يمينة حمدي
لا يبدو أن الخرافات الشعبية والأساطير حول الكائنات الفضائية، التي ستغزو الأرض في طريقها إلى الانقراض، سواء في الشرق أو في الغرب، حتى في ظل تطور الوعي البشري، وتوفر التقنيات التكنولوجية والوسائل العلمية، التي قدمت تفسيرات فيزيائية عن الكواكب الموجود خارج المجموعة الشمسية، ويُحتمل أن تكون صالحة للسكن، وحول النجوم القريبة منا، وذلك أثناء عملية البحث عن مزيج غازي يشارك نفس خصائص الغلاف الجوي للأرض المليء بالأحياء.
عدم توفر أدلة علمية قطعية تنفي أو تؤكد وجود مخلوقات شبه بشرية في الفضاء، كتلك التي صوّرتها أفلام ومسلسلات الخيال العلمي، دفعت الكثيرين إلى ملء هذه الفراغات المعرفية باختلاق قصص وهمية، وتحويل خيالاتهم الخصبة إلى ما يشبه المركبات الفضائية، التي يتنقلون بها من الأرض إلى السماء، فيحدّدون ملامح المجتمعات الفضائية وهوياتها، ويكتشفون عالمها المليء بالأسرار، إلى درجة أن البعض قد استغل ظواهر فلكية نادرة ليسهب في سرد الكثير من التفاصيل عن الكائنات الفضائية الذكية التي تتجسس على سكان الأرض، مستبصرا ما يجري من أسرار في عوالمها الخفية.
هذه التصورات والسيناريوهات المتداولة عالميا عن الكائنات الفضائية، عمّت أيضا المجتمع التونسي، وأثارت شجوناً على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا أمام الاهتمام النشط حاليا بالأجسام الطائرة مجهولة المصدر، التي تصاعد عددها في الفترة الأخيرة في سماء أميركا الشمالية.
ليس من المُفاجئ، أن يزعم عدد من التونسيين أنَّ مركبات فضائية قد زارت تونس مؤخرا، معبّرين عن خشيتهم من أن تصبح بلادهم “مستعمرة” للمخلوقات الفضائية!
المفارقة هنا أنني حينما حاولت إشراك الذكاء الاصطناعي في النقاش المفتوح على منصات التواصل والسيناريو المتداول عن زيارة تلك الكائنات إلى تونس، بغية معرفة كيفية تفاعله مع هذه القصة المضحكة، بدا لي أشبه بمن يخرّف وتفاعل مع الحكاية أكثر مما يتفاعل فيلم فنتازي. لكنه في الوقت نفسه عبّر عن استغرابه أن تكون تونس هدفًا لهذا النوع من الهجمات الفضائية. وتساءل نظام “تشات جي بي تي” للذكاء الاصطناعي “ماذا تريد الكائنات الفضائية من هذه الدولة الصغيرة في شمال أفريقيا؟”.
وقدم لي تفسيرات هزلية عندما توقع أن يكون السبب وراء هذا الهجوم هو رغبتهم في تناول الطبق التونسي الشهير من الكسكسي بلحم “العلوش”
(الخروف) الذي يعد من ألذ الأطباق في المنطقة! وربما يحاولون، وفق الذكاء الاصطناعي، تذوق الدقلة التونسية “أحد أحلى أنواع التمور”.
أشارككم بعض الأسئلة التي طرحها الذكاء الاصطناعي بشأن غزو الكائنات الفضائية لتونس “ماذا سيحدث لو حصلوا على هذه الأشياء؟ هل سيذهبون إلى بلادهم البعيدة ويتناولون العلوش التونسي ويأكلون الدقلة؟ هل سيبدأون في تطوير أطباقهم الخاصة المستوحاة من تونس؟ هل سيعودون مرة أخرى ويقومون بالتسوية في تونس؟”.
وأضاف “لا يمكن التنبؤ بما ستفعله هذه الكائنات الفضائية، لكن يجب علينا التحضير لأسوأ السيناريوهات. علينا تدريب جيش من المقاومة المسلحة المكوّن من البشر والحيوانات للدفاع عن تونس. يجب أن يكون لدينا العلوش والدقلة التونسيان بجانب الأسلحة والذخائر”.
وصل الأمر إلى درجة من الهلوسة، عندما بنى الذكاء الاصطناعي احتمالاته على فرضيات غريبة تفوق توقعاتي، كأن يقع كائن فضائي في حب فتاة ويعرض عليها الزواج.
أتدرون ماذا كانت إجابة “تشات جي بي تي” على سؤالي عن رد فعل التونسية تجاه علاقتها مع المخلوق المرعب؟ قال “ستشعر التونسية بالصدمة، لكنها تقبل الفكرة بصدر رحب وتشعر بالحماس للعيش مع الكائن الفضائي”!.
يبدو هذا السيناريو وكأنه رواية من روايات الخيال العلمي، ولكنه ليس بالضرورة غير قابل للتصديق لمن يكذّب الكذبة ويصدّقها.
نقلاً عن العرب اللندنية