كريتر نت – متابعات
كشفت مصادر يمنية، عن تحركات لعقد جلسات مفاوضات جديدة بين الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي، خلال الأيام القادمة لمناقشة عدد من الملفات العالقة، من أبرزها توحيد العملة والبنك وصرف المرتبات.
وتأتي جولة المحادثات المرتقبة في ظل الجهود الجارية للتوصل إلى تهدئة مطولة في اليمن والتي رجح البعض الإعلان عنها عقب عطلة عيد الفطر.
وتوقعت مصادر المطلعة أن تكون هناك عملية تفاوض جديدة بين وفدي الحكومة وجماعة الحوثي حول إطلاق سراح مجموعة جديدة من الأسرى خلال الأيام القليلة المقبلة، وكذا البدء في تنفيذ تفاهمات مسقط الإنسانية، المتمثلة في فتح الطرق ومطار صنعاء وموانئ الحديدة.
وأضافت المصادر في تصريح لموقع “المشهد اليمني” أن التفاهمات المرتقبة ستفضي إلى تشكيل لجان لتوحيد العملة والبنك المركزي والبدء في صرف مرتبات الموظفين.
وأشارت إلى أن الأيام القادمة ستشهد تحركات إقليمية نوعية في سبيل عقد لقاء جامع بين الأطراف اليمنية للوصول إلى إعلان اتفاق هدنة تمهيدا لمفاوضات سلام شامل.
ويصر الحوثيون على ضرورة تولي السلطة الشرعية دفع رواتب جميع الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم بما يشمل قواتهم، ووضع جدول زمني محدد لانسحاب قوات التحالف العربي، مع رفع جميع القيود على النقل البحري والجوي، للقبول بتهدئة مطولة يجري بموجبها بحث تسوية سياسية.
وكان الوفد السعودي بقيادة سفير الرياض لدى اليمن محمد آل جابر قد طلب مهلة للنظر في مطالب الجماعة الموالية لإيران، التي لم تنتظر الرد السعودي لتصعّد من لهجتها ضده وتتهمه بالمراوغة وتوعدته بـ”الهروع إلى صنعاء خاضعا خانعا للسلام والاستسلام”.
ويبدو أن السعودية لديها تحفظات حيال عدد من الشروط التي أصر عليها الحوثيون خلال الزيارة التي أداها وفدها في الثامن من أبريل الجاري إلى صنعاء حيث اجتمع هناك مع قيادة الحوثيين بحضور وفد عماني.
وعرفت الجهود الجارية لتحقيق السلام في اليمن زخما إيجابيا طيلة الفترة الماضية، كان من أبرز مظاهره إتمام صفقة تبادل كبرى للأسرى بين الحوثيين والسلطة الشرعية.
واستئناف اللقاءات خلال الفترة المقبلة، كما هو معلن، يشير إلى أن نقاطا متعددة لا تزال محل خلاف، وبحسمها أو تواصل التباين فيها، يتقرر ما إذا كان اليمن يتجه إلى إيقاف الحرب أو عودة للصراع أو على أقل تقدير استمرار الحالة الراهنة المتمثلة بالتهدئة.
وفي هذا الخصوص، كشف مصدر حكومي يمني في تصريحات لوكالة الأناضول، مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن الحوثيين يرفعون سقف مطالبهم لتحقيق مكاسب أكبر، إدراكا منهم أن التحالف العربي اتخذ قرار السلم.
وأضاف المصدر، أن “الحوثي يريد الاعتراف به أولا كطرف شرعي، دون أن يسلم السلاح أو أي منطقة تحت يده، بل إنه يريد أن يكون شريكا في الموارد والتعويضات بنسبة كبيرة”.
وزيادة على ذلك تفيد مصادر مقربة من الحكومة اليمنية المعترف بها، أن جماعة الحوثي تشترط أن تتولى صرف الرواتب، ونسبة كبيرة من إيرادات النفط بمناطق الحكومة واستئثارها بالإيرادات في مناطق سيطرتها، الأمر الذي قد يعقد المفاوضات، وقد يعيدها إلى نقطة الصفر.
وقال عضو مجلسها السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، السبت، إنه “لا عبرة بالمحادثات والنقاشات ما لم تشرع السعودية في خطوات ملموسة عملية على الصعيد الإنساني”.
وأضاف في تصريحات لقناة “المسيرة” الناطقة باسم الحوثيين، إن جماعته تتطلع إلى إنهاء الحرب تماماً وليس إلى الهدنة، متحدثاً عن جملة مطالب تتعلق بفتح الموانئ ومطار صنعاء وصرف الرواتب.
ولا تزال مرتكزات الحل السياسي تهدد أي جهود لإنهاء الحرب بشكل شامل، فالحكومة متمسكة بمرجعيات ثلاث تشدد على ضرورة الالتزام بها في أي مفاوضات.
والمرجعيات الثلاث يرفضها الحوثيون، وهي المبادرة الخليجية (2011) ونتائج مؤتمر الحوار الوطني (2013-2014) وقرارات مجلس الأمن الدولي خصوصا رقم 2216 (يلزم الحوثيين بترك المناطق الخاضعة لهم وتسليم سلاحهم).
كما ذكر وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك أن “أهم عامل للأزمة استمرار الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية، والانقلاب على المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ورفض تنفيذ القرارات الأممية والعملية الديمقراطية التي ارتضاها اليمنيون منهجا لاختيار حكامهم، واستبدال ذلك بادعاء الحق الإلهي في الحكم”.
فيما اتهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، في خطابه ليلة عيد الفطر، الحوثيين بـ”مواصلة التسويف وعدم الاستجابة للمبادرات ومحاولة استثمارها لتحقيق أهداف سياسية وتعبوية وحملات إعلامية مضللة”.
وأضاف العليمي “قدمنا كل التنازلات الضرورية لتخفيف المعاناة عن شعبنا، وتعبيد الطريق أمام جهود الوسطاء الإقليميين والأمميين والدوليين”.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي اليمني علي الفقيه، أن عملية السلام تقتضي اشتراطات وأسسا متينة، لكنه يرى أنها عملياً غير متوفرة حالياً.
ويوضح الفقيه أن من أهم اشتراطات السلام شعور الأطراف المختلفة بحاجتها إليه، وعدم جدوى الحرب، واستعدادها لتقديم تنازلات.
ويذهب إلى أن الحاصل اليوم في اليمن هو رغبة السعودية في إغلاق ملف الحرب في اليمن، بينما يرفض الحوثيون تقديم أي تنازلات حتى الآن.
ويشير إلى رغبة لدى الحوثيين بأن يكون المشهد الأخير في الحرب هو منحهم الشرعية والتسليم بالسيطرة التي يفرضونها على رقعة جغرافية واسعة.
ويؤكد الفقيه أن المخاوف لدى الأطراف المحلية المختلفة تشكل أيضا عائقا دون تحقيق السلام، لأنها تدرك أن إنهاء الحرب بهذه الطريقة لا يعني عمليا تحقيق السلام، وإنما ينقل المشهد اليمني إلى فصل جديد، مهيأ لاندلاع جولة أخرى من الصراع، تغيب عنها الأطراف الإقليمية ويبرز فيها العنصر المحلي بشكل أكبر.