كريتر نت / وكالات
كلما حاول الحوثيون التواري لإخفاء جرائمهم الفاضحة في اليمن، تأتي رياح الحقيقة لتعرّي ما اجتهدوا دون جدوى في تغطيته، فالحق ساطع لا يمكن إخفاقه ودماء ضحايا الألغام من الأبرياء لن يغفرها لهم التاريخ ولن تطوى في صفحات المسكوت عنه في ظل وجود أولي عزم عملوا ويعملون على كشف كل بشاعات هذه الميليشيات للعالم بأسره.
فقد سلط تقرير برنامج “أكليد-ACLED” الدولي، المتخصص في جمع بيانات مناطق النزاع حول العالم وتحليلها، الضوء على تأثير الألغام الحوثية في السكان المدنيين في اليمن. ونشر تقريره في 31 يناير تحت عنوان “كيف تقتل الألغام الحوثية المدنيين في اليمن؟”، وأورد فيه الكثير من المعلومات والأرقام الصادمة.
ولفت التقرير إلى أنه في وقت سابق من هذا الشهر في اليمن، قتل خمسة خبراء أجانب يعملون في مشروع “مسام”؛ المعنية بنزع الألغام ، وذلك في أثناء نقل الألغام من مقر المنظمة في مأرب، حيث انفجر لغم كانوا يحملونه في الشاحنة انفجاراً قوياً قتل الخبراء الخمسة وأصاب خبيراً آخر.
وأوضح التقرير أن تلك الحادثة ليست معزولة؛ بل تكشف عن الخطر الأوسع المتمثل في أن الألغام المجهولة إلى حد كبير والأجهزة المنفجرة البدائية (العبوات الناسفة) التي لا تزال تشكل خطراً على المدنيين اليمنيين في جميع أنحاء البلاد.
وتؤكّد بعض التقديرات أن الحوثيين زرعوا أكثر من مليون لغم أرضي، منذ بدء الحرب، ما جعل اليمن “أكبر دولة ملغومة” منذ الحرب العالمية الثانية، ووثق “أكليد” مقتل 267 مدنياً على الأقل بفعل الألغام الحوثية في 140 حالة تم الإبلاغ عنها منذ عام 2016، وهذا الرقم يشمل الأسماء المسجلة رسميا فقط ، فيما تشير التقديرات إلى أن عدد المقتولين بفعل الألغام يتجاوز 920 مدنياً، فضلاً عن آلاف الجرحى.
وازدادت حدة الانفجارات الناجمة عن الألغام الحوثية منذ بدء تحالف من القوات اليمنية المشتركة بحملة عسكرية في محافظة الحديدة الغربية، التي تشكل نحو 60 % من مجموع الوفيات المدنية المرتبطة بالألغام التي زرعها الحوثيون عام 2018.
كما ازدادت حوادث الألغام تدريجياً خلال العام الماضي، وبلغت ذروتها في ديسمبر 2018 ويناير 2019 وهي الأشهر والأكثر دموية منذ أن بدأ (ACLED) بتوثيق أحداث العنف في اليمن.
ويقول التقرير إن تفحص البيانات من كثب، يمكن أن يساعد على تفسير العوامل التي تقف وراء هذه الزيادة، حيث تفيد التقارير بأنه بين يناير ومايو من العام الماضي، قتلت الألغام التي زرعها الحوثيون، ما يبلغ متوسطه 3 مدنيين في كل شهر في الحديدة، وبعد أن شنّت القوات اليمنية المشتركة الهجوم، قفز الرقم إلى 12 بين يونيو وديسمبر 2018، مسجلاً زيادة كبيرة بنسبة 279 %.
وتشكل مناطق التحيتا والدريهمي والخوخة وحيس أكثر من 70 % من إجمالي حوادث الألغام المسجلة في جميع أنحاء الحديدة، ولا يبدو أن هذا الارتفاع مجرد نتيجة ثانوية للعنف المتصاعد فحسب، بل يبدو وكأنه تكرار لنمط سبق أن لوحظ في عدن عام 2015 وذلك عقب تراجع قوات الحوثي المنسحبة من المدينة الساحلية الجنوبية، حيث عمدت، وبشكل عشوائي، في زرع الآلاف من الأسلحة المضادة للأفراد والألغام الأرضية المضادة للدبابات.
وأشار التقرير إلى أن الاستخدام المتفشي للأجهزة المتفجرة يؤدي أيضاً إلى إضعاف النشاط الاقتصادي، فكثيراً ما أصابت الألغام الأرضية التي يتم زرعها في المراعي المزارعين والحيوانات التي تشكل المصدر الرئيس لكسب العيش بالنسبة لكثير من الأسر في المناطق الريفية، وفي البحر الأحمر زرع الحوثيون ألغاماً بحرية تهدد السفن التجارية والصيادين، الذين يواجهون بالفعل التهديد المستمر للهجمات الجوية. ووفقاً لبيانات (ACLED)، فقد تسبّبت الألغام البحرية المتحركة في مقتل ما لا يقل عن 13 صياداً قبالة ساحل الحديدة منذ يوليو الماضي، وحذّر التقرير من أن الاستخدام العشوائي للألغام والعبوات البدائية الصنع يسهم في معاناة المدنيين، في الوقت الذي يشكل فيه أيضا انتهاكاً لمبادئ التمييز، وأخذ الاحتياطات على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني.
وفي هذا الخصوص طالب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني؛ المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، بإدانة واضحة لجريمة الميليشيا الحوثية في زراعة الألغام باليمن، وتجريم ومحاسبة المسؤولين عنها، وكذا الضغط على الميليشيا لوقف زراعتها بشكل عشوائي في المناطق المدنية، ودعم جهود الحكومة في نزعها وتوعية المدنيين بمخاطرها.
وبذلك تظل الإدانات الموثقة من مختلف الجهات سيفاً على رقاب هذه الميليشيات التي مهما توارت وراء ألغامها وفخاخ الموت التي تزرعها فلن تفلت من قبضة العدالة ومن محاكمة التاريخ لها.