منصور عبيد حسين
اغلق باب غرفته ..رمى جسده على فراشه وراح يفكر ويفكر ..فكر كثيرا،اخرجها من جيبه دسها تحت المخدة اغمض عينيه ، ولكن قلبه المثقل بالهموم راح يتأوه فستدعى لو ..لوكنت طبيبا اومهندسا اومحاميا لكان لي دخلين وكنت مرتاحا ..فتح عينيه تعوذ من الشيطان ،فهو صاحب رسالة وكل هؤلاء مروا تحت يده… .دخلت زوجته وهي تقول : استيقظ الغداء جاهزا نهض متثاقلا دون ان ينبس بكلمة..
جلس الى الغداء فاكتملت حلقة الغداء الذي كان عبارة عن وجبةبسيطة كغداء الفقراء ، راح يبتلع القيمات واحدة بعد الاخرى… ..فقال ابنه الاكبر الذي يدرس في الصف الاول الثانوي : اليوم راتب، قال ذلك وهو يبتسم ونظره مصوبا نحو والده ،ولكن الاب استمر في ابتلاع اللقيمات وكانه لم يسمع شيء تبادل الابناء الخمسة النظرات وهمهموا جميعا بصوت منخفض راتب ..راتب. فقالت ابنته التي تدرس في الصف الثامن : اليوم سيفي والدنا بوعده .
قام الاب عن الغداء ، فنظرت الام الى ابنائها بحزن والى حال زوجها الذي يرثى له ،كانت تعلم ان زوجها لاحول له ولاقوه ليفي بما وعد به ،، قامت لتلحق به وحال لسانها يتمنى لو تستطيع مشاركته في اعباء هذة الحياة .
قالت له وهي تغلق باب الغرفة خلفها : لاتغضب منهم لقد صبروا كثيرا، ثلاثة اشهر وانت تعدهم بان تشتري لهم طلباتهم.. تنهدت بالم واضافت انهم يجدون ويجتهدون في دراستهم رد عليها بصوت حزين والحسرة بادية على محياه : اعرف ذلك ولكن الراتب كما ترين لايسد طلبات بقائنا على قيد الحياة ، ردت الزوجه : لقد فكرت في الامر كثيرا ووجدت الحل … رفع نظره اليها فرحا ولسانه يقول :
هات الحل ( خذ هذا ) اتسعت عيناه غضبا وانتفض ، وقبض على يدها ليمنعها من اخراجه، ولكنها تخلصت من يده بسرعة وهي تقول : انهم اولادي مثلما هم اولادك وقد اقسمت يمينا فانا ام اتالم كما تتالم سقطت دمعة على خديها ، ولسانها يقول : كنت اتمنى ان اعمل ، ان اتعلم اي حرفة لاخفف عنك اعباء الحياة التي تكاد تخنقك ولكنك رفضت ، اضافت وهي تمسح دموعها، كما رفضت ان تدع اولادنا يبيعوا اي شئ الى جانب دراستهم … رد الزوج : لا اريد ان يشغلهم عن دراستهم شيئا .. اخاف ان يحبوا العمل اكثر من الدراسة.،، اذا خذه وغدا سيفرجها الله .. سيفرجها الله وتشتري لي احسن منه ، نزل عند رغبتها وفي اليوم التالي احضر لاولاده طلباتهن فراى في اعينهم فرحا طفوليا ذكره بسنواته الاولى في التعليم ، عندما كان يشتري الجوائز لطلابه الفائزين في المسابقة ، التي يقيمها لهم كل نهاية شهر فكانت تغمرهم السعادة فتبعث في نفسه السرور ، سرح طويلا مع تلك الايام وقارنها بحالة اليوم فسقطت دموعه ونكس راسه ، لتعيده يد زوجته وهي تمسح على راسه وتقول: لماذا… …؟
رد عليها : متى ينال المعلم حقه ؟ متى يتخلص من قيود الدين الذي يرسل همومه ليلا ويذله ويحرجه نهارا ؟ كيف سيودي رسالته والآلم يعصر قلبه ؟
يناير 2019 م