كريتر نت – متابعات
عززت الشركات الصينية الكبرى من تمركزها بالسوق المصرية في مجالي الأجهزة الكهربائية والسيارات، في خطوة تؤكد الاتجاه نحو المزيد من التوسع بهذه القطاعات في الشرق الأوسط بالرهان على وفرة خامات ومستلزمات الإنتاج، وبلا اقتراض من البنوك المصرية.
ووسعت الصين من استثماراتها في مصر مؤخرا من بوابة الأجهزة المنزلية بعد أن وضعت هاير حجر الأساس لأول مجمع صناعي نظيف للشركة بالشرق الأوسط وأفريقيا بمشاركة حسام هيبة رئيس الهيئة العامة للاستثمار.
ويقام المجمع على مساحة 200 ألف متر مربع بمدينة العاشر من رمضان شرق القاهرة، كأكبر مدينة صناعية مصرية بإجمالي استثمارات يبلغ 130 مليون دولار.
وتبلغ طاقة إنتاج مصنع هاير – مصر وهي منشأة تابعة لهاير الصينية للأجهزة المنزلية والإلكترونية، مليون وحدة سنويا، كما أن الإنشاء يتم على مرحلتين، ومن المستهدف بدء الإنتاج في الربع الأول من 2024.
وبالتزامن مع ذلك أعلنت شركة كينغ لونغ إنترناشيونال الصينية أنها ستبدأ إنتاج الحافلات الكهربائية في مصر قبل نهاية هذا العام بعد بدء اختباراتها في السعودية.
وتدرس الشركة الحوافز التي تعتزم الحكومة المصرية تقديمها لتشجيع الصناعة المحلية وجذب الاستثمارات الدولية لهذا القطاع. وتراهن بكين على الانتشار بالسوق المصرية في الفترة المقبلة مع ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية لضعف سلاسل الإمداد من الخارج.
ويأتي ذلك بينما تحصل الشركات الصينية على الخامات من شركاتها الأم في الخارج، مما يمنحها ميزة تنافسية تمكنها من طرح المنتجات في مصر بأسعار جاذبة. وتسعى القاهرة لجذب المزيد من الاستثمارات الصينية، ولهذا دشنت مؤسسة رجال الأعمال المصريين – الصينيين برئاسة رجل الأعمال مجدالدين المنزلاوي.
وتعد المؤسسة منصة جديدة لحوار فعال ومستدام بين مجتمع الأعمال بالبلدين، وتستهدف زيادة فرص الاستثمار بالمجالات ذات الأولوية الوطنية، والصلة الوثيقة بتحقيق الأهداف الإنمائية في القطاعات الواعدة والداعمة للتحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وينبع حرص الصين على تعزيز استثماراتها في مصر من كونها ذات ثقل كبير في مبادرة الحزام والطريق، وموقع قناة السويس، وأهمية المكانة الجغرافية للبلاد التي تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.
ويمثل محور قناة السويس كذلك قيمة مضافة بالنسبة إلى الممر الدولي البحري، وهو ما يعني أن المبادرة تعتمد على الاستفادة من الممر الإستراتيجي للتجارة العالمية.
وأشار مصطفى إبراهيم نائب رئيس مجلس الأعمال المصري – الصيني لـ”العرب” إلى وجود توجه صيني للاستثمار خارج البلاد، في خطوة لمحو الصورة السلبية عن عدم جودة المنتجات الصينية.
وأوضح أن التركيز يتم على الصناعات ذات القيمة المضافة المرتفعة مثل الإلكترونيات والسيارات وغيرهما من القطاعات.
أحمد الجندي: هاير تقدم حلولا جديدة وسنوسع المشاريع مع دعم السلطات
وعلى القاهرة أن تنتهز هذه الفرصة لجذب أكبر عدد من الشركات الصينية، فمصر هي الدولة الوحيدة التي تملك اتفاقيات تعزز دخول منتجات الشركات للأسواق العربية والأفريقية والأوروبية والأميركية دون جمارك، فضلا عن حاجة البلاد الماسة إلى الدولار.
ومع حرص الصين على التوسع في مجال الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية، فإن مصر تعد الدولة الأنسب لتصدير هذه المنتجات من موانئها البحرية، حيث تفرض دول أخرى رسومًا جمركية عالية عند تصدير هذه الأصناف.
وأكد إبراهيم أن فرص نمو الاستثمارات الصينية في مصر ترتبط بمدى التسهيلات التي تقدمها القاهرة للمستثمرين، وحال استمرار البيروقراطية ستتحول الأموال إلى الأسواق المنافسة المجاورة، وفي مقدمتها السعودية والإمارات.
ورغم التصريحات المتكررة للمسؤولين المصريين حول تذليل عقبات الاستثمار، لكن نائب إبراهيم أوضح أن الواقع العملي مغاير تماما، حيث تهدد البيروقراطية العتيدة مفاصل الاقتصاد، وأن هناك شركات محلية نقلت معداتها ودشنت مصانع في السعودية والإمارات.
وأكد أحمد الجندي مدير عام هاير – مصر أن الاستثمارات الصينية في الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية تخلق منافسة شرسة في مصر.
وقال الجندي العضو بالغرفة التجارية في القاهرة لـ”العرب” إن “هاير لن تقدم منتجًا فقط، فهي أكبر شركة في مجالها في العالم في آخر 14 عاما، وستطرح في مصر أوائل العام المقبل غسالات وأجهزة تلفزيون وتكييف”.
وأكد أن هاير تقدم حلولا مختلفة داخل مصر، وسيتم ربط التحكم في أجهزة التكييف والثلاجات وغيرهما عبر الهواتف الذكية، بما في ذلك التحكم فيها من خارج المنزل، بحيث يتمكن المنتج من منافسة المنتجات المحلية وجذب المستهلكين سريعا.
وستعتمد هاير على نسبة مكون محلي تبلغ 60 في المئة خلال العام الأول، ثم ترتفع إلى نحو 70 في المئة في المرحلة الثانية بحلول 2025 التي تشمل الثلاجات وبراد التجميد (فريزر).
ووفق الجندي فإن الشركة تستهدف التصدير بعد الإنتاج إلى السوق الأوروبية بجانب منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
كما توقع ضخ استثمارات جديدة بمنتجات أخرى في السنوات المقبلة بعد الدعم والمساندة اللذين لاقتهما المجموعة من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية، ما يبرهن على مساندة الحكومة للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وترجح أوساط اقتصادية مصرية انتعاش الاستثمارات الصينية في الفترة المقبلة مع وجود تسهيلات كبيرة تمنحها القاهرة، منها تفعيل الرخصة الذهبية التي بموجبها دخلت شركة هاير إلى السوق المحلية.
ويفسّر دخول هاير بشكل سريع إلى مصر بإبرامها مذكرة تفاهم مع هيئة الاستثمار يتم بموجبها تقديم الدعم اللازم لإنشاء المشروع بنظام المناطق الاستثمارية، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة مع الجهات المعنية لإتمام المشروع وإقامته وفقا للجدول الزمني للتنفيذ.
ومكنت هذه الخطوة الشركة الصينية من الخروج من مأزق البيروقراطية، لكن يصعب على كل الشركات أن تسلك نفس الطريق الذي سارت فيه هاير، لأنه ينطبق على المشاريع الكبيرة فقط، ومشروعها يضم 6 مصانع على مرحلتين.
وتضاعف حجم التبادل التجاري بين الصين ومصر في العقد الماضي ليبلغ 20 مليار دولار، وزاد حجم الاستثمارات الصينية داخل مصر ثلاث مرات ليصل إلى 1.5 مليار دولار بنهاية 2021.
ويطالب الخبراء بأن تقوم مصر بتشجيع كل المشاريع بمختلف أحجامها، سواء الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة أو متناهية الصغر، لأن الاقتصادات المتقدمة لم تقم على المشاريع الكبيرة فقط، فقد كانت الصناعات الصغيرة سببا أساسيا في نهضتها.