حسين الوادعي
في تحليل لمركب “جنون العظمة” العربي، لفت المفكران صادق جلال العظم ومحمد عابد الجابري نظرنا إلى ظاهرة تضخم رؤية العربي لذاته ومشروعه رغم انحطاط واقعه.
فعندما يحلم العربي بتحقيق الوحدة العربية لم يكن يحلم بها كمشروع عربي فقط، بل كمشروع عالم يعيد قيادة العرب للعالم وينقذ الحضارة البشرية المعاصرة من مأزقها!
وعندما يطرح الإسلامي مشروع الوحدة الإسلامية لم يكن يطرحها كمشروع للنهوض الإسلامي فقط، بل كمشروع كوني يقود الحضارة المعاصرة وينقذها من الإفلاس!
لم يمنع واقع السقوط والتخلف والفقر والجوع العربي أو المسلم من الاستمرار في خيالات العظمة وإخضاع البشرية… إنه يظن نفسه الأرقى بعروبته أو بأسلامه مهما كان متخلفا وفاسدا ومتكلا على الغرب!!
لفت العظم والجابري انتباهنا أيضا إلى ارتباط نهضة العرب أو المسلمين بسقوط الغرب!
إن سقوط الغرب حتمية في كل تيارات الفكر العربي الإسلامي.. حتمية لاهوتية بلا دليل إلا الوهم العربي أن سقوط الغربي سينقل دفة الحضارة إلى يد العربي.
لم يقتنع العربي والمسلم بعد أن حضارته سقطت، وأن العودة إلى التاريخ عبر حضارة الغزو مستحيل بعد أن صرنا في عصر حضارة العلم.
لا زال يرى نفسه (كما يقول العظم) ابن حضارة الغزو والفتح… وليس لديه أدنى شك بأن حضارته ستعود بالغزو مرة أخرى.
حتى إننا نعبر عن كل إنجاز ثقافي أو علمي أو رياضي بلغة الغزو والفتح!
ثلاثة أمراض نرجسية مستحكمة:
– ربط نهضة العرب/المسلمين بقيادة البشرية.
– الإيمان بحتمية سقوط الغرب كشرط أساسي لنهضتهم.
– الاقتناع بحضارة تقوم على الغزو والسيطرة وإخضاع الآخر لا على التعايش معه.
لماذا لم تصب الهند أو الصين بنفس هذه الأمراض رغم أنها بلدان حضارات عريقة سادت ثم سقطت؟؟
لعل تشافيها من هذه الأمراض سبب نجاحها.. أو لعل نجاحها سبب تعافيها…
الإجابة طويلة ومربكة.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك