كريتر نت – متابعات
واصلت القوات الإسرائيلية تصفية القيادات الميدانية لحركة الجهاد الإسلامي سواء في الضفة أو غزة دون صدور ردود فعل ميدانية قوية من حماس ضمن سياق ما تعلنه من خطابات التضامن مع الحركة الحليفة لها في غزة، وهو وضع تستفيد منه إسرائيل لتصفية الحساب مع الجهاد.
يأتي هذا فيما يقول متابعون للشأن الفلسطيني إن موقف حماس مفهوم، فهي تريد تحجيم الجهاد التي باتت منافسا يهدد نفوذها في غزة ويعوق خططها داخليا وخارجيا.
وفجر الثلاثاء أعلن الجيش الإسرائيلي شن عملية عسكرية ضد قطاع غزة أطلق عليها اسم “السهم الواقي” أسفرت عن مقتل ثلاثة من قادة “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
◙ حياد حماس في الصراع بين الجهاد وإسرائيل يعود إلى اعتبارات منها أن الحركة منزعجة من تنامي دور الجهاد سياسيا وعسكريا
وكتب المتحدث العسكري الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن “جيش الدفاع (الإسرائيلي) يستهدف عشرة مواقع لإنتاج الأسلحة ومجمعات عسكرية تابعة للجهاد الإسلامي في قطاع غزة”، وذلك ضمن عملية حملت اسم “السهم الواقي”.
وقال أدرعي إن المواقع المستهدفة مخصصة “لإنتاج أسلحة للجهاد (الإسلامي)، ومن بينها ورش لإنتاج صواريخ في خان يونس بالإضافة إلى موقع لإنتاج مواد إسمنت لبناء أنفاق إرهابية”.
وتأتي العملية العسكرية في غزة بعد سلسلة توترات أمنية خلال الأسابيع الماضية، كان آخرها قبل أقل من أسبوع تصعيدا بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي انتهى بهدنة بعد تدخلات خارجية.
ولم تكن هذه هي العملية الوحيدة التي تستهدف عناصر فاعلة من الجهاد، فقد قتلت إسرائيل في يناير الماضي قياديين ميدانيين من الحركة في مخيم جنين.
وخلال العملية العسكرية التي شنتها على قطاع غزة من الخامس حتى السابع من أغسطس الماضي، تمكنت إسرائيل من اغتيال اثنين من كبار قادة سرايا القدس، وهما تيسير الجعبري وخالد منصور، من دون استهداف مباشر لأيّ من عناصر حماس خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يوحي بوجود خطة إسرائيلية لتحييد حماس عن المواجهة بينها وبين الجهاد.
وفي أبرز ردود حماس، قال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية إن “اغتيال القادة بعملية غادرة لن يجلب الأمن للمحتل بل المزيد من المقاومة”، مضيفا “العدو أخطأ في تقديراته وسيدفع ثمن جريمته”.
ويتساءل المتابعون عن سر اكتفاء حماس بتصريحات مقتضبة تدين الغارات الإسرائيلية على القطاع الذي هو تحت سلطتها وحمايتها، على عكس فترات سابقة كانت فيها حماس هي المبادِر بإطلاق الصواريخ للرد على أيّ عملية عسكرية في غزة.
وقال المراسل العسكري في هيئة البث الإسرائيلية إليور ليفي “لقد أثبتت حماس ثلاث مرات في السنوات الأخيرة أنها قادرة على الجلوس إلى السياج وعدم الدخول في مناوشات عسكرية بين إسرائيل والجهاد الإسلامي”.
ومن الواضح أن لدى إسرائيل معطيات عن خطط حماس لتجنب مواجهة واسعة في أيّ عمليات سواء في الضفة أو غزة، وأنها قد تسجل حضورها بإطلاق بعض الصواريخ المحدودة لرفع الحرج.
داود شهاب: المقاومة تعتبر أن كل المدن والمستوطنات في العمق الصهيوني ستكون تحت نيرانها
ويعزو المراقبون الحياد الذي تلتزم به حماس في الصراع بين الجهاد وإسرائيل إلى اعتبارات منها أن الحركة منزعجة من تنامي دور الجهاد سياسيا وعسكريا، وهو ما يهدد خطتها لأن تكون الطرف القوي الوحيد من بين الفصائل خاصة في علاقتها بإيران وحزب الله.
وهناك مخاوف لدى حماس من أن إيران تعمل على تقوية الجهاد وتمكينها من التدريب والتسليح والتمويل وإعدادها لأن تكون بديلا إيرانيا في الأراضي الفلسطينية على شاكلة حزب الله، وأن طهران لا تثق في حماس كحليف إستراتيجي لها بسبب مواقفها من سوريا خلال موجة “الربيع العربي”.
وفي مستوى آخر، تريد حماس من خلال النأي بنفسها عن الجهاد وإطلاق الصواريخ على مستوطنات إسرائيلية إظهار جديتها في أن تكون شريكا محتملا للسلام مع إسرائيل في حال تم الاعتراف بالحركة وفتح قنوات التواصل العلني معها مستفيدة من ضعف السلطة الفلسطينية وهامشية دور الرئيس الفلسطيني محمود عباس والخلافات داخل حركة فتح.
وتقع حركة حماس تحت ضغوط كثيرة في القطاع تمنعها من الاستمرار في المغامرة بإلقاء صواريخ غير فعالة. ويحمّل سكان القطاع الحركة مسؤولية ما وصلت إليه أحوالهم اقتصاديا واجتماعيا.
ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية القاسية في القطاع اتخذ انخراط حماس في أيّ تصعيد مع إسرائيل مسارا حذرا يعكس رغبتها في الحفاظ على الهدنة أكثر ما يمكن من الوقت. وينصب اهتمام حماس راهنا على تأمين وصول المواد الضرورية لسكان القطاع وتجنب الاحتكاك المباشر مع إسرائيل.
وأعلنت وزارة الصحة في القطاع الخاضع لسيطرة حركة حماس مقتل 13 شخصا وإصابة نحو 20 آخرين بجروح مختلفة “جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة”.
وقال بيان وزارة الصحة إن هناك نساء وأطفالا بين الضحايا، وإن “بين المصابين حالات حرجة”.
ونعت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في بيان “الشهيد القائد جهاد الغنام، أمين سرّ المجلس العسكري في سرايا القدس، والشهيد القائد خليل البهتيني، عضو المجلس العسكري وقائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس، والشهيد القائد طارق عزالدين، أحد قادة العمل العسكري بسرايا القدس في الضفة الغربية”.
◙ حماس تريد تحجيم الجهاد التي باتت منافسا يهدد نفوذها في غزة ويعوق خططها داخليا وخارجيا
ووصف البيان الغارات الإسرائيلية بـ”عملية اغتيال صهيونية جبانة”، مشيرا إلى مقتل زوجات القادة وأولادهم أيضا في العملية.
وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيشت لصحافيين أن أربعين طائرة شاركت في الغارات الإسرائيلية التي نفذت في مدينة غزة وفي منطقة رفح قرب الحدود المصرية، مضيفا “حققنا ما كنا نريد تحقيقه”.
وقال الجيش إن القادة الثلاثة المستهدفين من أبرز مخططي الحركة، وهم متورطون في عمليات استهدفت أخيرا إسرائيليين.
وكتب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الثلاثاء على حسابه في فيسبوك، “تمّ تبني مطلبنا برد فعل هجومي وتصفية محددة الأهداف لقادة الجهاد الإسلامي”.
وأعرب عن أمله في أن تستمر هذه السياسة، مضيفا أنه “سيستأنف مشاركته وتصويته في الحكومة بعد أن قاطعها الأحد”.
في المقابل أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي والمتحدث باسمها داود شهاب “أن المقاومة تعتبر أن كل المدن والمستوطنات في العمق الصهيوني ستكون تحت نيرانها”.
وقالت حركة الجهاد “كل السيناريوهات والخيارات مفتوحة أمام المقاومة للردّ على جرائم الاحتلال”.