كريتر نت – العين الإخبارية
في قلب فاجعة الشتات التي يعيشها النازحون اليمنيون داخليا، تنهش ضباع الإخوان والحوثي أجسادا مشردة بلا رحمة، مخلفة مآسي لا تنتهي وانتهاكات قاتمة السواد.
هنا في مدينة مأرب (شرق) أكبر موطن نزوح في اليمن، حيث ينتشر فيها نحو 90 موقع نزوح تأوي أكثر من مليوني مشرد، تخبئ الخيم المهترئة انتهاكات لا تحصى لأذرع الإخوان الأمنية وتعد شاهدا حيا على إرهاب ترسانة تسليح مليشيات الحوثي التي لا تتورع في قصف المخيمات.
ولا يزال هجوم مليشيات الحوثي في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ماثلا أمام آلاف النازحين لا سيما سكان مخيم “الجفينة” وهو أكبر موقع نزوح باليمن، وذلك بعد أن ضربت صواريخ وطائرات الحوثي المخيم لتقتل وتصيب 27 نازحا.
ويعد الهجوم أحد أدمى الهجمات الحوثية على مدينة مأرب، فضلا عن كونه واحدا من 15 هجوما للمليشيات استهدف بشكل متعمد النازحين وذلك بين (2019- 2022) بحسب تقرير حقوقي حديث حصلت “العين الإخبارية” على نسخة منه.
هذه الهجمات خلفت أكثر من 49 ضحية بينهم 10 أطفال و7 إناث وتضرر أكثر من 24 أسرة نازحة ماديا ونفسيا، وفق التقرير الذي حمل عنوان “النازحون داخليا وويلات الصراع”، لمنظمة مساءلة اليمنية.
هجوم نوفمبر الحوثي
“شعرت بالعجز عندما حاولت إسعاف الطفلة رموش قصيلة، بعد أن اخترق الصاروخ جسدها الصغير وثبتها في الأرض، حاولت مراراً أنا والجيران إخراج جسدها من تحت الصاروخ الذي لم ينفجر لكن لم نستطع”، يقول أحد الشهود.
وفي شهادة وثقها التقرير، أوضح أن جثة الطفلة “رموش قصيلة” لم تنتشل إلا بعد وصول خبراء المتفجرات قبل أن نتفاجأ بسقوط مقذوف صاروخي آخر على بعد 60 مترا من تواجدنا، والذي تسبب في خلق رعب وهلع في المخيم”.
وكانت مليشيات الحوثي قصفت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بالصواريخ والطائرات أحد مخازن الأسلحة التابعة للمنطقة العسكرية الثالثة في مدينة مأرب مما أدى إلى حدوث سلسلة انفجارات تطايرت على إثره المقذوفات بصورة عشوائية على الأحياء القريبة وسقط أكثر من 3 مقذوفات تقريباً على مخيم “الجفينة”.
وأصاب المقذوف الأول مسكنا يأوي أكثر من أسرة نازحة في المخيم وتحديدا بالقرب من جامع عمر، حيث كان هناك 12 طفلاً بينهم الطفلة رموش قصيلة (16 عاما) ما أن سمعوا أصوات الانفجارات والصواريخ تنهال على المخيم حتى فروا من الخيام ليحتموا بإحدى الغرف الأسمنتية.
لكن المقذوف الصاروخي الثاني سقط عليهم من سطح الغرفة، فقتل الطفلة رحاب محمد قصيلة (5 أعوام) والطفلة رموش صالح قصيلة وأصيب الطفل مأرب قصيلة ( 5 أعوام) بجروح بالغة، وفقا للتقرير.
وبحسب وكالة حكومية معنية بالنزوح فقد أسفر الهجوم الحوثي عن مقتل 4 نازحين وجرح 23 شخصا منهم (5) إصابات خطيرة، وأدى إلى تدمير (13) منزلا بشكل جزئي، واحتراق (3) خيام، وتدمير (53) صهريج مياه.
اعتقالات الإخوان
في مخيم “الجفينة” نفسه، تفاجأ الناشط الإعلامي النازح ظافر الأقرع بقوة أمنية إخوانية تداهم المخيم وتقوم باعتقاله وشقيقه وذلك في ليلة الـ24 من سبتمبر/أيلول 2022.
يقول الناشط الإعلامي في شهادته إنه خرج من منزله إلى جوار النافذة من أجل تعبئة المكيف الصحراوي بالمياه كون الجو حاراً، وقبل وصولي الى المكيف شاهدت ضوء دورية أمنية في المنطقة ولم تمر سوى ثوان حتى وصلت ذات الدورية لتقوم باعتقاله.
يضيف “سألتهم بكل احترام وهدوء سلامات أيش في؟ فطلبوا أن أسلمهم هاتفي المحمول وأركب في الدورية.. وأثناء الشد والجذب معهم, سمع أخي الأصغر الأصوات وخرج علينا، وأراد ان يهدئ الموقف ويسألهم عن سبب هذا كله؟ قالوا له: وأنت الثاني اطلع فوق الدورية معه”.
وتابع: “طوال الطريق ونحن نتلقى السب والشتم من قبل الأفراد حتى وصلنا إلى قسم شرطة مخيم الجفينة، وأدخلونا غرفة احتجاز ولا نعلم ما هو السبب ولماذا تم اعتقالنا بشكل تعسفي”.
وبحسب التقرير فإن نحو 12 نازحا بينهم امرأتان تعرضوا للاعتقال من قبل السلطات الإخوانية في مدينة مأرب، فيما اعتقلت مليشيات الحوثي 5 نازحين آخرين عقب اجتياحها لعديد المديريات في المحافظة بين 2019 و2022.
ووثق التقرير 9 وقائع انفجار ألغام لمليشيات الحوثي تعرضت لها أسر نازحة و5 وقائع تجنيد أطفال، بالإضافة إلى (3) وقائع قتل تعسفي خارج إطار القانون قامت بها المليشيات الحوثية والإخوانية وألحقت أضرارا بشرية ومادية في أوساط النازحين داخلياً في محافظة مأرب (شرق).
وتأوي مأرب وهي محافظة غنية بالنفط والغاز مليونين و231 ألف نازح يشكلون ما نسبته 60% من النازحين في اليمن، تم استقبالهم منذ أواخر 2014 عقب انقلاب مليشيات الحوثي وهدم مؤسسات الدولة وتفجير الحرب المدمرة في البلاد.