كريتر نت / صحف
تأتي الذكرى الثامنة لانتفاضة 11 فبراير ضد (علي عبدالله صالح ونظام حكمه) ولايزال اليمن يموج في آتون الحرب العبثية خائرًا ينزف دمًا ويتلقى الطعنات المتتالية، ثمانية أعوام واليمنيون تائهون في نفقٍ مظلم فيما تسعى مليشيات الحوثي الانقلابية لفرض فكرها السلالي والعنصري والتهام الجميع.
في شارع الجامعة بصنعاء كانت البداية استغلت كيانات مؤدلجة (حزب الإصلاح واللقاء المشترك) حماس الشباب المنتفض ضد سلطة نظام صالح على أمل أن يتحسن الحال الى الأفضل، أرادوا التغيير الحقيقي الا أن ذلك لم يتحقق فتحولت من انتفاضة شبابيه الى استغلال قوي للسلطة وتمكين الاخوان من الوصول الى الحكم بالمناصفة مع حزب صالح بعد تخلي الأخير عن الحكم بموجب المبادرة الخليجية.
الطريق الى صنعاء
انتفاضة فبراير كانت فرصة سانحة لعودة سلطة الكهنوت الأمامي (الحوثي) بعد تربص دام لسنواتً طويلة أستنفذ فيها كافة الحيل والسبل وظهرت بشكل علني منذ دخول الحوثيين صنعاء كشركاء الى جانب الإخوان المسلمين بعد ان كانت مجرد أحلام، حينها أعلنت القيادية الإخوانية توكل كرمان من على منصة تطل على شارع الجامعة المكتظ بالمتظاهرين ترحيبها بالحوثيين ووصفتهم بأنهم مستضعفون من نظام صالح، بعد ان كانت أحلام تراودهم منذ ثورة الشمال في 26 سبتمبر ضد الحكم الأمامي 1962م ليجدو من انتفاضة فبراير بوابةً للعودة مستغلين التظاهرات والخلافات السياسية بين صالح وأحزاب اللقاء المشترك.
لم يكن الحوثيون يستطيعون الدخول الى صنعاء الا بشعاراتهم السيكولوجية التي استطاعوا بها جذب المزيد من المناصرين لهم بشعار ( الموت لأمريكا الموت لإسرائيل) بعد تواطؤ حزب الإصلاح فرع الاخوان المسلمين في اليمن وتمكينهم من الدخول بأسلحتهم وعتادهم العسكري، بعد 2011 صارت صنعاء مفتوحة على مصراعيها للحوثيين وقادوا تحالف قوي مع الإصلاح ضد المؤتمر وصالح، وتمكنوا من الافراج عن معتقليهم من الحروب الستة السابقة بمساعدة من قوات الفرقة الأولى مدرع التابعة لعلي محسن الأحمر.
وبالرغم من نفي الاخوان المسلمين علاقتهم مع الحوثيين الا ان واقع الأرض يثبت ان التحالفات القائمة بينهم تفضح علاقتهم الاخوانية الحوثية والتي عززتها دول عده تحالفت معها ضمنها قطر وايران وتركيا الملاذ الأول للإخوان .
وكتب علي الجرادي “ثمانية أعوام مضت، وحتى اليوم لم تتحقق رغبات التغيير والحرية كما يجب، لكنها مليئة بتناقضات وانحسارات الواقع المر، بعد أن تمكن خصوم الثورات في المنطقة من إجهاض الربيع السلمي وإشعال فتيل الحرب في عموم البلاد، وبأدوات الثورة المضادة نفسها كان الانقلاب على الدولة ومحاولة تغييب فعل التغيير وآمال الشعب في الخلاص”.
وقال المحلل السياسي د حسين لقور الخطيئة التي ارتكبها ثوار ما سمي آنذاك انتفاضة 11فبراير انهم تجرأوا على الثورة الجنوبية و اعتبروها حركة مطلبية و تنكروا للحقوق الوطنية و السياسية للجنوب ظنا منهم ان ذلك سيقنع الجنوبيين بانتفاضتهم. فهربوا وبقي الجنوب. (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
إن الثورات الحقيقة لا تقدم وعوداً ولا تكتب شيكاً على بياض، ولا تنذر النذور وتقدم القرابين، إنها فعل جماهيري له مبرراته المنطقية والموضوعية وليس مثل ما حدث في 11 فبراير التي استغلها الاخوان المسلمون وأحزاب يسارية، لكن الفعل الجماهيري لا ينهض عبثاً، ولا تلبية لمطالب شخصية ضيقة، فالتأريخ يقول إن الثورات فعل مستمر لا تتوقف لحظاته وإن بدا في أوقات ما ساكناً لعين المراقب، لكن لحظات السكون تلك- وهي التي ينعدم فيها الفعل الثوري الجماعي لأسباب مختلفة، وعادة ما يكون ذلك مرتبطاً بوجود سلطة قمعية- فإنها تكون لحظات اكتساب زخم جديد، وهي تراكم ببطء احتقاناً جديداً لدى المجتمع، الذي غالباً ما يكون المحبطون فيه يرفعون أصواتهم بالولولة واللوم وجلد الذات.
فالثورات في حد ذاتها هي مجموعة من الأفكار والقيم التي تتطلب فعلاً جماهيرياً يحملها إلى ارض الواقع ويفرضها بحسب الأدوات المتاحة له وإمكانيات الزمان والمكان، وتلك الأفكار تظل تنتقل من جيل إلى جيل بشكل أكثر قداسة وأكثر حدة مع السلطة التي تنتهك تلك المسلمات.
انتفاضة ام صراع عبثي ؟
وبعد مرور ثمانية أعوام واليمنيون يعيشون في صراع عبثي ولا يخدم ذلك الصراع سوى ميلشيات الحوثي الانقلابية التي أهلكت الحرث والنسل بسياسة ممنهجة وانتقام من اليمنيين، حيث سعت جاهدة لإيجاد شرخًا اجتماعي بمختلف الوسائل وحشرت
انتفاضة ام صراع عبثي ؟
وبعد مرور ثمانية أعوام واليمنيون يعيشون في صراع عبثي ولا يخدم ذلك الصراع سوى ميلشيات الحوثي الانقلابية التي أهلكت الحرث والنسل بسياسة ممنهجة وانتقام من اليمنيين، حيث سعت جاهدة لإيجاد شرخًا اجتماعي بمختلف الوسائل وحشرت البلاد في نقطة ضيقةً خدمة لمشروعها الطائفي الذي تسعى لجعله ورقة بيد إيران، ليستولي الحوثي على سدة الحكم في الـ 21 من سبتمبر 2014 وبتوقيع اتفاقية السلم والشراكة والتي اشعلت الحرب اكلت الأخضر واليابس وأنهت البقايا المتبقية من الانتفاضة الشبابية التي أطاحت بالرئيس الرحال علي عبدالله صالح، بلمح البصر وباتت الدماء مضرجة في الشوارع وتخلى الإصلاح عن الانتفاضة الشبابية وجعلها سلم يصل الى مبتغاه والوصل الى مناصب وزارية وباع دماء شهداء الانتفاضة بثمنٍ بخس مقابل امتيازات ومصالح شخصية لقيادات الحزب .
حرب 2015
وفي الجنوب لم يكن الحال كما هو عليه واعدًا فمنذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في أغسطس/آب 2014 وانقلابهم على الدولة عملوا على اعلان التحشيد والتعبئة العسكرية ضد الجنوب، وحدث ذلك الانهيار السريع على الحكم الى حدث غزو شمالي آخر على الجنوب مما دعى الى تدحل تحالف عربي تقوده السعودية في مارس 2015 لاستعادة الشرعية وانهاء الانقلاب الحوثي، لكن بعد مرور أربعة أعوام أضحت الحرب التي شنتها المليشيات الحوثية كابوسًا يؤرق اليمنيين وزاد من خطر المجاعة وفاقم الأوضاع الانسانية .
وسيطر الحوثيون على معظم أنحاء اليمن، عقب انقلابهم على الرئيس هادي، بتحالفهم مع صالح، لكن سيطرتهم تقلصت خلال الحرب، وباتوا يفرضون وجودهم المطلق في العاصمة صنعاء، ومحافظات عمران والمحويت وذمار وريمة وإب، ومعظم محافظات صعدة وحجة والحديدة والبيضاء وتعز.
ويدعم التحالف العربي الحكومة الشرعية اليمنية في حربها ضد الحوثيين التي تسيطر شكليا على معظم مساحة البلاد، وتُشكل الصحراء نصفها.