كريتر نت – متابعات
أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان الأربعاء أنّ استثمارات بلاده في ايران قد تبدأ “سريعا”، بعدما اتّفقت القوتان الاقليميتان على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة بينهما منذ نحو ثماني سنوات.
وقال الجدعان في “مؤتمر القطاع المالي 2023” المنعقد في الرياض ردا على سؤال حول الاستثمارات السعودية المقبلة في إيران، “يمكن أن يحدث ذلك سريعا. إذا جرى الالتزام بما تم الاتفاق عليه، أعتقد أن أمرا ما قد يحدث سريعا”.
وتابع “لا يوجد سبب يمنع ذلك. إيران جارتنا وكانت وستظل كذلك لمئات السنين. لذلك لا أرى أي مشكلة من شأنها أن تمنع تطبيع العلاقة عبر الاستثمارات (..) طالما نلتزم بالاتفاق، ونحترم السيادة، ولا نتدخل في شؤون بعضنا البعض”.
وكانت إيران والسعودية أعلنتا الجمعة استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016 خلال شهرين، إثر مفاوضات استضافتها الصين، في خطوة قد تنطوي على تغييرات إقليمية دبلوماسية كبرى.
وبحسب البيان السعودي عن الاتفاق، فقد اتفق البلدان أيضًا على “تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في 17/4/2001، والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة بتاريخ 2/2 27/5/1998”.
وانقطعت العلاقات عندما هاجم محتجّون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران بعدما أعدمت المملكة رجل دين شيعيًّا معارضًا يُدعى نمر النمر.
وتعدّ الجمهورية الإسلاميّة والسعوديّة أبرز قوّتَين إقليميّتَين في الخليج، وهما على طرفَي نقيض في معظم الملفّات الإقليميّة، وأبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفا عسكريا داعمًا للحكومة المعترف بها دوليًّا، وتَتّهم طهران بدعم الحوثيّين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد أبرزها صنعاء.
وقال الجدعان خلال المؤتمر “أعتقد أن هناك الكثير من الفرص في إيران ونحن كذلك نوفر الكثير من الفرص لهم”.
ويرى مراقبون أن اتفاق عودة العلاقات بين السعودية وإيران لم يكن اتفاقا إستراتيجيا يقدر على وقف السباق نحو التسلح بقدر ما كان صيغة للتهدئة بين البلدين، وأن الرياض تعرف مسبقا أن طهران لن تقدم تنازلات في ملفات مهمة مثل السباق نحو التسلح أو الاستمرار في دعم أذرعها والتمكين لها في المنطقة، وأن أكثر ما يمكن أن يفعله الاتفاق أنه يخلق مناخا إيجابيا يشجع على حل في اليمن تكون فيه التنازلات السعودية أكبر من خلال الحوار مع سلطة الحوثيين كأمر واقع والضغط على حلفائها من داخل الشرعية للاعتراف بشرعية “أنصارالله”.
ويشير هؤلاء إلى أن تحديد الأكثر ربحا من الاتفاق، بين السعودية وإيران موضوع قابل للنقاش، فإيران تستطيع أن تأمل بعلاقات تعاون اقتصادي مع السعودية ودول المنطقة توفر لها موارد تحتاجها بشدة في مواجهة ضائقة العقوبات، وفي مواجهة اقتصاد يقف على حافة الانهيار، بدلالة التضخم الصاروخي وانهيار العملة المحلية، كما بدلالة التصدعات الكارثية في البنية التحتية بالبلاد.
ولا تحتاج السعودية في هذه الاتفاق سوى أن تواصل نموها الاقتصادي، واستثماراتها الدولية المتزايدة، على خلفية أكثر رسوخا من الأمن والاستقرار. ومثلما أمكن تجاوز تعقيدات العلاقات مع تركيا لتتحول إلى ميدان نفوذ واستثمارات وتعاون وبالتالي رخاء متبادل، فإن إيران نفسها يمكن أن تتحول إلى ميدان مماثل بفضل حاجتها إلى الاستثمارات.
وقبل عام 2016، كانت قيمة التبادل التجاري بين طهران والرياض تُلامس 500 مليون دولار سنوياً في أحسن أحوالها، وهي قيمة كانت تعتبر ضعيفة أساساً مقارنة بحجم اقتصادهما.
وبلغت الصادرات الإيرانية إلى المملكة العربية السعودية 158 مليون دولار في العام الإيراني (المنتهي في 20 مارس 2015)، وهو العام الذي تلاه انقطاع في التبادل التجاري.
وبشكل عام، تشمل الصادرات الإيرانية الرئيسية للمملكة مواد صناعية كالحديد والأسمنت وغيرها، بالإضافة إلى الفستق الطازج والمجفف والزعفران والزبيب وغيرها من المنتجات. وشكلت هذه الأخيرة نحو 86 بالمئة من إجمالي الصادرات إلى المملكة. وتشير تقارير إلى أن 60 بالمئة من السلع الإيرانية داخل السعودية تعتبر استهلاكية، و40 بالمئة منها وسيطة.