في 11 شباط/فبراير، أفردت 4 صحف ومجلات أجنبية تقارير ومقالات تناولت فيها أهمية مبادرة التسامح الإماراتية وزيارة البابا فرانسيس إلى أبو ظبي، وأوردت فيها تفاصيل وصفتها بـ”ركائز حيوية” من أجل السلام العابر للحدود.
ونشرت صحيفة “نيو فيجن” اليومية الأوغندية مقالتها تحت عنوان “ما آثار الإعلان الإماراتي على السلم العالمي؟”، وقالت فيها إن الدعوة الإماراتية للبابا فرانسيس لم تكن من أجل زيارة روتينية أو شكلية، بل تميزت بالكثير من الأنشطة ذات الرسائل الهامة الجوهرية، في إطار برنامج إماراتي متكامل يهدف إلى تعزيز الحوار بين الأديان.
وأشارت الصحيفة إلى أن أبو ظبي سبق أن بادرت بإطلاق مبادرات فعالة حتى قبل زيارة البابا، دعت فيها إلى التسامح ووقف استخدام الدين من أجل تبرير أعمال العنف المدفوعة بأيديولوجيات عنصرية ذات خلفيات دينية أو عرقية. وبالطبع، لا بد من إدراك أهمية التقاء هاتين الديانتين العملاقتين، الإسلام والمسيحية، على الأراضي الإماراتية، وآثار ذلك على جعل العالم أكثر هدوءًا وأمنًا.
ما أهمية الوثيقة بين شيخ الأزهر والبابا؟
من أبرز إنجازات الزيارة لقاء البابا بشيخ الأزهر، وتوقيعهما على وثيقة مشتركة حول “الأخوة الإنسانية من أجل السلم العالمي والتعايش”.
تبعث هذه الوثيقة برسائل هامة بشأن قبول الاختلاف بين الأديان، الذي يستغله المتطرفون من أجل بناء رواية أيديولوجية ضخمة تبرر الكثير من الممارسات العنيفة والإرهابية باسم الدين.
وبالطبع، عندما يشدد المسيحي والمسلم على أهمية النصوص المقدسة التي تحرم استغلال الدين من أجل القتل أو ممارسة العنف، بل تحض على التسامح، فإن هذا يقطع الطريق على المجموعات المتشددة في المنطقة والعالم الأوسع.
تنص الوثيقة على أن الإيمان يقود المؤمنين إلى رؤية الآخرين من منظور الأخوة، من أجل الله الذي خلق الكون والمخلوقات والكائنات البشرية متساويين تحت رحمته.
وبالطبع، تستند هذه النظرة إلى النصوص المقدسة الواردة في القرآن والكتاب المقدس، اللذين يدعوان إلى الأخوة البشرية، وليس إلى الكراهية والقتل باسم الدين كما تدّعي المجموعات المتطرفة عبر تفسيراتها الخاصة لنصوص الكتب الدينية.
كما تبرز الوثيقة وجوب عمل مهندسي السياسة الدولية والاقتصاد العالمي على نشر ثقافة التسامح والتعايش المشترك بغض النظر عن الخلفيات الدينية.
هذه الوثيقة الموقعة بيد رمزين رئيسيْن في الديانتين الإسلامية والمسيحية، تجسد رواية مضادة لروايات المتطرفين الذين سفكوا الدماء وزعزعوا استقرار بلدان المنطقة باسم الدين.
إنها تشدد على التعددية وتنوع الأديان واللون والجنس والعرق واللغة.
ومن هنا، تنوه الوثيقة إلى أن إجبار الناس على الالتزام بثقافة أو نزعة دينية معينة أمر غير جائز، وبالتالي عدم جواز الهجوم على أماكن العبادة أو تهديدها؛ لأن ذلك يخالف تعاليم الديانتين المسيحية والإسلامية.
وما يزيد من أهمية الوثيقة، هو أن الكنيسة تطالب باعتمادها موضوعًا للبحث والتفكير في جميع المدارس والجامعات والمؤسسات، بغرض المساعدة في تعليم الأجيال الجديدة حول ضرورة تحقيق الخير والسلام للآخرين.
إن هذه الوثيقة تبين لنا أن هناك الكثير من الأوجه المشتركة بين المسيحية والإسلام، وليس كما يتصور البعض بشأن “عداء” الديانتين نتيجة لانتشار الروايات المتطرفة عبر الأدوات الإعلامية المختلفة.
منح الأمل للآخرين
كما اعتبرت مجلة “إيتربو نيوز” الأمريكية أن “التوجهات الإماراتية بخصوص تعزيز مفهوم التسامح الإقليمي تلهم الأمل بشأن الابتعاد عن التعصب الديني الذي تسبب بإراقة دماء الكثيرين في المنطقة”.
وقال الكاتب ألين آنجي إن “طبيعة الزيارة البابوية غير المسبوقة تمنحنا تفاؤلًا للتعايش بين الديانتين الإسلامية والمسيحية في ظل الإعلان المشترك بين شيخ الأزهر والبابا فرانسيس، وهو ما يوفر أساسًا هامًا لدحض السرد التكفيري، الأمر الذي سيعود بالإيجاب على السلم الأهلي في المجتمعات في نهاية المطاف”.
التعايش الحقيقي مع الأديان والطوائف
وقالت مجلة “ذي ويك” الهندية الدولية إن عام التسامح الإماراتي تميز بالانفتاح الفعلي على الأديان والطوائف المختلفة، وضربت مثالًا على ذلك بالقول إن أبو ظبي تستعد لافتتاح أول معبد هندوسي في البلاد في نيسان/إبريل المقبل، وهو ما يؤكد على جدية الخطوات الإماراتية في تعزيز التسامح مع الأديان.
وأضافت المجلة أن هذا يبعث برسالة متعددة الجوانب، مفادها أن الاختلاف الديني ليس مبررًا للعنف مع الآخرين.
القمة العالمية للحكومات
من جانبها، سلطت صحيفة “باكستان بوينت” الباكستانية الضوء على “منتدى التسامح الديني في المدن والمجتمعات”، المنعقد على هامش القمة العالمية السابعة للحكومات في دبي، باعتباره جزءًا رئيسًا من المبادرات الإماراتية الرامية إلى تعزيز مفهوم التسامح ومحاربة التطرف.
وقالت الصحيفة إن مبادرة التسامح الإماراتية استندت إلى الكثير من الأنشطة الميدانية الفعلية الداعية إلى التعايش مع الآخرين في مجتمعات متعددة، بالاستناد إلى أمثلة من القرآن الكريم وحياة النبي محمد (ص).
ورأت الصحيفة أن من بين أسباب نجاح أبو ظبي في إطلاق مبادرات تسامح دولية، هي قدرتها على تحقيق ركائز سلم أهلي أساسية؛ هي قبول التنوع، واحترام الأديان المختلفة، وتحسين التواصل والحوار.
وقالت ماريا إيلينا أغويرو من إسبانيا إن “المبادرات الإماراتية في عام 2019 تجسد خطوات جريئة نحو السلم العالمي في ظل سلسلة من الأدوات والخطط الرامية إلى إدارة الاختلافات العرقية والثقافية والدينية في المجتمعات”.
بينما قال مدير “ميثاق المغفرة والمصالحة” من المملكة المتحدة إن “التسامح في ظل هذه المبادرات لا غنى عنه من أجل مجتمعات سلمية خالية من المتطرفين”.
المصدر : اليوم الثامن