كريتر نت – متابعات
غابت حماس، السبب الرئيسي في التصعيد بالضفة الغربية، عن اجتماع أمني رفيع المستوى عقد الأحد في شرم الشيخ على الرغم من حضور السلطة الفلسطينية واهتمام الولايات المتحدة المتزايد لفرض تهدئة تستبق تصعيدا محتملا في الضفة الغربية خلال رمضان.
ويقلل هذا الغياب من أهمية الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، خاصة بعد اعتراف قياديّين من حماس بمسؤوليّتهم عن التصعيد في الضفة الغربية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
واتفقت إسرائيل والسلطة الفلسطينية على إنشاء آلية للحد من العنف خلال اجتماع استهدف منع احتداد العنف المتصاعد بالفعل مع بداية شهر رمضان.
وكان نائب رئيس حماس صالح العاروري أكد في تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني للحركة الثلاثاء أن “كل عمل مقاوم في الضفة الغربية، حماس إما تقف وراءه أو تدعمه أو تحميه وتؤيده”.
وقال العاروري الذي ينحدر من الضفة الغربية ويقيم خارج الأراضي الفلسطينية إن “كل جهد مقاوم في الضفة الغربية لحماس سهْم فيه بشكل أو بآخر، والحركة كانت ومازالت دائما في الصفوف المتقدمة في المقاومة”.
والأحد استضافت شرم الشيخ مسؤولين أمنيين إسرائيليين وفلسطينيين رفيعي المستوى، في تحرك مدعوم بوضوح من الثلاثي الولايات المتحدة والأردن ومصر، يرمي إلى توفير أجواء لوقف التصعيد والميل نحو التهدئة في الضفة الغربية.
وفي الوقت الذي قررت فيه قيادة السلطة الفلسطينية المشاركة في الاجتماع بعد تردد وجاءت موافقتها على مضض، أعلنت حركة حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة الجهاد الإسلامي وحزب الشعب والجبهة الديمقراطية والاتحاد الديمقراطي (فدا) رفض حضورها لعدم جدواه أمنيا، وأدانت الفصائل إصرار السلطة على المشاركة في قمة رأت أنها تشكّل “انقلابًا على الإرادة الشعبية”.
ولم تشر مصر إلى طبيعة الضغوط التي تمارسها على حماس باعتبار أن قيادة الحركة تتبادل الرسائل السياسية مع إسرائيل والولايات المتحدة وفي بعض الأحيان مع السلطة الفلسطينية عبر القاهرة.
وعقد في مدينة العقبة الأردنية في السادس والعشرين من فبراير الماضي اجتماع خماسي نوه إلى اجتماع آخر يعقد في شرم الشيخ، وأسفر الاجتماع الأول عن تعهدات بخفض التصعيد، لكنها قوبلت برفض وزراء في الحكومة الإسرائيلية ومتطرفين ومستوطنين وبعض الفصائل الفلسطينية، ما أدى إلى استمرار العنف في الضفة الغربية.
◙ المشاركون في اجتماع شرم الشيخ لا يقدرون على توفير ضمانات كافية لتطبيق نتائجه على الأرض
واندلعت خلال الأسابيع الماضية اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومستوطنين من ناحية وفلسطينيين من ناحية أخرى حول المسجد الأقصى في القدس، ودخلت على الخط عناصر تتبنى المقاومة ما يعني أن الفترة المقبلة مقدمة على تصعيد مضاعف.
وأذاعت القناة 12 الإسرائيلية نقلا عن مصدر عسكري ما يشير إلى عدم توقف العنف، حيث قال “لا توجد لدى إسرائيل نية لوقف اقتحامات المدن الفلسطينية”.
وتتخوّف الإدارة الأميركية من مواصلة العنف خلال شهر رمضان الذي تتزايد فيه الاشتباكات عادة بين الجانبين، خاصة أن شهر الصيام هذا العام يأتي متزامنا مع عيد الفصح عند اليهود وعيد القيامة عند المسيحيين، بما يؤدي إلى توسيع نطاق الخطاب الديني.
ولجأت الولايات المتحدة إلى تشجيع الدبلوماسية الأمنية بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية لوقف موجة توتر ومواجهات اتسع نطاقها في مطلع العام الجاري، وأسفرت عن مصرع 84 فلسطينيا و14 إسرائيليا في عمليات متفرقة.
ويقول متابعون إن مخرجات اجتماع شرم الشيخ تؤكد على رسالة العقبة الأمنية، ومن شاركوا فيها لن يستطيعوا توفير ضمانات كافية لتطبيق نتائجها على الأرض، حيث تتبنى الأطراف الخمسة التي شاركت فيها تقديرات مع وقف العنف من دون امتلاك تصورات حقيقية لمنعه، لأن هذه المسألة تتطلب تعهدات وخطوات كبيرة.
ويضيف هؤلاء المتابعون أن الدبلوماسية الأمنية أصبحت أداة تعمل الولايات المتحدة على زيادة تفعيلها كلما فشلت الأدوات السياسية في ضبط الأوضاع في المنطقة، حيث تشعر كل الجهات التي شاركت في قمتيْ العقبة ثم شرم الشيخ بأن التمادي في العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين سيحمل معه تداعيات لا تصب في مصلحتهم جميعا، ما يوفر للمتشددين أجواء مواتية لزيادة التصعيد.
وأخفقت الأذرع السياسية للولايات المتحدة في تأكيد قدرتها على تقريب المسافات إلى الحد الأدنى الذي يعيد الثقة بها من جانب الفلسطينيين، كما أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية ترى في إدارة الرئيس جو بايدن حليفا يبدو متهاونا في دعمها لمواجهة مصادر التهديد الفلسطينية والإيرانية.
وأكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية أحمد فؤاد أنور أن رسالة شرم الشيخ الواضحة ترفض استمرار العنف، وتقول “غير مسموح بحدوث فوضى تقود إلى العودة لنقطة الصفر السياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتمنح المستوطنين فرصة لتثبيت رؤيتهم في تبني العنف الذي بدأ يزعج جناحا في الحكومة ذاتها، ويوفر حججا قوية للمقاومة الفلسطينية التي تشعر بأن صمتها على سلوك المتطرفين يحرجها شعبيا”.
وأوضح لـ”العرب” أن “السيطرة على العنف من خلال وقفه بصورة مؤقتة تمنح أملا في إمكانية العودة إلى الحديث عن تسوية سياسية غائبة منذ سنوات، وتؤكد أن هذه العملية لم تندثر لأن الإعلان رسميا عن وفاتها يفسح المجال لصياغة بدائل أخرى، فالمطلوب أن تعزز الأطراف الخمسة التي تشارك في الاجتماعات الأمنية رؤيتها، والطريق مازال مفتوحا ولن تتوقف جهودها في هذا المسار حتى تحقق الأهداف المرجوة”.