هبة ياسين
باغت رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات الساحة السياسية المصرية ببيان تحت عنوان “مرشح الانتخابات الرئاسية 2024″، تحدث فيه عما أسماه “المرشح المفاجأة” الذي لم يكشف عن هويته.
وعلمت “العرب” من مصادر موثوقة أن هذا المرشح جنرال سابق، ويحظى بسمعة طيبة في الأوساط المدنية المصرية، ومنذ خروجه من منصبه لم يظهر تقريبا في مناسبات عامة أو يدلي بتصريحات لأحد أو يثير ضغينة أو حقدا مع أحد، لكن عليه أولا أن يحصل على موافقة المؤسسة العسكرية للسماح له بالترشح وفقا لقوانينها.
وفتح بيان السادات الاثنين الباب لتساؤلات عديدة في الأوساط السياسية وأعاد الجدل مبكرا حول انتخابات الرئاسة منتصف العام المقبل، كما خلق حالة من الشغف والترقب لدى متابعين تطلعوا لمعرفة من هو المرشح “المفاجأة” المقصود.
وقال رئيس حزب الإصلاح لـ”العرب” إن الحركة المدنية الديمقراطية أصدرت بيانا قبل أيام حددت فيه مجموعة من الضمانات والشروط المتعلقة بإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة، وعلى ضوء استجابة الدولة لهذه المطالب وتحقيق الحد الأدنى منها سيتشجع الناخبون للنزول والإدلاء بأصواتهم لتكون هناك مشاركة حقيقية.
كما أن ذلك سيشجع بعض المرشحين الذين يفكرون جديا في خوض الانتخابات، ولديهم قدرة على فرض أنفسهم، لكن السادات قال “لا أعتقد أن أيّ شخص سيُقدم على هذه الخطوة ما لم يشعر بوجود أمان وضمان وسلامة للمرشحين وفريق عملهم”، لافتا إلى أن ثمة مرشحا فعليا تتم دراسة موقفه وفرصه.
وكشف لـ”العرب” أن هذا المرشح “مازال يفكر ويدرس الأمر بجدية”، داعيا إلى التمهل حتى يعلن بنفسه عن حسمه لموقفه النهائي، وأن المشاورات تجري معه في هذا الصدد.
وأفاد المرشح المجهول بأنه “يعتزم حال خوضه الانتخابات الرئاسية أن يقوم باختيار وتعيين نائبين للرئيس، أحدهما امرأة والآخر شخصية مسيحية، وسيتم الإعلان عنهما مع تقدمه بأوراق ترشحه، ووعد بحسم موقفه على ضوء الالتزام والتجاوب مع الضمانات التي طرحتها القوى الوطنية بشأن حرية العملية الانتخابية ونزاهتها”.
وتتوقع قوى سياسية استجابة الدولة وتفاعلها مع الطلبات المتعددة المقدمة من قوى مختلفة بخصوص نزاهة الانتخابات كي لا ترى انتخابات شبيهة بالانتخابات الأخيرة التي ضمنت مرشحا متواضعا سياسيا تم الدفع به في آخر لحظة لمنافسة الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.
واستبعد مراقبون تكرار ذلك السيناريو مرة أخرى في مصر، وهو ما يشجع بعض الأسماء الوطنية ذات الوزن السياسي الثقيل على التفكير في خوض الانتخابات.
◙ توافق القوى السياسية حول مرشح جدّي أو أكثر لخوض الرئاسيات المقبلة يحول دون تحول الاستحقاق إلى انتخابات صورية
وتم تداول بعض الأسماء كمقترحات لشخصيات تصلح للترشح باسم التيار المدني في انتخابات الرئاسة، منها عضو مجلس النواب السابق أحمد طنطاوي، ونائب رئيس مجلس الوزراء سابقا زياد بهاءالدين، ورئيس حزب المحافظين أكمل قرطام، ووزير الخارجية الأسبق نبيل فهمي، والمستشار السياسي لرئيس الجمهورية السابق مصطفى حجازي، ورئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل، والمتحدث السابق باسم الحركة المدنية يحيى حسين عبدالهادي، وأنور السادات نفسه قد يكون أحد الأسماء المطروحة.
ورأى السادات في حديثه مع “العرب” أن الحديث عن الانتخابات هو الأجدى بتناوله في الفترة الحالية، وله أولوية على الحوار الوطني، حيث قال “الوقت يداهمنا ولا بد من تسمية مرشح حتى يبدأ خطواته ويتواصل مع الناس، فالانتخابات على الأبواب”.
ونفى السادات وجود تنسيق مع أجهزة الدولة الرسمية بخصوص هذا المرشح مثلما حدث في الانتخابات الماضية، واستنكر ذلك تماما قائلا “السيسي سوف يكون منافسا، كيف يتم التنسيق مع أجهزة الدولة في هذا الصدد”.
وحزب الإصلاح والتنمية هو أحد المكونات المهمة في الحركة المدنية التي تعتبر مظلة واسعة لعدد كبير من الأحزاب والشخصيات العامة المعارضة.
وكشفت إشارة السادات في بيانه إلى أن “المرشح مفاجأة” مدى توطّد العلاقة بينه وبين الحركة المدنية، كما أثارت التساؤل التالي: هل سيكون مرشحها في الانتخابات الرئاسية المنتظرة؟
ولفت المتحدث باسم الحركة المدنية خالد داوود في تصريح لـ”العرب” إلى بيان سابق أصدرته الحركة بخصوص ضمانات الانتخابات، وهو عام ولا يرتبط بمرشح بعينه، وهي ضمانات تنطبق على أيّ طرف يرغب في الترشح للانتخابات المقبلة، وخلال اجتماع الحركة الأخير لم يتم طرح أسماء للنقاش والاكتفاء بالضمانات المطلوبة، لأنها ستفتح الباب أمام أيّ مرشح جاد.
وقال داوود إن بيان السادات “موقف شخصي منه”، ولا يعبّر عن الحركة المدنية التي لم تطرح أسماء محددة حتى الآن، وأضاف “ليس لدينا أيّ معلومات عن الشخصية التي وصفها السادات بالمفاجأة، فهو لم يطرح الاسم ونحن لا نعلم من هو المرشح”.
واعترف السادات لـ”العرب” بأنه لم يعرض اسم المرشح المحتمل على الحركة المدنية وأحزابها ولا على الجمهور العام، مبرّرا ذلك بقوله “مازلنا في مرحلة التفكير الجدي، ويتوقف ذلك على مدى استجابة الدولة للضمانات المعلنة”.
وطرح الجدل الدائر في مصر الآن أهمية توافق القوى السياسية حول مرشح أو أكثر لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة ينافس أو ينافسون بشكل حقيقي وجاد دون أن يتحول الاستحقاق الدستوري إلى استفتاء أو انتخابات صورية، ما يفرض على القوى المدنية بلورة رؤية وبرنامج والالتفاف حول مرشح توافقي.
وقد يكون ما طرحه السادات محاولة لجس النبض، بينما اعتبره آخرون بمثابة حجر الغرض منه أن يلقى في المياه الراكدة لتحريكها، لأن هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها رئيس الإصلاح والتنمية عن “المرشح المفاجأة”، إذ ألمح إلى ذلك في لقاء تلفزيوني سابق.
وأكد نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية علاء عبدالنبي أن الضمانات التي أعلنتها الحركة المدنية مسألة معلنة، ورهن استجابة الدولة وتفاعلها معها، ومن حق أيّ شخص أن يتخذ قراره بالترشح ولو لم يتم التجاوب معه.
وشدد على أن الحركة المدنية أو غيرها من القوى السياسية ليست بوابة من خلالها فقط يتم اتخاذ قرار الترشح أو التوافق، وربما نتفاجأ بأسماء لم تطرح على الحركة المدنية أو شاركت في السباق الانتخابي من قبل، ويكفي انشغال الحركة المدنية بالحوار الوطني والإعداد له كما ينبغي بما يحقق تطلعات المصريين وآمالهم.
وتابع نائب رئيس الإصلاح والتنمية أن “المرشح الذي أشار إليه السادات لم يحسم موقفه النهائي، بالتالي لا مجال للتشاور بشأنه، فضلا عن أن ما تردد داخل الأوساط السياسية من وجود تفاهمات وتنسيق بين الحركة المدنية والأجهزة الأمنية في بعض الأمور يستوجب عدم التشاور معها حتى يتم حسم الأمر وكي لا يتم حساب المرشح المحتمل على أجهزة بعينها أو اعتباره ديكورا يكمل به المشهد الانتخابي المقبل”.
المصدر العرب اللندنية