كريتر نت – متابعات
أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية للدول الأعضاء في بيان مساء الجمعة أن أغلب خام اليورانيوم الطبيعي المركز البالغ وزنه 2.5 طن تقريبا الذي أُعلن عن فقده في الآونة الأخيرة من أحد المواقع في ليبيا عُثر عليه في الموقع نفسه.
وكانت الوكالة قد أبلغت دولها الأعضاء في بيان سري في 15 مارس بأن عشرة براميل تحتوي على خام اليورانيوم الطبيعي المركز اختفت من موقع ليبي لا يخضع لسيطرة الحكومة.
ورغم أن اليورانيوم المفقود كان أقل من الكمية اللازمة لصنع قنبلة نووية وكان يستلزم خضوعه للتحويل والتخصيب من أجل صنع قنبلة نووية، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت في ذلك الوقت إن فقدانه “قد يمثل خطرا إشعاعيا، فضلا عن المخاوف التي تهدد الأمن النووي”.
وورد في بيان الجمعة أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أجرت تفتيشا الثلاثاء واكتشفت أن “كمية ضئيلة نسبيا من خام اليورانيوم المركز ما زالت مفقودة”.
جاء ذلك في متابعة لبيان قوات الجيش الليبي الأسبوع الماضي الذي أفاد بالعثور على براميل خام اليورانيوم المركز بالقرب من المخزن الذي أُخذت منه في جنوب ليبيا.
وأضافت الوكالة “خلال (التفتيش)، لاحظ مفتشو الوكالة أن البراميل التي لم تكن موجودة في الموقع المعلن عنه في وقت (التفتيش) السابق قد أُعيدت وتُركت على مقربة من هذا الموقع”.
وتابعت “أكد مفتشو الوكالة على أن هذه البراميل تحتوي على خام اليورانيوم الطبيعي المركز وشهدوا إعادة نقلها الى الموقع المعلن عنه لتخزينها”.
ولم تعلن الوكالة عن مواقع تخزين مادة اليورانيوم في جنوب البلاد، فيما كشف الأمين العام للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية اللواء خالد المحجوب في وقت سابق عن وجود البراميل في منطقة لا تبعد سوى خمسة كيلومترات عن المستودع الذي كانت فيه أصلا “في اتجاه الحدود التشادية”.
وأوضح المحجوب أن الحاويات كانت موجودة في موقع في الجنوب الليبي، وأن الوكالة الدولية زارته في العام 2020 وقامت بجرد الكمية و”أقفلت باب المستودع بالشمع الأحمر”.
وأشار إلى أن الوكالة تعهدت في حينه بأن تؤمن “احتياجات الحراسة” التي تشمل “ملابس خاصة وكمامات وغيرها لحماية المكلفين بالحراسة من الأمراض التي تسبّبها هذه المادة”، لكن الوكالة لم توفر هذه الاحتياجات، وفق البيان، فاضطر الحراس إلى البقاء بعيدين عن المستودع.
ويرى مراقبون أن فقدان الكمية المعلنة دليل على عدم خضوع هذا المستودع وغيره من المستودعات للرقابة الكافية التي تكفل الأمان من الاشعاع، ما يزيد من مسؤولية الوكالة الدولية والدول الأعضاء فيها، والتي يجب أن تعامل هذه الكميات في المستودعات معاملة النفايات الخطيرة، باعتبارها بقايا لمشروع نووي مرّ على التخلي عنه قرابة العقدين.
ويعتقد مراقبون أن أطراف دولية تقف وراء إثارة ملف اليورانيوم، في هذا التوقيت بالذات، في محاولة للزج بقائد الجيش الليبي ومجموعة “فاغنر” الروسية فيه، دون وضع احتمال أن تكون جماعات مسلحة وراء الاستيلاء على الكميات الضئيلة لبيعها لدول تعمل على مشروع نووي غير معلن، خصوصا وأن الجيش الليبي لا يسيطر على كامل جنوب ليبيا، مما يعني أن هناك أجزاء تقع ضمن النفوذ الفرنسي ما يمثل خطرا حقيقيا.
ويرجح هؤلاء المراقبين أن هذا التصعيد في قضية اليورانيوم ما يحمله من اتهامات ضمنية لموسكو بالتورط في محاولة نقل هذه الكمية للاستفادة منها، قد يكون أكثر من مبرر لمواجهة قد تصل إلى حدّ الإنزال العسكري على الأرض، في ظل خسارة أميركية-أوروبية في الساحة الأوكرانية، تستدعي نقل المعركة إلى فضاء جديد، وليبيا من بين تلك الفضاءات المرجحة.
وإثر إعلان نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عام 2002 تخليه عن برنامجه النووي، أعلن في عام 2009 تخلصه نهائيا من كامل كميات اليورانيوم المخصب بمساعدة خبراء وكالة الطاقة الذرية، مبديا رغبته في البدء بالتخلص من كميات اليورانيوم الطبيعي.
ومنذ الإطاحة بالقذافي في العام 2011 بعد 42 عاما من الحكم، شهدت ليبيا فوضى وصراعات على السلطة. وتتنازع اليوم حكومتان على السلطة، إحداهما في العاصمة طرابلس (غرب) برئاسة عبدالحميد الدبيبة، والأخرى في سرت برئاسة فتحي باشاغا يدعمها مجلس النواب.