كريتر نت / وكالات
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا ميدانيا، سلطت فيه الضوء على الألغام الحوثية، التي قتلت وجرحت الآلاف من المدنيين اليمنيين.
ومن مدينة مأرب، تقول الصحيفة الأمريكية: إن حقول الألغام الحوثية الهائلة ستترك اليمن بلا شك، مكدسا بالمتفجرات الحوثية المدفونة التي بمقدورها قتل أو تشويه المدنيين الآمنين لعقود قادمة، قبل أن تتم إزالة جميعها، كما حدث في أفغانستان وكمبوديا وكولومبيا.
ويقول قادة سعوديون ويمنيون: إن مئآت الآلاف من الألغام الأرضية المجهولة التي زرعتها مليشيا الحوثيين تعد وسيلة دفاعهم الأقوى.
وتقول لورين بيرسي فيسينتيك، وهي عضو في منظمة مختصة برصد الألغام الأرضية: “إن حجم المشكلة كبير بشكل استثنائي، كما أن العواقب مروعة، ومعظم الإصابات التي نراها اليوم من المدنيين”.
وتقدر مؤسسة غربية لإزالة الألغام أن الحوثيين زرعوا أكثر من مليون لغم، أي بمعدل أكثر من لغم لكل 30 يمنيا، وبمستوى أعلى من أي بلد آخر، منذ الحرب العالمية الثانية.
ووفقاً لخبراء إزالة الألغام، فقد تسببت الألغام بقتل ما يصل إلى 920 مدنياً وجرح الآلاف.
وقامت “نيويورك تايمز”، خلال زيارتها إلى اليمن هذا الشهر، بفحص عشرات الألغام الأرضية الحوثية التي تم إبطال مفعولها وأجرت مقابلات مع الأطباء والجنود وضحايا الألغام الحوثية.
واعتبرت الصحيفة زرع الألغام تكتيكا يستخدم عادة من قبل قوة عسكرية تدافع عن أراض أو تندحر منها، كما هو الحال جليا مع مليشيا الحوثيين منذ بدء تدخل التحالف العربي.
ويؤكد مراقبون مستقلون أن جميع أو معظم الألغام الأرضية، أو غيرها من الأجهزة المتفجرة المدفونة في اليمن، زرعه المتمردون الحوثيون.
ويؤكد السعوديون بأن الألغام تقدم دليلا جديدا على وجود روابط للحوثيين مع إيران.
وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، استعرض السعوديون كماً من أجزاء الصواريخ الحوثية التي يقول المسؤولون السعوديون والغربيون إن مصدرها الرئيس هو إيران.
وخلصت مؤسسة “أبحاث التسليح في الصراعات” الدولية ومقرها لندن، إلى أن مكونات معينة من الألغام أو قذائف مشابهة من تلك الناجمة عن ضربات الحوثيين “مصدرها إيران”.
وفي زيارة قامت بها الصحيفة الأمريكية، إلى مديرية حيران الواقعة في صحراء شمال اليمن، أظهر الجنود اليمنيون ما قالوا بأنها الغام حوثية، مموهة بشكل صخور صغيرة، مزودة بأجهزة كشف الحركة مخفية وتعمل بالأشعة تحت الحمراء.
وفي مكان قريب، تبرز كومة من ما قال الجنود: أنها أكثر من 4000 لغم حوثي على شكل دائري تم نزعها على مدى الشهرين السابقين.
وقال الضابط في الجيش اليمني ضيف أحمد عبد الله صالح: إن الحوثيين كانوا “يكسون الأرض” بألغامهم.
ويقول ضباط عسكريون سعوديون: إن الحوثيين زرعوا ألغاما أرضية داخل المملكة العربية السعودية.
وقال العميد السعودي فيصل بن يحيى حكمي، الضابط المسؤول عن منطقة الحدود حول مدينة جيزان: “يتسلل الحوثيون داخل الحدود السعودية، ويزرعون الألغام الأرضية، ثم يهربون”،مضيفا “هناك “الكثير من الضحايا العسكريين داخل الحدود”.
والشهر الماضي، انفجر لغم حوثي بسيارة عائلية داخل محافظة جيزان جنوبي المملكة، أسفر عن مقتل طفل في العاشرة من عمره، بحسب ما أفاد به متحدث عسكري سعودي، وتقارير إخبارية سعودية، وقال مسؤولون في وكالة الأنباء السعودية: إن سيول الأمطار الغزيرة تجرف الألغام القادمة من اليمن إلى الحدود.
وداخل عيادة في مأرب، يصطف جنود يمنيون في انتظار الحصول على تركيب أطراف اصطناعية بدائية، وهي عبارة عن قالب بلاستيكي يتناسب مع الجذع، بالإضافة لقضيب من الفولاذ يمتد من القالب إلى الأرض.
ويقول الجندي محمد شميلة، 32 عاماً، من محافظة البيضاء، الذي فقد قدميه جراء الالغام “ليس لدينا وقت لنزع الألغام الأرضية.. نحن فقط نقوم بتمشيط الطريق، وإذا ركزنا على إزالة الألغام، فلن نتقدم أبدا”.
وقال الدكتور محمد القباطي، الذي يدير العيادة: إن 90 في المائة من مرضى المحتاجين لاستبدال أطرافهم، هم ممن أصيبوا بالألغام الأرضية،مضيفا: “إن العيادة صنعت أكثر من 900 طرف صناعي لأكثر من 600 شخص خلال العام والنصف الماضيين.
وأضاف “الألغام هي مشكلتنا وهي السبب في الوضع البائس الذي نواجهه”.
وقال الطبيب: إن صبيا يدعى صالح راكان يبلغ من العمر 10 أعوام، كان يركض مع رفيقيه، أثناء اللعب بالقرب من منزله في البيضاء، عندما انفجر لغم أرضي تحت قدميه.
وأشار إلى أن أطفالا مثل صالح يحتاجون إلى أطراف صناعية جديدة كل ستة أشهر لاستيعاب نموهم.
وتقول السعودية إنها ستنفق 40 مليون دولاراً على برنامج لتعليم المدنيين اليمنيين، أحدث الطرق لإزالة الألغام، والبدء في نزع الألغام من المناطق السكنية في جميع أنحاء اليمن.
وقال مدير مشروع “مسام”، أسامة القصيبي: “إن المشروع عبارة عن شراكة مع الشركة البريطانية (داينا سيف)، وتضم أخصائيين من ذوي الخبرة من جميع أنحاء العالم، وقد دربوا حوالي 420 يمنيا، حيث يعمل الأجانب واليمنيون حاليا ضمن 32 فريقا في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وأوضح القصيبي أنه على مدار سبعة أشهر، قامت الفرق بنزع حوالي 41 ألف لغم، من أصل إجمالي يقدر بأكثر من مليون لغم.
وفي مجموعة من الخبراء المخضرمين الذين كانوا يعملون بالقرب من مأرب – من البوسنة وكوسوفو وكرواتيا واثنان من جنوب أفريقيا – يوجد اثنان منهم ممن فقدوا أطرافا في صراعات سابقة.