كريتر نت – متابعات
نشرت قناة أخبار الآن بموقعها على الانترنت مادة بعنوان “عصر الانشقاق.. الجزء السادس” حيث قالت: لم تنجح محاولات الزعيم الفعلي لتنظيم القاعدة، سيف العدل (محمد صلاح الدين عبد الحليم زيدان) في إخفاء حقيقة أمره هو ونجله بعدما لاحقته أخبار الآن بالمتابعة الإخبارية المستمرة واستطاعت الكشف عن نجله الذي يستخدم لقب ابن المدني في اليمن ويقوم بدور مهم في توجيه فرع تنظيم القاعدة هناك.
ومؤخرا أعادت مؤسسة السحاب -الذراع الإعلامية للتنظيم- نشر رسالة سيف العدل التي نشرت في موقع مافا الإيراني، لكن تحت الاسم الحركي الجديد لسيف العدل حازم المدني ، إذ يلفت إعادة استخدام لقب المدني إلى خالد بن سيف العدل، والذي يعيش في اليمن منذ سنوات.
وحملت رسالة الرمز بين الدين والإنسان إشارات عديدة منها ما يتعلق بتبرير وجوده في إيران بحكم الضرورة، ورغم أن هذه الرسالة سبق نشرها بالاسم الحركي عابر سبيل وهو اسم معروف أن سيف العدل يستخدمه بنفسه منذ وقت طويل، إلا أن اللافت استخدام اسم حازم في إشارة رمزية موجهة لأفراد التنظيم يريد بها سيف العدل التأكيد على قدرته على استخدام الحزم إن لزم الأمر لحل أي صراعات او انشقاقات في القاعدة نتيجة قيادته للتنظيم.
ويعتمد سيف العدل على نجله لاختراق تنظيم القاعدة في اليمن/ القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ودعم جناح الجهاد المعولم المؤيد لنهج سيف العدل على حساب غريمه أو تيار الجهاد المحلي.
ورغم عدم إعلان تنظيم القاعدة رسميًا عن زعيمه الذي تولى القيادة بعد مقتل الزعيم السابق أيمن الظواهري، لكن لجنة خبراء الأمم المتحدة رجحت أن قيادة القاعدة انتقلت إلى سيف العدل، واختلفت التقديرات في الأمم المتحدة حول سبب عدم إعلان ذلك، والأرجح أن العامل الرئيسي هو استمرار وجود سيف العدل في إيران، الأمر الذي من شأنه التسبب باضطراب في صفوف التنظيم.
وبالفعل تصاعدت من جديد دعوات للانشقاق عن القاعدة والتنصل من عبء الانتماء إليها؛ فقد غرد أبو مارية القحطاني، القيادي البارز بهيئة تحرير الشام قائلا إن قرار تعيين سيف العدل يعني أن التنظيم صار أداةً في أيدي الحرس الثوري الإيراني، مكررا دعواته لعناصر التنظيم بتركه، مما استفز القاعدة فنشرت إصدارًا مرئيًا بعنوان وإن هم إلا يخرصون من إنتاج مؤسسة كتائب التي أنشأها التنظيم مؤخرًا للرد على الأحاديث التي تشير إلى علاقته بطهران، واكتفى الإصدار بمهاجمة الرجل وتكذيبه دون رد مقنع على كلامه.
أزمة قاعدة اليمن
في ظل عدم إعلان القاعدة خليفة للظواهري بشكل رسمي، وتولي سيف العدل مهماته على ما يبدو بدون إعلان واضح، فإن هناك فراغًا نشأ في التنظيم نتيجة هذا الوضع الملتبس، ويكفي وقوع خلاف على مستوى القيادات لتظهر هشاشة هذه الحالة.
وحتى لو تمكن سيف العدل من تولي موقع القيادة العامة بشكل رسمي فإن لذلك عواقب خطيرة على بنية ومصداقية القاعدة بسبب إقامته في إيران، وعدم التأكد من مقدار الحرية الممنوحة له، فوضع القائد الأعلى للتنظيم يختلف عن وضعه كقيادي به، حتى لو كان قياديًا رفيع المستوى.
ففي حالة اليمن على سبيل المثال من المرتقب استمرار مسلسل الخلافات، ولكن في غياب الظواهري -الذي كان المختلفون يعدونه مرجعًا في خلافاتهم- قد تكثر الانشقاقات؛ فالقيادي اليمني أبو عمر النهدي، أمير القاعدة في المكلا سابقًا، قبل أن ينشق عن التنظيم طالب بتدخل الظواهري للفصل في خلافه مع خالد باطرفي، قائد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي ينشط في اليمن، إذ اتهمه النهدي بأمور منها منع مقاتليه من الدفاع عن القبائل اليمنية ضد هجمات ميليشيات الحوثي، وذلك في رسالته الشهيرة التي اتُهم باطرفي بحجبها عن الظواهري، ونشرها مؤيدو النهدي على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن اليوم فالأمر مختلف؛ فكيف يقرر القادة المختلفون مع باطرفي -مثل سعد العولقي- اللجوء إلى تحكيم سيف العدل -المقيم في إيران- في مسألة تخص علاقة باطرفي بميليشيات الحوثي التابعة لطهران؟ خاصةً وأن هذه المسألة تحديدًا لها علاقة وثيقة بمسألة الانشقاقات في فرع القاعدة في اليمن.
وقد أثبت مجلس الأمن الدولي، في تقرير له صدر في يوليو 2022، مظاهر التخادم بين القاعدة والحوثي؛ إذ توفر الميليشيات التابعة لطهران مأوى لعناصر القاعدة وتفرج عن سجنائهم مقابل قيامهم بعمليات إرهابية وتدريب مقاتلين حوثيين.
لكن اللافت أن الطرفين أقدما مؤخرًا على الاعتراف علنًا بتبادل المعتقلين، فاعترفت القاعدة بإجراء صفقة تبادل أسرى مع الحوثي، وذلك في نشرة إعلامية لمؤسسة الملاحم الذراع الدعائي للتنظيم.
كما أعلن رئيس لجنة الأسرى التابعة للميليشيات المدعومة من طهران، عبدالقادر مرتضى، الإفراج عن عنصرين من القاعدة، مقابل إطلاقها سراح 3 عناصر تابعة للحوثي.
إمام زمان دراويش القاعدة!
بعد مضي أكثر من عشرين عامًا قضاها سيف العدل لدى نظام الملالي، شعر قادة الحرس الثوري الإيراني بأنهم تمكنوا من خداع القاعدة بأكملها، فقد انطلت حيلهم على التنظيم بكل فروعه حول العالم، وظل الرجل في موقعه المؤثر خاصة في ظل وجود أيمن الظواهري، فتصرف خلال وجوده كأنه القائد الفعلي للتنظيم في بعض الأحيان.
وبعد مقتل الظواهري شعر الإيرانيون أن اللحظة التي انتظروها دهرًا طويلًا قد حانت أخيرًا، فسيف العدل صار الآن بمثابة زعيم القاعدة بلا منازع، وبالتالي صار التنظيم في قبضة الحرس الثوري، فالتوجيهات تخرج من إيران التي تحتفظ برأس القاعدة لديها.
وفي هذا الوضع تتجاوز طهران مرحلة رعاية القاعدة، وتوفير الملاذ الآمن والدعم اللوجستي، وتنتقل من حالة التعاون إلى وضع القيادة والتحكم المباشر في التنظيم من خلال سيف العدل، الذي جعلته إيران إمام الزمان المخفي للقاعدة.
ففي معتقد الشيعة الإثنا عشرية، المذهب الرسمي في إيران بنص الدستور، فإن محمد بن الحسن العسكري، هو الإمام الثاني عشر والأخير من بين أئمة آل البيت، وبدأت فترة إمامته المفترضة بموت والده الإمام الحادي عشر.
ووفقًا للمذهب فإن هذا الشخص دخل في سرداب بمدينة سامراء العراقية، واختفى في عهد الخليفة العباسي، المعتمد على الله (870: 892 م) خوفًا من القتل، وحتى اليوم يرسل الشيعة السلام على روحه بعبارة السلام عليك أيها المهذب الخائف.
ويذكرونه بعبارة إمام الزمان عجل الله فرجه ، لأنهم ينتظرون خروجه منذ عشرات القرون حتى اليوم، ويقَسِّمون زمن غيبته إلى قسمين: الغيبة الصغرى، والكبرى، ففي الأولى كان هناك أربع سفراء متتالين له يعملون كوسطاء بينه وبين الناس، وبدأت الفترة الثانية بموت آخر هؤلاء السفراء.
وبالنسبة لتنظيم القاعدة فقد بدأت الغيبة الصغرى لسيف العدل منذ موت الظواهري في نهاية يوليو 2022، ونظرًا لطبيعة وضعه وحرصه البالغ على الاختفاء عن الأنظار، والرقابة المفروضة عليه، أصبح سفراؤه هم الواسطة بينه وبين أتباعه في تنظيم القاعدة، فمن هؤلاء السفراء؟ وما مدى تبعيتهم للحرس الثوري؟ بالطبع هذه أسئلة لا تشغل بال أعضاء تنظيم القاعدة.
ففي تناقض غريب، يأخذ التنظيم موقفًا سلبيًا من الصوفية بسبب تعلقهم بالأمور الباطنية، ثم يسلم دراويش القاعدة زمامهم لقادتهم الإيرانيين الشيعة الإثنا عشرية دون ممانعة!.
فالأمير المسردب يبعث أوامره عبر القيادات المقربة منه، وهو ما يحدث نزاعات وانشقاقات بسبب محاولات هؤلاء الأشخاص تمرير أوامر لصالحهم باعتبار أنها تأتي من الأمير المسردب الذي لا يستطيع الناس الوصول إليه ولا يعلم شيئًا عما يقال باسمه.
فالمعضلة الكبرى بالنسبة لسيف العدل هي إقامته في إيران وعدم التأكد من مقدار القيود المفروضة عليه هناك، مما يجعل قراراته تلقائيًا عرضة للشك، فكيف يتولى قيادة تنظيم وهو نفسه لا يتمتع بالحرية في حياته الشخصية ولا يستطيع الخروج من إيران؟!.
خاصةً وأن فقهاء أهل السنة على مدار التاريخ ممن كتبوا في باب السياسة الشرعية مثل الإمام الماوردي تحدثوا عن قضية ولاية الأسير ، إذ أن من لا ولاية له على نفسه ولا يملك حريته لا يمكن إسناد الإمارة إليه من باب أولى.
وهذه إشكالية كبرى يحاول التنظيم التعامي عنها حفاظًا على تماسكه، ويُخفي عن أتباعه هذه الحقائق لأن قادة الجماعة يستمدون نفوذهم من ادعائهم الالتزام بأحكام الدين والذود عنه، لكن حينما تنكشف حقيقة هذه المخالفة الصريحة للفقه السني وللمنطق أيضًا يظهر زيف ادعاءات القاعدة.
وقد أظهر سيف العدل أن قراره مشلول، فلم يستطع حتى إعلان موت الظواهري، ولم يستطع أخذ البيعة لنفسه رغم كونه أرفع قيادي في التنظيم، فكيف يمكن لفرع القاعدة في جزيرة العرب -أو غيره من الفروع- الوثوق به لقيادة المنظمة؟.
فظروف سيف العدل غامضة ولا يمكن لأعضاء القاعدة التأكد من مدى استقلالية قراره، ولا حتى من تغير أفكاره، فحتى لو تلقى فرع القاعدة في اليمن رسالة من طهران على أنها قادمة من سيف العدل، فلا يمكنهم أبدًا التأكد من أن الإيرانيين لم يتدخلوا في الرسالة.
فكيف يمكن لأعضاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذين من المفترض أنهم يخوضون حرب حياة أو موت مع الحوثيين حلفاء إيران أن يستمعوا إلى رسالة قادمة من طهران؟.
فليس من المنطقي أصلًا إمكانية تصور أن يخوض تنظيم القاعدة في اليمن حربًا ضد ميليشيات الحوثيين كما يزعم باطرفي، بينما يعيش قائد تنظيم القاعدة في طهران حرًا طليقًا يصدر الأوامر لأتباعه في اليمن بملاحقة الميليشيات التابعة لإيران وهو يقيم في عاصمتها لا ينشغل به أحد، وهو الذي تترصد له الولايات المتحدة وتعرض مكافأة باهظة لمن يدلها عليه، وتتحمل طهران الاتهامات الأمريكية بدعم الإرهاب في سبيل استضافته هو وأتباعه.
فعلى الأقل هناك تواصل مستمر بينه وبين مضيفيه الذين مكث بينهم لما يزيد على العشرين عامًا، ولا يمكن تصور عدم استغلال الإيرانيين لهذه الورقة في أمر وثيق الصلة بمشروعهم التوسعي؛ فدعم ميليشيات الحوثي تمثل أولوية كبيرة لطهران، ويقود ضباط من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني هذه الميليشيات، وفي حماية هذا الفيلق نفسه عاش سيف العدل في إيران، ومكث تحت الإقامة الجبرية هناك بين عامي 2003 و2015.
ومؤخرًا كشفت أخبار الآن هوية سفير سيف العدل إلى اليمن، وهو نجله المكنى ب ابن المدني الذي ذهب إلى اليمن منذ عام 2016، ومع تولي باطرفي قيادة التنظيم صار لذلك الشاب نفوذًا كبيرًا يتعدى مجرد إرسال واستقبال الرسائل من وإلى إيران.
فصارت القيادات القاعدية في اليمن تتقرب إليه، لكن عددا من قيادات الصف الثاني بصفة خاصة ما زالت تتخوف من تنامي نفوذ ابن المدني لأنها تخشى من ان يكون مخترقًا أمنيًا، وقد شكت بعض القيادات المعتزلة في مسؤولية والده عن عدد من عمليات التصفية للقيادات المعارضة له.
وأصبح نجل سيف العدل مقربًا من مجموعة الحضارم في التنظيم المحسوبة على خالد باطرفي، بما يعني أن ابن المدني صار في قلب الصراع والتنافس على السلطة والنفوذ الذي يعصف بتنظيم القاعدة في اليمن.
نظرية أم القرى
عادة ما يحاول النظام الإيراني خوض المعارك بيد آخرين وفقًا لنظرية أم القرى التي شرحها محمد جواد لاريجاني، المساعد السابق لوزير الخارجية الإيراني في كتابه مقولات في الاستراتيجية الوطنية.
وملخص النظرية أن إيران هي مركز الإسلام العالمي، والدولة القائدة التي تمتد ولاية مرشدها الأعلى على الأمة الإسلامية كلها، وبذلك فإن شعوب الأمة مُلزمة بالدفاع عنها مما يمنحها نفوذًا عابرًا للحدود فتردع أعداءها عن مهاجمتها في عقر دارها.
لذلك تتوسع طهران في الدول الأخرى كاليمن لبناء مرتكزات للاشتباك مع خصومها خارج حدودها وامتلاك أوراق قوة كالتهديد بغلق مضيق باب المندب اعتمادًا على وجود الحوثيين باليمن، كما توظف دعمها لبعض الأطراف كأوراق مساومة مع الغرب في المفاوضات الدولية تقايضهم بها على قضايا أكثر أهمية لها.
وتحاول تطبيق نفس الأمر مع الحركات والتنظيمات خارج إيران، عبر توظيفها وتسخيرها للعمل ضد خصوم طهران بدلا من اضطرار الإيرانيين لمواجهة أعدائهم بشكل مباشر، فيوظفون هذه الحركات لتحدي أعدائهم بعيدًا عن الأراضي الإيرانية.
وفي سلسلة متلازمة طهران تم إلقاء الضوء بشكل مستفيض على مشروع مصطفى حامد (أبو الوليد المصري)، مؤرخ تنظيم القاعدة وصهر سيف العدل، الذي يتمحور حول فكرة ضرورة تطويع التنظيمات الجهادية للمشروع الإيراني، ودوره في إعادة رسم ملامح مسيرة القاعدة، والجهاديين العرب بصفة عامة لهذا الغرض عبر موقعه الشخصي مافا السياسي.
إذ يروج أبو الوليد صراحةً لفكرة تخادم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مع المشروع الإيراني من أجل محاربة الدول العربية السنية!.
التخادم بين القاعدة والحوثيين
لم يعد خافيًا التخادم الميداني بين القاعدة والحوثيين، فالمعارك تكشف حقيقة كل طرف، فالقاعدة تطعن الجيش اليمني في ظهره وهو يقاتل الميليشيات الإيرانية، ووقع ذلك في مناطق عديدة بالجنوب اليمني حتى انكشفت العلاقة بين الطرفين رغم خطابات العداوة.
وقد أشار الصحفي والناشط السياسي اليمني، نسيم البعيثي، إلى أن الوقائع أثبتت وجود تخادم كبير وتنسيق قوي بين تنظيم القاعدة الارهابي وإيران خاصة في اليمن فهنالك تنسيق وتعاون متواصل بين ميلشيات الحوثي وتنظيم القاعدة خاصة في بعض محافظات الجنوب كشبوة وأبين، وقد أطلقت ميليشيا الحوثي سراح عدد من عناصر التنظيم الإرهابي مقابل تنفيذ الأخير لبعض العمليات الإرهابية ضد القوات الحكومية والوحدات الأمنية التابعة لها وضرب استقرار المدن المحررة.
وأضاف في تصريحاته لـ أخبار الآن أن التخادم بين الطرفين ليس مجرد كلام إنشائي وإنما أكد مجلس الأمن الدولي ذلك في تقرير سلمته رئيسة اللجنة المعنية بـ داعش والقاعدة ، تراين هايمرباك، إلى رئيس المجلس، سجل وجود تعاون بين التنظيم وميليشيا الحوثي الإرهابية، حيث تؤوي هذه المليشيات بعض أفراد التنظيم الإرهابي وتفرج عن سجناء مقابل قيامه بعمليات إرهابية بالوكالة وتوفير التدريب العملياتي لبعض المقاتلين الحوثيين واستهداف الأمن والاستقرار في مناطق سيطرة الشرعية، وقد أوضح التقرير أن تنظيم القاعدة يعمل بواسطة لجان، عسكرية وطبية ولوجستية مشتركة.
وتابع البعيثي أنه فيما يخص تمويل إيران للإرهاب فهذا لم يعد أمرا مخفيًا خاصة وأن دولة الملالي تؤي قيادات تنظيم القاعدة وأسرهم، وهناك تمويل لأذرعها الإرهابية ببلادنا بالعتاد حيث عثرت القوات الحكومية على بقايا متفجرات استخدمها تنظيم القاعدة في أبين والبيضاء وهي إيرانية الصنع حصل عليها من ميلشيات الحوثي الإرهابية.
وأردف أن الحكومة الشرعية رفعت مذكرة في شهر أبريل 2021 إلى مجلس الأمن الدولي، تضمنت عددًا من الأدلة والبراهين التي تثبت وجود علاقة وطيدة بين ميليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة، والهدف طبعا هو نشر الفوضى والإرهاب وضرب الاستقرار في البلاد.
من جهته أكد الباحث اليمني، غائب حواس، أن العلاقة بين القاعدة والحوثيين في اليمن عبارة عن تقسيم أدوار بين الطرفين لإعطاء الحوثيين دور الشرطي وشرعنة وجود هذه الميليشيات التابعة لإيران من خلال اتخاذ ذريعة محاربة إرهاب القاعدة، وتبرير قيام طهران وأذرعها بدور شرطي المنطقة بصورة أكبر من تلك التي كان الشاه الإيراني يعتمدها سابقاً.
وأضاف حواس في تصريحاته لـ أخبار الآن أن القاعدة لم يعد لها تواجد يذكر في اليمن لكنها تتلقى الدعم من الحوثي ويتم إحياء نشاطها كلما وجد الحوثي نفسه في ورطة فيتم استحضار لافتة محاربة الإرهاب، ويأتي هؤلاء الحوثيون ليضحكوا على عقولنا بحجة محاربة إرهاب القاعدة، وإرهاب الحوثي أسقط دولة بكاملها.
وأردف: نحن بحثنا بأنفسنا في هذا الأمر فوجدنا روابط مباشرة وغير مباشرة بين طهران والقاعدة في اليمن، رغم أنه حتى لو وُجدت خلايا إرهابية فالدولة الشرعية هي المعنية بملاحقة هذه الخلايا الإرهابية وهذا ليس دور الميليشيات التي تمارس الإرهاب أكثر من تلك الخلايا التي تتورط في قتل شخص أو تنفيذ هجوم هنا أو هناك لكن الحوثيين يقتلون شعبًا بإرهابهم ويهجرون الناس ويفجرون المساجد وزرعوا الألغام.
وتابع حواس أن قادة القاعدة كانوا يعتبرون إيران وفق تنظيرهم مأوى للإخوة وفي الواقع كانوا موجهين لإزالة السنة وتوفير الذريعة للتوسع الشيعي وشيطنة وتمزيق الأغلبية السنية كما حدث في العراق حيث ذبحوا السنة وإذا أرادوا الدفاع عن أنفسهم شهروا على رقابهم سيف الإرهاب.
وكذلك يؤكد الباحث في شؤون الإرهاب الدولي، منير أديب، أن إيران احتضنت تنظيم قاعدة الجهاد واستثمرت وجوده، وقبل قرابة عشر سنوات وقعت ملاسنة بين المتحدث باسم تنظيم داعش أبو محمد العدناني وأيمن الظواهري، حيث قال المتحدث باسم تنظيم داعش المقتول إن أيمن الظواهري طلب منهم عدم مهاجمة أي أهداف إيرانية بما يعني أن ثمة علاقة ما بين أجهزة الاستخبارات الإيرانية وتنظيم قاعدة الجهاد.
وأضاف أديب في تصريحاته لـ أخبار الآن أن علاقة طهران بالقاعدة على مستوى الأفراد والقيادات مرئية ومنظورة ومعلومة، والتقارير تحدثت عن أن من يخلف الظواهري سيكون سيف العدل المقيم داخل الأراضي الإيرانية، والهدف الإيراني من العلاقة بتنظيم القاعدة هو أن تحقق مصالح سياسية وأمنية وعسكرية، فهي كانت ومازالت تدعم التنظيمات المتطرفة سواء ذات الخلفية السنية أو حتى ذات الخلفية الشيعية ومن هذه التنظيمات قاعدة الجهاد.
ولفت أديب إلى أن التنظيم ليس لديه مشكلة في وضع يده في يد أي دولة أو أجهزة استخبارات مهما اختلف معها في الأيديولوجيا أو السياسة طالما كان ذلك يخدم على مصالحه، وربما ينتقدها في العلن، لذا تحتفظ طهران بزعيم القاعدة ومازالت تخفيه ليبقى التنظيم ولا ينهار وهي تتعامل مع هذا الأمر بمنطق أن هذا الإمام المخفي لا يقل في أهميته للقاعدة عن الإمام الغائب من وجهة نظر إيران.
الإخفاقات القيادية لسيف العدل
إذا كان للتاريخ أي درس فإنه يمكن توقع نهاية تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على يد سيف العدل، فسجله القيادي ينبئنا بهذه النتيجة مسبقًا، وقد كان أسامة بن لادن، مؤسس التنظيم، يخشى من قيادته؛ ففي إحدى الرسائل المنشورة ضمن وثائق أبوت آباد، قال بصراحة إن سيف العدل لا يصلح لاستلام القيادة العامة أو النيابة، بينما يصلح للأمور العسكرية دون القيادة العليا.
ويعرف الموالون للقاعدة في سوريا جيدًا كيف خرب سيف العدل العلاقة بين القاعدة ومحمد الجولاني، حتى انشق الأخير بالفرع السوري عن التنظيم المركزي، ومن قبله انشق الفرع العراقي وتحول إلى تنظيم داعش.
فحينما كان القيادي أبو الخير المصري مكلفًا بالإشراف على الفرع السوري للقاعدة، حاول استيعاب التنظيمات القريبة أيديولوجيًا، لكن مساعيه فشلت عام 2016 بسبب تدخل سيف العدل الذي أوغر صدر أيمن الظواهري، زعيم التنظيم، وجعله يناهض خطط المصري.
واستمرت تدخلات سيف العدل حتى انشقت جبهة النصرة، الفرع السوري للقاعدة، بزعامة أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام(النصرة سابقًا) التي تسيطر حاليًا على منطقة إدلب وما حولها في شمال غرب سوريا.
ويتهم الشرعي العام لهيئة تحرير الشام عبد الرحيم عطون (أبو عبدالله الشامي)، سيف العدل بأنه كان يراسل مجموعة من المقربين منه، أبرزهم أبو القسام الأردني، وحرضهم على الانشقاق فأسسوا كيانًا منفصلا عن الجولاني، ويتهمه أيضًا بحجب رسائل فروع التنظيم عن الظواهري، ويُطلعه بدلًا من ذلك على رسائله التي تتضمن ما يريده أن يعرفه ويؤثر على قراراته.
وهكذا فإن تدخلات سيف العدل في السابق تمخضت عن نتائج كارثية للتنظيم، كما كانت تجربة القيادة المباشرة له أيضًا ذات مردود سلبي؛ إذ وُصف أسلوب قيادته بأنه كان منفرًا بشكل كبير حين أشرف عام 1994، على تدريب أعضاء التنظيم في شرق أفريقيا خاصة الصوماليين، وتولى الإشراف على معسكر في كينيا لبعض الوقت.
وقد احتوت سلسلة متلازمة طهران التي نشرتها أخبار الآن على الشواهد والأدلة الواضحة على عدم الثقة في قيادة سيف العدل لأي شيء، ناهيك عن منظمة معقدة مثل تنظيم القاعدة، خاصةً في ظل الأوضاع التي تمر بها حاليًا.
فرصة أخيرة للعولقي
وبالعودة إلى فرع القاعدة باليمن فإن قائده خالد باطرفي مقرب من سيف العدل، ورغم أن فترة قيادته للتنظيم شهدت انهيارات وإخفاقات؛ فلا يُنتظر من سيف العدل الإطاحة به مهما كانت خطاياه، بل المتوقع أن يدعم استمرارية قيادته.
فخطايا باطرفي مثل تخادمه مع الحوثي من المفترض أنها تتم بإقرار سيف العدل وبالتنسيق معه، فالإخفاقات من المتوقع أن تستمر، والتعاون مع الحوثي يُتوقع أن يزداد، فكيف يسمح سيف العدل للقاعدة في اليمن بإصلاح مشاكلها وهو جزء رئيسي من تلك المشاكل والمتهم الأول بها؟!.
وبحسب عاصم الصبري، مراسل أخبار الآن في اليمن، فإن إصرار سيف العدل على دعم باطرفي يأتي بهدف كسر الاحتكار اليمني لإمارة فرع القاعدة في جزيرة العرب بعد فترتي قيادة ناصر الوحيشي وقاسم الريمي؛ وبالتالي فإن قيادة مصري للتنظيم يأتي بعد تجربة قيادة باطرفي السعودي قبله.
وهنا نتذكر أزمة باطرفي مع أهل شبوة والجنوبيين في اليمن بقيادة سعد عاطف العولقي، الساخط على أوضاع التنظيم وسوء الإدارة والفشل المتتالي في كل شئ وتجاهل باطرفي لمشاكل الجنوبيين، فهل يقفز العولقي من سفينة القاعدة بعد أن آلت الأمور لسيف العدل وتبخرت الآمال في الإصلاح؟.
ويرجح عاصم الصبري أن سيف العدل يحاول إزاحة القيادات الجهادية الشابة وفي مقدمتها سعد العولقي، بعد أن بات يمثل تهديدًا لسلطة باطرفي، وتحديًا مستقبليًا لزعامة ابن المدني.
ما زال العولقي قادرًا على اتخاذ هذا القرار حتى اليوم، خاصةً وأن مثال الجولاني حاضر أمامه للتعلم منه؛ فلم ينجح الأخير سوى بعد أن ترك القاعدة، وتخلى عن نهج الجهاد العالمي وركز على التحديات المحلية، حتى استطاع أن يؤسس كيانًا عجزت القاعدة عن إنشاء مثيل له منذ بدأت مسيرتها.
تشير الشواهد إلى أن الوقت الحالي هو أنسب وقت ليتخذ العولقي قراره بترك القاعدة بينما لا يزال قادرًا على ذلك، قبل أن يأخذ سيف العدل البيعة لنفسه ويُصبح العولقي في عنقه بيعة له.
فالقفز من سفينة القاعدة في أسرع وقت ممكن هو سبيل النجاة أمام أعضاء التنظيم، فبالنسبة للعولقي فإن السيناريوهات المتوقعة تبدو متشائمة جدًا طالما بقي داخل الجماعة، فالتوقعات المختلفة تتفق في ذات النتيجة؛ نظرًا لأن التنظيم مُخترق كما اعترف باطرفي سابقًا.
فقادة التنظيم عُرضة للاغتيال في أي وقت بالطائرات المُسيرة الأمريكية، كما أن الحوثيين لن يتركوا العولقي وشأنه وهو يعارض مشروعهم ويقف حجر عثرة أمام تعاونهم مع القاعدة.
وفي هذه اللحظة الفارقة سوف يحدد العولقي موقفه، فإما أن يظل في موقعه تاركًا باطرفي وإمامه المسردب يُبحران بالتنظيم نحو طهران ويشنان حربًا على القبائل السنية اليمنية والحكومة الشرعية لصالح الحوثيين، وإما أن ينجو بأتباعه الجنوبيين من محرقة محققة بلا طائل ويترك القاعدة تنتظر خروج إمام زمانها من إيران لأجل غير مسمى.