كريتر نت – متابعات
توقع مركز صنعاء للدراسات، تغير سلوك تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقرا له، في ظل الوضع السياسي والعسكري الراهن في الساحة اليمنية، ومع انتقال مركز القيادة الجهادية عمليا من أفغانستان إلى إيران بقيادة (محمد صلاح الدين زيدان) المكنى “سيف العدل”.
وقال المركز في دراسة أعدها الباحث حسام ردمان، تحت عنون (القيادة من إيران: كيف استطاع سيف العدل التحكم بتنظيم القاعدة في اليمن)، إنه من المتوقع أن يتغير سلوك “القاعدة” في اليمن على المدى القريب والمتوسط ليتخذ سمتين أساسيتين: زيادة التركيز على ضرب المصالح الغربية وقوات التحالف العربي بقيادة السعودية وحلفائهم المحليين في المعسكر المناهض للحوثيين.
وأشار الى أن الأذرع الإعلامية لتنظيم القاعدة، عملت طيلة العام 2022، على تكريس خطاب رسمي جديد يرى في مجلس القيادة الرئاسي اليمني عدوا رئيسيا.
كما أن التنظيم ركز في بياناته الرسمية على ضرورة “تحرير جنوب اليمن المحتل” من أيدي الكفار الأجانب، وعلى محاربة القوات العسكرية والأمنية المحلية، لا سيما تلك التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، دون التطرق إلى خطورة تنامي سيطرة جماعة الحوثيين في معظم مناطق شمال اليمن.
ونبه التحليل إلى أنه ستنتج اختلالات جوهرية في ميزان القوى الحالي، لو انتهج تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سياسة استهداف المصالح الغربية والسعودية والإماراتية في اليمن، وسيمثل عنصر تهديد حقيقي لجهود الأمم المتحدة الرامية إلى هدنة تخفض التصعيد وتحافظ على الاستقرار الهش الصامد رغم انقضاء الهدنة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.
من ناحية أخرى –يقول مركز صنعاء للدراسات- يمكن للأزمة الداخلية التي يعيشها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أن تدفع قيادتها الحالية (بزعامة باطرفي) إلى محاولة رفع فاعلية التنظيم والحفاظ على تماسكه عبر تنسيق هجوم كبير –سواء ضد الحكومة، أو التحالف بقيادة السعودية أو المصالح الغربية– ومن شأن ذلك أن يربك المشهد السياسي والأمني الدقيق في البلاد.
وأشار إلى أنه وخلال يناير/ كانون الثاني الماضي، التقى باطرفي بعدد من القيادات الميدانية، ومنهم “أبو الهيجاء الحديدي، وأبو علي الديسي وأبو أسامة الدياني وأبو محمد اللحجي”، وطالبهم بتجهيز عناصر للقيام بعمليات انتحارية بسيارات مفخخة، في محافظات: شبوة وأبين وحضرموت وعدن.
وقام باطرفي بتشكيل لجنة حشد للمقاتلين برئاسة القيادي “أبو علي الديسي” المسؤول الديني والأيديولوجي في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
كما وجه الحديدي، الأمير المحلي للتنظيم في محافظتي شبوة وأبين، بحشد المزيد من العناصر للقيام بالعمليات ضد القوات الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.
ورغم أن باطرفي حاول في آخر ظهور إعلامي له تبني موقف معاد ضد إيران والحوثيين، على وقع الانتقادات الموجهة ضده داخل التنظيم، إلا أنه في اجتماعاته الأخيرة وجه القيادات الميدانية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بعدم شن أي هجمات نهائيا في مناطق سيطرة الحوثيين.
وتوقع التحليل أن يؤدي نمو عمليات القاعدة في المعسكر المناهض للحوثيين إلى نسف فرص السلام الضعيفة أصلا في البلاد؛ فهو من جهة سوف يغير محور الاهتمام الدولي من ملف السلام إلى ملف مكافحة الإرهاب، خصوصا في حال نجح فرع القاعدة اليمني في تنفيذ عمليات نوعية تستهدف قوات أجنبية في اليمن أو قام بترتيب عمليات خارج اليمن ضد مصالح إقليمية أو غربية، الأمر الذي سيجعل محاربة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أولوية دولية جديدة وملحة.
من جهة ثانية، فإن ضرب مراكز القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية في معسكر الحكومة الشرعية سوف يعزز من اختلال ميزان القوى وإضعاف قدرتها على مواجهة الحوثيين ـوبطبيعة الحال فإن عمليات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سوف تغذي أيضا الخلافات الداخلية في المعسكر المناهض للحوثيين، خصوصا بين حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي كلاعبين رئيسيين.
ورأى أن انخراط القاعدة الملحوظ في المعارك ضد الحوثيين خلال العامين 2015 و2016، كان عاملا أساسيا في تخوف المجتمع الدولي من استفادة التنظيم من حالة الحرب، وممارستهم لضغوط كبيرة على دولتي التحالف (السعودية والإمارات) وقيادة الشرعية اليمنية لتجنب سيناريو الحسم العسكري.
وذكر أن تقاطع حسابات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وعملياتها الميدانية مع مصالح الحوثيين وحساباتهم السياسية، سيفرض ممارسة ضغوط أكبر على طهران وحليفها في اليمن لإضعاف تنسيقهم المتنامي مع التنظيم ومنعه من التطور. وهذا بدوره سيتطلب تخلي المجتمع الدولي عن المقاربات قصيرة النظر والتي قد ترى في الحوثيين أداة مساعدة في مكافحة الإرهاب.
وقال التحليل: إن تنامي نفوذ “سيف العدل” (القائد العام الفعلي لتنظيم القاعدة ويقيم في إيران) لم يقد إلى تغير المسار العملياتي لتنظيم القاعدة في اليمن وحسب، بل أثر بقوة على عقيدته الأيديولوجية وتوجهه الاستراتيجي، بما يجعله أكثر اتساقا مع المصالح الإيرانية في اليمن والمنطقة.
وتشير التقارير الأخيرة إلى أن إيران لا تكتفي بإمداد الحوثيين وحدهم بالأسلحة، فشبكات التهريب الإيرانية تعتبر أهم مزود بالسلاح لأذرع القاعدة في الصومال عن طريق حلفائها الحوثيين في اليمن.
وعلى المدى البعيد سيستفيد الحوثيون من تنامي النشاط الجهادي السني في اليمن كغطاء لتبرير تمددهم العسكري تحت شعار مكافحة الإرهاب.
وقال إنه في الوقت الراهن، يستغل الحوثيون نشاط القاعدة في المناطق الواقعة خارج سيطرتهم كغطاء لتمرير الأعمال المارقة التي يقومون بها وتصويرها كأعمال نفذها جهاديون مثل: عمليات التصفية الجسدية للمعارضين أو استهداف المصالح الدولية.
ومنذ ديسمبر/ كانون الأول 2020 بدأت تُشن عمليات نوعية في المهرة وحضرموت ضد الناقلات والسفن التجارية باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ –يشتبه بوقوف الحوثيين وراءها. تطورت هذه العمليات في الشهور الأخيرة لتشمل موانئ تصدير النفط وهو ما ألحق أضرارا جسيمة بإيرادات الحكومة.
وطبقا لمركز صنعاء للدراسات، فقد تشجعت إيران وحلفاؤها على انتهاج هذه الاستراتيجية الجديدة بعد أشهر فقط من مبادرة القاعدة إلى التخطيط لعمليات من هذا النوع في هذه المحافظات، كإحدى بنات أفكار سيف العدل في إيران.