كريتر نت – متابعات
بالتزامن مع أيام عيد الفطر المبارك، أرغمت الميليشيات الحوثية في صنعاء وغيرها من المناطق اليمنية المحتلة الموالين لها ومسؤولي المؤسسات الحكومية على تنفيذ زيارات ميدانية لمقابر قتلى الجماعة، بما فيها قبر رئيس مجلس حكمها الانقلابي السابق صالح الصماد الذي كان قتل في 2018 بضربة من تحالف دعم الشرعية.
وبينما لا يزال ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة بمن فيهم الموظفون الحكوميون يعانون أوضاعا معيشية مأساوية مع استمرار انقطاع المرتبات للعام السابع على التوالي، يستمر الكيان الحوثي بممارسة مزيد من الضغوط على مسؤولين ووجهاء وأعيان خاضعين للجماعة وعلى السكان في صنعاء العاصمة وضواحيها لإجبارهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى، بحسب ما ذكرته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».
وأوضحت المصادر أن ضغوطات الجماعة أسفر عنها تنظيم قيام مسؤولين وسكان في صنعاء على مدى أيام قليلة ماضية بزيارات جماعية إجبارية إلى بعض مقابر قتلى الجماعة، وإلى قبر صالح الصماد، الذي حولته الميليشيات منذ سنوات إلى مزار يومي.
ويندرج سلوك الجماعة الحوثية بخصوص زيارة مقابر القتلى ضمن برنامج خاص أعدته حديثا بالتزامن مع حلول عيد الفطر المبارك لاستهداف السكان في العاصمة وفي بقية المناطق تحت سطوتها لإرغامهم تحت أساليب متعددة على تنفيذ تلك الزيارات الميدانية لإثبات الولاء لها.
ويسعى الانقلابيون عبر تلك الممارسات إلى تضليل وخداع الرأي العام الداخلي والخارجي، بأن قتلاهم يحظون بشعبية في أوساط المجتمع اليمني، كما تستغل الجماعة المناسبات الدينية والأخرى ذات الطابع الطائفي لاستقطاب المزيد من المجندين من صغار السن وطلبة المدارس وأقارب القتلى.
على صعيد متصل، تحدثت مصادر مقربة من دائرة حكم الحوثيين في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تخصيص الميليشيات قبل أيام مبالغ مالية لتمويل تنفيذ زيارات يومية يقوم بها السكان إلى مقابر القتلى عبر ما تسمى «هيئة رعاية أسر الشهداء»، وهي كيان حوثي أنشأته الجماعة في وقت سابق.
ويقول سياسيون يمنيون في صنعاء إن قادة الميليشيات الحوثية يقومون بإغداق الأموال والمساعدات الغذائية على أتباعهم، دون غيرهم من السكان، ويقدمون الرعاية لعائلات قتلاهم عبر العديد من الكيانات التي كانت الجماعة أسستها في أوقات سابقة وأوكلت إليها مهام السطو على أكبر قدر من المساعدات الدولية.
وتحدث سكان في أحياء عدة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إجبارهم حديثا من قبل مشرفي الحارات التابعين للميليشيات على الخروج بصورة جماعية من منازلهم لزيارة المقابر.
وتحدث بعض السكان عن أن مشرفين انقلابيين توعدوا من وصفوهم بـ«المتقاعسين والمتغيبين» عن تنفيذ تلك التعليمات بضم أسمائهم ضمن القوائم السوداء، وبموجبها سيتم حرمانهم من الحصول على بعض المساعدات وغاز الطهي المنزلي.
وأشار السكان إلى قيام مشرفي الجماعة بنقل سكان بعض الأحياء من مختلف الأعمار في صنعاء إلى مقابر القتلى على متن حافلات بعضها تم استئجارها، وأخرى تم نهبها على يد مسلحي الجماعة لحظة اقتحامهم العاصمة صنعاء من مؤسسات ومبانٍ حكومية، إلى مقابر قتلاها التي باتت منتشرة بكثافة بكل منطقة ومكان في العاصمة.
ويؤكد بشير، وهو من سكان حي النهضة في صنعاء أن الجماعة تستهدف كل يوم سكان حي جديد في العاصمة المحتلة حيث تجبرهم بالقوة على تنظيم زيارات إلى قبر الصماد، ومقابر القتلى الأخرى المنتشرة في مختلف أنحاء المدينة.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة المسؤولين الخاضعين لها والموالين لها طائفيا في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفذت خلال مناسبات عدة سابقة عمليات تحشيد كبيرة مماثلة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.
وسبق أن شكا سكان في أحياء متفرقة بصنعاء في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار الضغوط والانتهاكات الحوثية بحقهم لإجبارهم على القيام بزيارات جماعية للمقابر.
وأرغمت الميليشيات قبل عدة أشهر ماضية كبار المسؤولين والموظفين الحكوميين الخاضعين لها وسكان المحافظات تحت سيطرتها (ذكورا، وإناثا) على زيارة المقابر المخصصة لقتلاها، كما وجهت أوامر لمديري المدارس لإجبار الطلبة على زيارتها، وذلك في إطار تمجيدها للقتلى، متجاهلين معاناة اليمنيين بإنفاق المال العام في تشييد مئات المقابر لاستيعاب أعداد جديدة من القتلى.
وذكرت مصادر محلية يمنية في وقت سابق أن الجماعة الانقلابية شيدت أكثر من 100 مقبرة جديدة لقتلاها في سبع محافظات تحت سيطرتها، هي صنعاء وصعدة والمحويت والحديدة وريمة وإب وذمار، لتضاف إلى 400 مقبرة كانت أنشأتها خلال السنوات الماضية وقامت بتزيينها بالأعشاب والزهور، ضمن مساعيها للإعلاء من ثقافة الموت وتمجيده بغية استقطاب مزيد من المجندين.