كريتر نت – متابعات
على الرغم من إعلان الحكومة اليمنية عبر مجلس الدفاع الوطني، في أكتوبر 2022 تصنيف ميليشيا الحوثي، ذراع إيران، منظمة إرهابية كمقدمة لتجفيف مصادر تمويلها، إلا أن ما نشهده على الواقع هو أن الميليشيات الإرهابية هي من استطاعت حتى الآن تحقيق مكاسب اقتصادية على حساب الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.
قرار تصنيف الميليشيات الحوثية منظمة إرهابية، جاء على خلفية قيام ذراع إيران بقصف موانئ تصدير النفط في شبوة وحضرموت، وفي حينه هدد مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بإجراءات أشد في حال استمرار هذه الجرائم ومنها تعليق العمل باتفاقي الهدنة الإنسانية وستوكهولم الذي أنقذ الميليشيات في الحديدة.
رغم ذلك استمر الاستهداف الحوثي للموانئ النفطية مما تسبب في توقف صادرات النفط بشكل نهائي وتعليق عدد من شركات التنقيب المحلية والدولية لأعمالها إلى حين توفير الحماية اللازمة إزاء هذا التهديدات.
وحالياً تخوض الشرعية حرباً اقتصادية جديدة أمام الميليشيات الحوثية التي تسعى لحرمانها من عائدات الجمارك من خلال خلال سلسلة إجراءات، أبرزها منع دخول البضائع القادمة عبر ميناء عدن إلى مناطق سيطرتها وإجبار التجار على توقيع تعهدات بتحويل حاويات بضائعهم إلى ميناء الحديدة الذي بدأ منذ مطلع فبراير الجاري استقبال السفن التجارية بعد أن كان مخصصاً فقط لاستقبال السفن النفطية فقط.
ويعتقد مراقبون أن بطء إجراءات الحكومة إلى جانب ارتباكها ومخاوفها من تفاقم الوضع الإنساني قد يكون هو سبب مكاسب الميليشيات الإيرانية التي لا تكترث للمواطنين في مناطق سيطرتها أو بالمناطق المحررة، فالحكومة برغم حزمة العقوبات التي أعلنت عن فرضها مؤخراً وتهديداتها المستمرة باستهداف مصادر تمويل الميليشيات إلا أنها تعاني من توقف تصدير النفط وتخشى من انخفاض العائدات المالية جراء تراجع النشاط الملاحي لميناء عدن.
وثائق رسمية صادرة عن وزارتي النقل الشرعية والتابعة للحوثيين كشفت عن توجيه الطرفين رسائل شديدة اللهجة لشركات النقل البحري، هدّدا فيها بفرض عقوبات على أي من الشركات التي لا تنصاع للتوجيهات، ما يشير إلى وجود حرب اقتصادية محتدمة حول سلطات الموانئ في المناطق المحررة وتلك الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ونقلت جريدة العرب اللندنية عن الباحث السياسي ورئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى اعتقاده أن هناك رابطا بين التصعيد الاقتصادي وتعثر الجهود الدولية لتمديد الهدنة الأممية، وأشار إلى أن الجماعة الحوثية تستخدم أدوات ضغط اقتصادية جديدة ضد الحكومة الشرعية التي تبدو بطيئة ومرتبكة أمام مواجهة التحديات الجديدة والتهديدات الحوثية للاقتصاد منذ ما بعد قصف الحوثيين لموانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة.
ويرى أن ذراع إيران تستبعد اتخاذ الشرعية رد فعل مماثل تجاه الإجراءات الاقتصادية العدائية كون ردود الأفعال ستدخل الوضع الإنساني المتردي في مرحلة خطرة من زيادة التدهور يصعب معالجتها في أمد قصير.
عزت مصطفى لفت إلى أن دخول السفن إلى موانئ الحديدة كان يسير بشكل طبيعي منذ بدء الهدنة العام الماضي واستمر بعد انقضائها دون تمديد، إلا أن التطور الجديد في زيادة أعداد السفن الواصلة إلى هذه الموانئ جاء نتيجة إجراءات حوثية داخلية اتخذتها وزارة النقل الخاضعة للميليشيات خاطبت بموجبها الشركات اليمنية وكيلة الخطوط الملاحية، محذرة من رسو السفن التي يمثلونها في الموانئ تحت سيطرة الحكومة الشرعية ومتوعدة بإيقاع عقوبات على الشركات التي تخالف ذلك.
ودفع هذا الوضع، وفق مصطفى، الشركات الملاحية والمستوردين إلى تغيير وجهتهم من ميناء عدن إلى الحديدة وهو إجراء حوثي يزيد من العقبات أمام جهود تمديد الهدنة وينذر بعواقب إنسانية إذا ما لجأت الحكومة اليمنية إلى اتخاذ موقف مماثل تجاه الشركات الملاحية التي استجابت للتهديد الحوثي.
وعن الإجراءات الحوثية التي تدفع المستوردين إلى استبدال الموانئ في المناطق المحررة بموانئ تحت سيطرة الحوثيين، أضاف مصطفى، “وضعت الجماعة نقاطا جمركية بين المحافظات لإرغام التجار على دفع الرسوم الجمركية مرة أخرى عند نقل البضائع من محافظات تحت سيطرة الشرعية إلى مناطق سيطرتها وهو ما يزيد بشكل كبير من كلفة البضائع التي يتم إنزالها في موانئ الحكومة ويُنقل جزء منها إلى مناطق سيطرة الحوثيين، فتلجأ الشركات لتخفيف الكلفة الزائدة إلى إنزالها في موانئ تحت سيطرة الحوثيين وتعيد نقل جزء منها إلى المناطق المحررة”.
وحول انعكاس هذه القرارات، أوضح: “تحاول الميليشيات الحوثية حرمان الحكومة الشرعية من العائدات الجمركية وعائدات الموانئ بعد أن أثرت بشكل كبير على عائداتها من النفط الخام بقصف موانئ تصديره، لكن تبقى زيادة معدل السفن الواصلة إلى موانئ الحديدة الثلاثة بعيدة عن إجراءات تمديد الهدنة، بل تعقّد المساعي للتهدئة أكثر خاصة مع التصعيد الحوثي العسكري المتكرر في أكثر من منطقة”.