كريتر نت – متابعات
تدب الشكوك في صفوف اليمنيين حيال إمكانية نجاح المفاوضات الجارية خلف الكواليس بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، وتتعزز هذه الشكوك في ضوء التصعيد السياسي والعسكري للجماعة الموالية لإيران.
وأنهى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ الخميس زيارة إلى العاصمة السعودية الرياض، التقى خلالها الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وسفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن المعتمدين لدى اليمن.
وتأتي زيارة المبعوث الأممي للرياض في ظل شكوك كبيرة تحيط بإمكانية نجاح المفاوضات الجارية خلف الكواليس بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، وسط حديث عن تعقيدات كبيرة تواجهها.
وتزامنت زيارة غروندبرغ إلى الرياض مع تصعيد عسكري لجماعة الحوثي بشن هجمات على مأرب وبعض المحافظات الجنوبية، حيث استهدفت الميليشيات المدعومة من إيران عددا من المناطق المحررة باستخدام الطائرات المسيرة، إلى جانب إطلاق قيادات سياسية وعسكرية حوثية تصريحات تتضمن تهديدا بمعاودة الهجمات على مصالح اقتصادية في المنطقة.
ووفق بيان إعلامي صادر عن مكتب المبعوث الأممي، فقد “ركزت النقاشات على التطورات الأخيرة في اليمن، وضرورة دعم الحوار البنّاء بين الأطراف لخفض حدة التوتر وإحراز تقدم نحو عملية سياسية جامعة”.
وجددت قيادات حوثية في الأيام الماضية طرح قائمة اشتراطات ومطالب، تضمنت رفع القيود المفروضة على المطارات والموانئ الخاضعة لسيطرة الجماعة، وانسحاب التحالف العربي من الملف اليمني ودفع تعويضات لإعادة ما دمرته الحرب.
ودعا مهدي المشاط، رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى التابع للميليشيا، خلال لقاء مع مشايخ ووجهاء محافظة تعز، الأربعاء، إلى رفد الجبهات بالمال والرجال، والتحلي باليقظة والجهوزية.
ولوح وزير الدفاع بحكومة الحوثي محمد ناصر العاطفي بما أسماه “معركة الحسم والتمكين”، وحذر العاطفي دول التحالف العربي خلال زيارة قام بها لجبهة ميدي، على الحدود السعودية، في حال لم ينصاعوا لما زعم أنه تحذيرات زعيم الميليشيا عبدالملك الحوثي.
ويرى مراقبون أن التحرك الأممي يهدف إلى خفض مستوى التصعيد، عبر تيسير اكتمال صفقة تبادل الأسرى التي تم الاتفاق عليها بين الحكومة اليمنية والحوثيين في مباحثات سويسرا برعاية أممية، والدفع قدما باتجاه إنضاج مباحثات تمديد الهدنة التي ترعاها سلطنة عمان.
وتخشى السلطة الشرعية من نقض الحوثيين لاتفاق الأسرى الذي جرى التوصل إليه في وقت سابق من الشهر الجاري في سويسرا، والذي يراهن عليه كمدخل لتفكيك عقد الأزمة.
وأكد رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، في وقت سابق، أهمية تنفيذ الزيارات المشتركة بين الحكومة والحوثيين، إلى مراكز الاحتجاز، والوصول إلى جميع المعتقلين، والمختطفين، والمخفيين قسرا دون قيد أو شرط.
جاء ذلك خلال لقاء العليمي برئيس الفريق الحكومي المعني بملف المحتجزين يحيى كزمان، وأعضاء الفريق المفاوض، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية “سبأ”.
كما أكد العليمي حرص المجلس والحكومة على لم شمل كافة المحتجزين بذويهم، وإنهاء هذه المعاناة الإنسانية التي طال أمدها، على حد وصفه.
وشدد العليمي على أهمية دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في المضي قدما لإتمام عملية التبادل المتفق عليها، واستئناف المساعي لإطلاق باقي المحتجزين وفقا لقاعدة الكل مقابل الكل.
وتعكس تصريحات العليمي عدم ثقة لدى مجلس القيادة في مضي جماعة الحوثي قدما في تنفيذ اتفاق الأسرى، ويرى مراقبون أن هذه المخاوف لها ما يبررها خصوصا في ظل أجواء التصعيد التي تشيعها الجماعة الموالية لإيران.
واعتبر الباحث السياسي اليمني يعقوب السفياني أن التحركات الأممية الأخيرة في الرياض لا تنفصل عن المساعي الدولية الجارية لتثبيت اتفاق هدنة جديد في اليمن، بالاستناد على الأطراف الإقليمية بدرجة أساسية.
وأشار السفياني في تصريحات لـ”العرب” إلى ما ذكره مكتب غروندبرغ عن طبيعة النقاشات التي ركزت على خفض التوتر في البلاد، بعد أيام فقط على محاولة اغتيال وزير الدفاع اليمني الفريق محسن الداعري برفقة رئيس هيئة الأركان وقائد قوات الإسناد في التحالف العربي.
وأضاف السفياني “من الواضح أن المحادثات بين الرياض والحوثيين حتى الآن لم تصل إلى اتفاق نهائي وتواجه العديد من العقبات المتجددة، رغم الدفعة الإيجابية الكبيرة التي أعقبت اتفاق المصالحة بين طهران والرياض برعاية الصين”.
وتابع “الحوثيون لديهم مخاوف من انعكاس هذا الاتفاق على هيئة ضغط إيراني لصالح السعودية، وهو ما دأبوا على نفيه مرارا وتكرارا عبر تصريحات سفيرهم لدى طهران ومسؤولين آخرين”.
ولفت السفياني إلى أن تحركات المبعوث الأممي في الرياض تأتي من حيث التوقيت قبل أيام على تنفيذ أكبر اتفاق لتبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين، والذي يعد خرقا مهما في جدار الأزمة بعد أشهر على انتهاء الهدنة الأممية في اليمن ودخول البلاد في حالة هدنة أمر واقع مشوهة ومهددة بالانهيار في أي لحظة، إذا فشلت المحادثات بين الرياض والحوثيين أو تعثر الاتفاق الأخير بين السعودية وإيران لأي سبب كان.
وكانت اختتمت قبل نحو أسبوع، مفاوضات بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في جنيف، ونجحت في الاتفاق على تنفيذ صفقة تبادل واسعة تشمل 887 أسيرا من كلا الجانبين، في التاسع عشر من شهر رمضان (العاشر من أبريل المقبل)، برعاية الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ويسعى الحوثيون لاستثمار أجواء الحراك الدولي حول الأزمة اليمنية لتكريس واقع جديد يقوم على ما يعتبرونه قوة الردع التي تولدت لديهم خلال سنوات الحرب، وتعزيز حالة الحياد العسكري الإقليمي، عبر استعراض للقوة، خارج إطار أي اتفاق لتمديد الهدنة.
وشهدت الأيام الماضية تنفيذ الحوثيين لمناورات عسكرية في محافظة الجوف اليمنية على الحدود مع السعودية، وتحليق طائرة عمودية وأخرى حربية من مخلفات الجيش اليمني السابق، في رسالة بأن الجماعة المدعومة من إيران باتت أقوى في الذكرى الثامنة لاندلاع الحرب مما كانت عليه في مارس 2015.
وترافق التصعيد الحوثي على مختلف المستويات مع محاولات قيادات بارزة في الجماعة التقليل من انعكاس الاتفاق السعودي – الإيراني على الملف اليمني، وعدم ارتباط قرار الجماعة بأي تقارب بين طهران والرياض، في محاولة لفصل مسار التسوية اليمني عن الملف الإيراني بهدف تحقيق المزيد من المكاسب للجماعة وترك الباب مواربا أمام أي تصعيد قد تقوم به، دون توريط النظام الإيراني بتبعات هذا التصعيد الذي قد يستهدف المصالح الإقليمية والدولية.