كريتر نت – متابعات
على الرغم من أنّها حاولت استغلال الانفتاح غير المسبوق للمشهد السياسي في الشرق الأوسط بالاعتماد على أقدمية تنظيماتها وخبرتها بالمُقارنة مع القوى التي نجمت عن الحراك الشعبي في بعض الدول، والتي كانت تُغذّيها الشبكات الاجتماعية وتحريض الغرب على حدّ سواء، يبدو أنّ الحركات الإسلاموية تعيش لحظات ضعف إيديولوجي شديد، ساهم في فشلها جميعها، وفق تقدير صحيفة (لوموند) الفرنسية.
اليومية الفرنسية تقول: إنّ المقابر الأكاديمية والصحفية تمتلئ اليوم بإعلانات الوفاة المبكرة للإسلام السياسي، مشيرةً إلى ثورة الشعب المصري التي أطاحت في حزيران (يونيو) 2013 بفترة الحكم الوجيزة لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التي استولت على البلاد لنحو عام، ومروراً بأزمة النظام الإيراني الذي اهتزّ بقوة عدّة مرّات بالفعل في الأعوام الأخيرة إثر الاحتجاجات الشعبية.
واستندت أيضاً في تحليلها إلى إلقاء القبض مؤخراً على زعيم حزب النهضة الإخواني في تونس راشد الغنوشي بتهمة التحريض على التطرّف والقتل والإرهاب.
ويرى الكاتب والخبير السياسي الفرنسي جيل باريس أنّه، مع سياسة الانفتاح غير المسبوقة التي انتهجها في بلاده الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في السعودية، فإنّ الإسلام السياسي قد يواجه آخر الضربات عبر انتكاسة جديدة، في حال هزيمة حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة يوم 14 أيار (مايو) القادم، متوقعاً أنّه بلا شك سوف تحدث الهزيمة لهذا التيار السياسي المحافظ.
من جهته، قام الصحافي الفرنسي فريديريك بوبين بما سمّاه التشخيص السريري للإسلام السياسي في المنطقة المغاربية، وخلص إلى شبه انهيار حركاته، مُشيراً إلى أنّ هذه الظاهرة صالحة برأيه للشرق الأوسط بأكمله، وتمتد على جميع دوله، وذلك على الرغم من أنّ الشكل الأكثر تطرّفاً وعسكرة، أي النموذج الجهادي، ما يزال قائماً اليوم في بعض المناطق، وإن بشكل أضعف.
وحول نموذج الإسلام السياسي في إيران، تقول (لوموند): إنّه بعد موجة الاحتجاج التي اجتاحت الجمهورية الإسلامية إثر وفاة مهسا أميني في أيلول (سبتمبر) الماضي خلال تعذيبها من قبل عناصر الشرطة، وعلى غرار الانتفاضات الشعبية التي ضربت طهران منذ نحو (15) عاماً احتجاجاً على التلاعب بالانتخابات وغلاء المعيشة، كما في 2009 و2017 و2019، فقد انتهى أيّ أمل في محاولة إحياء ما سمّاه البعض “الربيع الإسلامي الإيراني”.
واعتبرت الصحيفة أنّ الحرس الثوري القوي الذي يُعزز قبضته على الاقتصاد الوطني في إيران، وتُشكّل ميليشيات الباسيدجي العمود الفقري له، قد استولى بشكل وحشي على السلطة في البلاد، وحوّل الحُكم إلى نظام عسكري بحت، ولا يُمكن لخلافة مرشد الثورة علي خامنئي (84) عاماً، الذي لم يكن يمتلك المؤهلات الدينية المطلوبة في البداية لممارسة هذه الوظيفة، إلا تأكيد هذا الضعف الإيديولوجي لأحد جوانب الإسلام السياسي الذي تقوده طهران.
كذلك، خلصت مجلة “لوكورييه إنترناسيونال” الفرنسية في تحليل لها إلى أنّ الإسلام السياسي بمختلف نماذجه بات في تراجع مُستمر في مختلف دول الشرق الأوسط؛ نتيجة رغبة العديد من الدول العربية في التجديد ومُكافحة التطرّف، نقلاً عن موقع (24).
ونقلت المجلّة، بحسب المصدر ذاته، عن خبراء أنّ الإسلام السياسي تعرّض لضربات قوية في كل من مصر وتونس بشكل خاص، وباتت جماعة الإخوان المسلمين في أسوأ حالاتها وغارقة في صراعات على السلطة والقيادة، كما أنّ حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا يخسر المزيد من شعبيته على الصعيدين المحلي والعربي إثر تبدّل سياساته، فيما نموذج الإسلام السياسي في إيران على وشك الانهيار إثر الاحتجاجات الشعبية والأزمة المعيشية في البلاد.