كريتر نت – متابعات
لم يكن الاتفاق على تسوية ملف الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين مفاجئا في ظل الزخم الإيجابي الذي يشهده الملف اليمني. ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق خطوة مهمة في طريق التوصل إلى سلام دائم رغم تعقيدات بقية الملفات العالقة.
وذكرت مصادر يمنية أن عملية تبادل الأسرى بين الحكومة المعترف بها دوليا والحوثيين ستبدأ منتصف الشهر الجاري، ما يعد مدخلا لوقف الحرب وتتويجا لوساطات متعددة تدفع باتجاه إحلال السلام في البلد المنكوب.
ومن شأن تسوية هذا الملف الإنساني أن تهيّئ الأرضية لإعلان وقف مطول لإطلاق النار يجري العمل عليه ضمن مسار مواز.
وبرعاية من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، تم الإعلان الشهر الماضي في سويسرا عن توصل طرفي الصراع في اليمن إلى اتفاق يقضي بإطلاق مجموعة جديدة من الأسرى والمحتجزين لدى كل من الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله الحوثية.
وتنص الصفقة التي استغرق التفاوض بشأنها عشرة أيام، على إطلاق سراح 887 محتجزا والعودة إلى الاجتماع مجددا في شهر مايو لاستكمال تنفيذ بقية الاتفاق.
وقالت جماعة الحوثي إنها ستفرج عن 181 محتجزا، بينهم 15 سعوديا و3 سودانيين، مقابل 706 سجناء ستفرج عنهم الحكومة اليمنية.
وقال وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك إن الاتفاق الأخير بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين حول ملف الأسرى “خطوة إيجابية ومرحلة أولى يجب البناء عليها”.
وأضاف بن مبارك أن “ملف الأسرى يعد من أبسط الملفات التي من الممكن الوصول إلى اتفاق بشأنها، وهناك أسس قانونية وأخلاقية يجب على جماعة الحوثي الالتزام بها وإطلاق جميع الأسرى في سجونها”.
وتابع “بموجب الاتفاق الأخير أطلقت الحكومة 706 أسرى حوثيين، مقابل 181 مواطنا وأسيرا أطلقتهم جماعة الحوثي بينهم مختطفين وصحافيين محكوم عليهم بالإعدام”.
ووفق بن مبارك، فإن موضوع الأسرى “استحقاق قديم تم الاتفاق بشأنه عام 2018 في ستوكهولم على قاعدة الكل مقابل الكل، لكن ماطل فيه الحوثيون منذ ذلك الحين كما هو الحال مع بقية بنود الاتفاق التي لم يلتزموا بها”.
وأردف “الحكومة تعتبر قضية الأسرى أحد أهم الملفات الإنسانية التي يجب تسويتها للم شمل الأسرى بأسرهم وإنهاء معاناتهم”.
وكان الجانبان قد وقعا اتفاقا برعاية دولية في مارس 2022 لتبادل أكثر من 2200 أسير من الطرفين. غير أن عملية الإفراج تعثرت وسط اتهامات متبادلة بعرقلتها. ولا يعرف على وجه الدقة عدد الأسرى والمعتقلين والمختطفين لدى كل طرف إلا أنهما قدما قوائم بأكثر من 15 ألف اسم.
وساد أجواء المفاوضات في جنيف شعور بالتفاؤل بالمستقبل. وقال عضو الوفد الحكومي ماجد فضائل إن صفقات أخرى ستتبع الصفقة الحالية إلى أن يتم الإفراج عن كل الأسرى لدى الجانبين.
وثمة شعور بمزيد من التفاؤل بالمستقبل وإيجاد حل نهائي للصراع في اليمن بعد الإعلان مؤخرا عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية. وقوبل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران بترحاب كبير عبر عواصم العالم.
ويرى محللون أن وقف الحرب في اليمن أضحى أهم أولويات العهد الدبلوماسي الجديد بين العاصمتين بعد أن أدرك البلدان أن حرب اليمن كانت عبثية منذ اندلاعها ونتيجة ظروف لم تعد موجودة اليوم، وإن لم يصرحا بذلك.
ويشير المحللون إلى أن الانفراجة المسجلة على خط السعودية – إيران، بعد توصل كلا الطرفين إلى اتفاق من أجل استعادة العلاقات الدبلوماسية في غضون شهرين والذي جرى بوساطة صينية، تعطي حافزا قويا لتفكيك العقد اليمنية بالنظر إلى التأثير الإيراني على قرار جماعة الحوثي.
جماعة الحوثي تؤكد أنها ستفرج عن 181 محتجزا، بينهم 15 سعوديا و3 سودانيين، مقابل 706 سجناء ستفرج عنهم الحكومة اليمنية
ووصف فابريزيو كاربوني المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط، الذي حضر تلك المفاوضات، التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى بأنه “تعبير عن الأمل عن الإنسانية (…) ومؤشر على طبيعة الطريق الذي ستسلكه أطراف النزاع”.
كما أثنى المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ على الاتفاق واعتبره تطورا يحمل على الاعتقاد بأن الأمور تمضي “في الاتجاه الصحيح” نحو حل الصراع بشكل نهائي.
وفي المؤتمر الصحافي الذي أعقب الاتفاق وجه المسؤول الدولي كلامه إلى طرفي النزاع، قائلا “لا بد أن تتذكرا أنكما التزمتما باتفاق تبادل الأسرى وقدمتما تعهدا ليس فقط لبعضكما بل لآلاف من الأسر اليمنية التي كابدت آلام فراق أحبتها لسنوات طويلة (…) أحثكما على الإفراج عن مزيد من الأسرى وبشكل متواصل. هذا تطور إيجابي وترجمة للوفاء بالتزاماتكما بموجب اتفاق ستوكهولم بشأن الإفراج عن كل الأسرى من الجانبين”.
وترى الأمم المتحدة أن وتيرة القتال التي انخفضت في اليمن على مدى العام الماضي بفعل الهدنة لا بد وأن تقود هذا العام إلى نهاية حرب بالوكالة غذتها بالذخيرة والعتاد إيران منذ أن أطاح الحوثيون بالحكومة المركزية في العاصمة صنعاء عام 2014.
ويعاني اليمن حربا بدأت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014، وازداد النزاع منذ مارس 2015 بعد أن تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية، في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
وحتى نهاية 2021 أسفرت حرب اليمن عن مقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، وفق الأمم المتحدة.