنطقة”.
واستدرك بالقول: “لكن يندرج موعد الاتفاقات الأمنية الإماراتية الأخيرة في سياق معقد يجعل من السياسة الخارجية الإماراتية ترتكز أكثر على المقاربة الأمنية والعسكرية في بلدان هشة أو شبه منهارة وتعاني من انقسامات حادة وعرضة لاستقطاب إقليمي يفت من عضد الدولة ومن السلم الاجتماعي في هذه البلدان”.
وفيما لفت إلى أن الاتفاق مع اليمن لم يمر بعد بالمسار التشريعي الداخلي ولم يعرض على البرلمان، لم يستبعد الكاتب أن تثير اتفاقات كهذه حساسية دول المنطقة المنافسة للإمارات أو يفهم على أنه إيذاناً بعدم كفاءة التعاون المتعدد في إطار التحالف العربي.
وخلص إلى القول: “أثبتت المقاربة الأمنية المنفردة في مكافحة الإرهاب فشلها. واستمرارها يعني تراجع أهمية المقاربات السياسية والاجتماعية والحوكمة والمشاركة السياسية”.