كريتر نت – متابعات
شكلت التحركات التي يقوم بها المجلس الانتقالي الجنوبي خلال الأيام الماضية، فرصة لعودة الحديث من قبل نخب وقيادات شمالية عن مخاوفهم من مصير الوحدة اليمنية التي تحل ذكراها الـ33 يوم غد الاثنين.
حديث قيادات ونخب الشمال على مواقع التواصل الاجتماعي، تجاوز حد إبداء المخاوف على مصير الوحدة من قضية استعادة الدولة الجنوبية التي يطرحها الانتقالي، بل تجاوز الأمر لدى البعض إلى التلويح بفكرة التحالف مع جماعة الحوثي تحت شماعة الحفاظ على الوحدة.
هذا التجاوز، يأتي على الرغم من تكرار الخطاب من جانب الانتقالي حول استمرار في “وحدة” المعركة ضد مليشيات الحوثي، بحسب ما جاء على لسان عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء فرج البحسني، والمعين حديثا نائباً لرئيس المجلس الانتقالي في اللقاء الموسع مع المشايخ والمقادمة والأعيان بمحافظة حضرموت بمدينة المكلا السبت.
اللقاء الذي تم بحضور رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، قال فيه البحسني بأن ما يربط ويوحِّد الجنوبيين بالشماليين هو هدف التصدي لمشروع الحوثي، والذي قال بأن أبناء الشمال “ينبذون سياسته ويناضِلون من أجل تحرير مناطقهم من احتلاله وسيطرته سيحضون بدعمنا حتى يتم تحقيق ذلك الهدف النبيل”.
التوصيف الواضح من قبل البحسني ل”وحدة” المعركة ضد مليشيات الحوثي بين الجنوب والشمال، يثير التساؤلات والاستغراب من “الصراخ” الذي تطلقه بعض نخب الشمال في الوقت الراهن حول موضوع الوحدة، ويعيد التذكير بالمعارك الجانبية التي وصمت فترة الرئيس السابق هادي على حساب المعركة الرئيسية ضد مليشيات الحوثي شمالاً.
معارك جانبية كانت “الوحدة” إحدى أبرز الشماعات التي رفعت لتبريرها في مواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تشكل في أبريل من عام 2017م بسبب قرارات إقصائية ضد قيادات جنوبية بارزة في الشرعية أصدرها هادي بضغط من جماعة الإخوان، ليتحول الجنوب المحرر إلى ساحة للمعركة الأساسية بدلاً من الشمال.
ووصل الأمر ذروته منتصف عام 2019م، بالمعارك التي شهدتها شبوة حينها واجتياحها من قبل التشكيلات العسكرية التابعة للشرعية التي واصلت طريقها عبر أبين وصولاً إلى مشارف العاصمة عدن، وبات الحديث حينها عن معركة تحرير عدن بدلاً من معركة تحرير صنعاء.
مشهد صادم وكارثي، تجلت آثاره سريعاً وعقب أشهر قليلة بمشاهد سقوط جبهات الشرعية شمالاً في الضالع والجوف والبيضاء ومارب وشبوة، خلال العامين 2020-2021م، ووصل الأمر إلى تهديد حقيقي بسقوط مدينة مأرب وخلفها حقول النفط والغاز، بعد أن وصلت مليشيات الحوثي إلى مشارفها.
ليتم تدارك الأمر بقوات العمالقة الجنوبية التي أوقفت مسلسل الانتصارات الحوثية بطرد المليشيات من مديريات غرب شبوة وحريب مأرب، ومنعت هزيمة عسكرية مدوية للشرعية والتحالف، وأعادت التأكيد على حقيقة “وحدة” المعركة بين الشمال والجنوب ضد مليشيات الحوثي.
أظهرت معركة شبوة فداحة الانجرار خلف معارك جانبية ضد الجنوب باسم “الوحدة” السياسية، تصب في صالح المليشيات بترسيخ قبضتها على الشمال واستمرارها، وهو ما أكده المشهد خلال الأيام الماضية، ففي الوقت الذي كان فيه “صراخ” نخب الشمال مرتفعاً باسم الوحدة، كانت جماعة الحوثي منشغلة في إحياء عشرات الفعاليات في مدن الشمال تحت مسمى الاحتفال بـ”ذكرى الصرخة”.
إحياء جماعة الحوثي لهذه الذكرى سنوياً يأتي كواحد من بين عشرات العناوين واللافتات لنشر فكرها الطائفي والعنصري على المجتمع شمالاً منذ نحو عقدين من الزمان، يساعدها في ذلك تشتت وغياب وجود جبهة وطنية عريضة في الشمال لمواجهتها، جراء تشتت وتمزق نخب الشمال التي تغيب أو تنشغل عن مواجهة “صرخة” الحوثي بـ”الصراخ” ضد الجنوب باسم الوحدة.