كريتر نت – متابعات
أربكت زيارة وفد أميركي رفيع المستوى بقيادة قائد الأسطول الخامس الأدميرال براد كوبر إلى محافظة المهرة شرق اليمن الحوثيين، وهو ما انعكس في ردود فعلهم المتشنجة، في ظل خشيتهم من أن تكون هذه الزيارة في سياق ترتيبات أمنية ستقود إلى خسارتهم لأهم منفذ للأسلحة المهربة من إيران.
وتثير التحركات الأميركية في محافظة المهرة اليمنية المحاذية لسلطنة عمان قلق جماعة الحوثي التي لطالما استفادت من الموقع الجغرافي للمحافظة اليمنية للحصول على الأسلحة المهربة إليها من إيران برا وبحرا.
ومثلت محافظة المهرة الساحلية على مدار السنوات الماضية نقطة رئيسية لتهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين بواسطة حلفاء محليين في المحافظة وأيضا من خلال شبكات تهريب تنشط من داخل سلطنة عمان.
ودفع هذا الوضع على ما يبدو قيادة القوات المشتركة البحرية المنتشرة في المياه الدولية بخليج عمان وبحر العرب بقيادة الولايات المتحدة إلى التحرك لتأمين هذه النقطة ومساعدة الجهات اليمنية والتحالف العربي لتأمين الشريط الساحلي والبري للمحافظة الواقعة شرق اليمن.
وزار وفد أميركي بقيادة قائد الأسطول الخامس الجنرال كوبر، مؤخرا محافظة المهرة، حيث التقى بالسلطات المحلية ممثلة في المحافظ محمد علي ياسر، ورئيس مصلحة خفر السواحل اللواء الركن خالد علي القملي، وذلك في مقر التحالف العربي بمدينة الغيضة (مركز المهرة).
وناقش اللقاء بحسب السلطات المحلية في المهرة “جهود مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات، بالإضافة إلى تعزيز سبل التعاون والتنسيق وبناء القدرات لمصلحة خفر السواحل للإسهام في تعزيز الأمن البحري وحرية الملاحة الدولية في المنطقة، خاصةً مع استمرار إيران في زعزعة أمن المنطقة واستقرارها وتصديرها لشحنات السلاح النوعي لميليشيا الحوثي، والتي كان آخرها السلاح الإيراني النوعي الذي ضبطته البحرية البريطانية بتاريخ الثالث والعشرين من فبراير الماضي في خليج عمان وهو في طريقه إلى السواحل اليمنية”.
وكانت البحرية البريطانية قالت في بيان في وقت سابق إنها عثرت على قارب قبالة شواطئ عُمان الشهر الماضي يحمل شحنة أسلحة تضمنت صواريخ مضادة للدبابات ومكونات صواريخ باليستية متوسطة المدى. ويُعتقد أن الأسلحة كانت متوجهة إلى المتمردين في اليمن.
وجاء الكشف عن العملية بعد أسابيع قليلة من إحباط البحرية الفرنسية بمساعدة نظيرتها الأميركية لشحنة أسلحة أخرى تضمنت بنادق وصاروخا مضادا للدبابات قبالة الساحل اليمني.
وأشار المحافظ علي ياسر خلال اللقاء مع الوفد الأميركي إلى “أهمية دور واشنطن في اليمن في ظل ظروف الحرب وتداعياتها”، مشيدا “بدعم الولايات المتحدة لليمن ووقوفها إلى جانب الحكومة الشرعية في تطبيع الأوضاع وإحلال السلام”.
من جهتها أعلنت القيادة المركزية للقوّات البحرية الأميركية، في بيان، أن زيارة وفدها إلى محافظة المهرة “كانت بغرض مناقشة جهود الأمن البحري الإقليمي، والفرص المستقبلية لتعميق التعاون البحري الثنائي متعدّد الأطراف”.
التحركات الأميركية في المهرة يبدو أنها مثلت أحد الأسباب في تعثر المفاوضات الجارية بين الحوثيين والسعودية برعاية من مسقط
ونقل موقع القيادة المركزية عن الأدميرال براد كوبر قوله إنه التقى، خلال الزيارة، قيادة قوّات خفر السواحل اليمنية المشاركة في تدريبات مكافحة القرصنة متعدّدة الأطراف، وقال إن “التعاون الثنائي بين الطرفَين ساعد في اعتراض ومصادرة الأسلحة والذخيرة غير القانونية في البلاد”. وأشار إلى أن اللقاء ناقش “إطلاق دورة جديدة لعمليات القوارب الصغيرة، لأفراد خفر السواحل اليمني، لتعزيز قدرة الشركاء وقابلية التشغيل البَيني”.
ويرى متابعون أن زيارة الوفد الأميركي إلى المهرة تحمل دلالات سياسية عميقة، بالنظر إلى وزن هذا الوفد الممثل في قائد الأسطول الخامس، وأيضا الإعلان الرسمي عنها، حيث عادة ما تتكتم الولايات المتحدة عن مثل هذه الزيارات إلى المحافظات اليمنية.
ويشير المتابعون إلى أن الهدف المعلن حتى الآن هو التصدي لعمليات التهريب الإيرانية، لكن من غير المستبعد أن تتحول المحافظة إلى قاعدة عمليات أميركية متقدمة بالنظر إلى الأهمية الجيوستراتيجية للمحافظة.
ويلفت المتابعون إلى أنه ليس من الواضح بعد موقف عمان من هذه التحركات، وهي التي لطالما عدت المحافظة حديقتها الخلفية، في المقابل فإن هذه الزيارة الأميركية أربكت بشكل واضح الحوثيين، وهو ما يظهر في ردود أفعالهم المتشنجة.
ويشير المتابعون إلى أن التحركات الأميركية في المهرة يبدو أنها مثلت أحد الأسباب في تعثر المفاوضات الجارية بين الحوثيين والسعودية برعاية من مسقط.
وندّد مجلس الوزراء في حكومة الحوثيين غير المعترف بها بـ”الوجود الأميركي – البريطاني – السعودي في محافظة المهرة”، واصفا إياه بـ”عدوان واحتلال سافر وانتهاك لسيادة الجمهورية اليمنية”.
وقال المجلس إن “استمرار الوجود المباشر للقوات الأميركية والبريطانية والسعودية في المهرة وبقية المحافظات الواقعة تحت الاحتلال لا يخدم جهود إحلال السلام في اليمن، ولا الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي”.
ودعت حكومة الحوثيين ما أسمتها بـ “الدول المحتلة والمعتدية إلى أن تثبت بالأفعال لا بالتصريحات الإعلامية الدعائية جديتها في إحلال السلام لكل أبناء الشعب اليمني، بمغادرة الأراضي والمناطق التي تحتلها”.
من جهته حذر مجلس النواب الموالي للحوثيين في صنعاء من “المخططات الأميركية التي تستهدف وحدة اليمن وسيادته”، مهاجما التحركات الأميركية التي وصفها بـ”المشبوهة”، في محافظة المهرة، وآخرها زيارة السفير الأميركي وقائد الأسطول الخامس.
وعبّر المجلس في بيان عن “رفضه لأيّ تواجد أجنبي على الأراضي والجزر والمياه اليمنية أيا كانت مبرراته”، محملا التحالف العربي وقوات السلطة الشرعية “مسؤولية العبث بثروات الشعب اليمني والتفريط بسيادة اليمن واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه”.
وكان زعيم الجماعة الموالية لإيران عبدالملك الحوثي قد تحدث قبل أيام عن إنشاء واشنطن قواعد عسكرية في محافظتي حضرموت والمهرة شرق اليمن، مطالبا بمغادرة كل القوات الأجنبية وتفكيك تلك القواعد.