سيد محمود سلام
الباحث عن إجابات عن السؤال الصعب، لماذا تفوق مسلسل “تحت الوصاية” للنجمة منى زكى – والذي بدأ عرضه فى النصف الثاني من شهر رمضان الكريم – على مسلسلات كثيرة كانت قد بدأت منذ أول الشهر، وواجهت انتقادات كثيرة، ثم لماذا حقق نجاحا بعد موجة غضب كانت قد اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي قبيل عرضه بشهر تقريبا بسبب صور بطلة العمل فى شخصية “حنان عبدالحميد السيد “التى جسدتها منى زكى..؟!
الإجابة ببساطة أن هناك صناع دراما أبو أن تخرج من تحت أيديهم أفكار مشوهة، فريق يعتمد على الموهبة وليس التجريب ..
فخبرة المؤلفين خالد وشيرين دياب فى السينما والتى أهلتهما لأن يقدما أعمالا مهمة؛ فخالد دياب كتب أفلاما حققت نجاحا كبيرا؛ منها “بلبل حيران” و”عسل اسود” و”ألف مبروك” و”اشتباك” و”الجزيرة2″ و”طلق صناعى” وهو من إخراجه، و”برا المنهج” ناهيك عن أعماله التليفزيونية؛ ومنها بالطبع “سهام مارقة” و”طايع”، وبعض هذه الأعمال شاركته كتابتها شيرين دياب.
هناك رؤية وإدراك لأهمية طرح فكرة ما؛ سواء كانت عن شخصية واقعية، أم خيالية، تؤكد أهمية أن تتحدى المرأة الظروف المحيطة بها، وهو ما دفع بعض المهتمين بقضايا المرأة فى مراكز ومسئوليات أمثال دكتورة مايا مرسي رئيس المجلس القومى للمرأة ، لأن تشيد بالعمل، وتقول بأن المسلسل يناقش قضية فى غاية الأهمية.
نأتي هنا إلى صناع الشكل الذى أثار إعجاب المشاهدين، صور لمجتمع الصيادين، لم تتناوله الدراما كثيرا،وعلى أرض واقع حقيقى هو دمياط، بعيدا ديكورات الشقق المفروشة والأستديوهات الكئيبة التى صورت بها معظم أعمال رمضان.
ومخرج شاب لديه تجارب فى دراما وبرامج إنسانية كثيرة، هو محمد شاكر خضير، ثم ملابس لمصممة الأزياء ريم العدل، وموسيقى تصويرية ليال وطفة، ديكورات محمد عطية.. كل هذا فى جانب والتحدى الأهم لممثلين يعلمون جيدا أنهم سيتم مشاهدتهم مع ممثلة موهوبة هي منى زكى ونجاحهم من نجاحها، فبدأت مباراة التحدى من مها نصار، شقيقة منى فى المسلسل، ودياب، وهو اكتشاف حقيقى فى عالم التمثيل وليس الغناء فقط، والممثل المسرحي المخضرم رشدى الشامى، وأحمد خالد صالح المختلف كليا فى هذا المسلسل، وثراء جبيل، وجميل برسوم، وعلى الطيب، وأحمد عبدالحميد، والمتميز خالد كمال، ونهى عابدن، وشخصيات أخرى كثيرة تطل علينا فى كل حلقة.
الفكرة قد تكون بسيطة، سيدة يتوفى زوجها فتضطرها الظروف للهرب بمركب الصيد التى كان يعمل عليها زوجها ويمتلكها خوفا من سيطرة شقيقه، الذي يبدأ فى مطاردتها لاستعادة المركب، ويتهمها بسرقتها، وفى رحلة الهروب يقدم لنا الملسل معاناة المرأة المصرية فى إعالة أسرتها حال موت الزوج ومواجهة أسرته الطامعة فى ميراثه.
منى زكى تنتقل فى مسلسل “تحت الوصاية” من الممثلة النجمة إلى الممثلة التى تصنع لنفسها تاريخا فى الدراما التليفزونية كواحدة من جيل واجه صعوبات كثيرة، وحدثت فى مسيرتها عثرات خلال السنوات الماضية دفعتها للتوقف تارة ولتقديم أعمال أثيرت حولها أزمات، لكنها هنا أرادت أن تدخل البيوت من أبوابها ، من خلال مشاكل ملموسة، كيف تتحمل مسئولية طفلين، وكيف تعيش كسيدة وسط الرجال فى مهمة صعبة؛ وهى قيادة مركب لصيد السمك..
وتواجه تجارًا يتحكمون فى هذه السوق، ويمكن القول بأنها خدعت كل من هاجموها بحيلة.. هنشوف مين فينا الصح أنا ولا السوشيال ميديا!
وفى الواقع هي اختارت أن تقدم وجها آخر لمنى زكى التى عرفها الناس، وساعدها فى ذلك الفكرة، والمخرج، والستايلست، والتصوير الخارجى فى البحر، وطفل موهوب هو عمر شريف، والذي يقوم بدور ابنها، وتركيبة كان من الصعب أن يخرج هذا العمل بدونها، وقد كنت أخشى فى البداية أن يقع العمل فريسة ما حدث من هجوم على منى زكى بسبب الحجاب الذى كانت قد ظهرت به، لكنها عند عرض الحلقة الأولى ظهرت وكانها ست مصرية من حارة شعبية مثل الملايين من سيدات مصر.
“تحت الوصاية” يحسب لمنتجه “سعدى- جوهر” وهو من أنتج لها من قبل مسلسل “لعبة نيوتن” وحقق نجاحا كبيرا، هذا النجاح يضعنا أمام معادلة مهمة كيف تنجح؟!
والإجابة.. أن تكون عينك على الجمهور، وليس اسمك ونجوميتك، ورصيدك فى البنك!
المصدر “بوابة الأهرام”