كريتر نت – متابعات
يشكو التونسيون هذه الأيام من فقدان الخبز الذي يشكل مادة أساسية في وجباتهم اليومية، بسبب النقص الحاد في مادة الدقيق الأبيض، الأمر الذي اضطر العديد من المخابز إلى الإغلاق فيما تكافح البقية لتوفير الحد الأدنى.
ويضطر العشرات من التونسيين إلى الانتظار في طوابير طويلة أمام المخابز على أمل الحصول على “باقات”، وسط حالة من الاستياء والتذمر حيال ما آل إليه وضع البلاد.
وتتباين مواقف التونسيين بشأن أسباب فقدان الدقيق الأبيض، ففيما يربطها كثيرون بالضائقة المالية التي تعاني منها البلاد، يتبنى آخرون نظرية المؤامرة، معتبرين أن أزمة فقدان الدقيق مفتعلة وهدفها تأجيج الشارع على السلطة السياسية القائمة.
وأفاد محمد بوعنان رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز بتونس أن “الأزمة ليست مفتعلة، بل هي نتيجة لتأخر وصول باخرة محملة بالقمح، ما أدى إلى عدم وصول القمح إلى المطاحن لمدة أسبوع، وهي مرتبطة أساسا بالأزمة المالية التي تعيشها البلاد عموما”.
وقال بوعنان في تصريح لـ”العرب”، “كان من المفترض أن تصل كميات القمح أواخر شهر أبريل الماضي”، لافتا إلى أنه “سيتم تجاوز صعوبات تزود المخابز بالقمح في غضون يومين أو ثلاثة، ليعود بذلك نشاط المخابز في إقليم تونس الكبرى (4 محافظات متجاورة بما فيها العاصمة تونس) إلى نسقه الاعتيادي”.
وأكدت وزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب في وقت سابق الاثنين، توفر مادة الدقيق بعد توريد كميات من القمح الصلب، مشيرة إلى أنه تم تدارك النقص الذي حصل نهاية الأسبوع الماضي لكن تزامن ذلك مع الراحة الأسبوعية لبعض المخابز أدى إلى حالة من الاضطراب في التوزيع.
وطمأنت الوزيرة التونسية بأن الخبز سيكون متوفّرا في الصيف رغم تقلّص إنتاج الحبوب وشح المياه. وأضافت أن الوزارة واعية بالمعطيات المناخية الطارئة ووزارة الفلاحة بصدد توريد حاجياتها من القمح الصلب باعتبار أن القمح اللين متوفر.
ودعت وزيرة التجارة المواطنين إلى تجنّب اللهفة واقتناء كمية كبيرة من الخبز، مؤكدة أن الوزارة تتابع يوميا وضعية تزويد المخابز. وأدى نقص إنتاج الخبز إلى مضاعفة التونسيين لشراءاتهم من هذه المادة الأمر الذي شكل ضغطا إضافيا على المخابز. وقالت ثريا التباسي نائبة رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، إن “السلطات بصدد حلّ الأزمة تدريجيا، عبر تزويد المخابز بمادة الفرينة (الدقيق)”.
وأضافت التباسي في تصريح لـ”العرب”، “كان هناك نقص في مادة الفرينة، واتصلنا بوزارة التجارة للتحري من ذلك، وأقرت بوجود ذلك النقص، وسط تعهدات بتزويد المخابز شيئا فشيئا إلى نهاية الأسبوع الجاري”.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد تطرق إلى أزمة نقص الخبز خلال لقائه السبت الماضي بوزيرة التجارة، مرجعا فقدان هذه المادة ببعض المناطق إلى سعي البعض دون تسميتهم لاختلاق الأزمات بهدف تأجيج الأوضاع، لافتا إلى أنه من غير المقبول أن يتوفر الخبز في مناطق ويختفي بمناطق أخرى.
وحث الرئيس سعيد مؤسسات الدولة على تحمل مسؤوليتها لوضع حد للاحتكار والتلاعب، علما بأنه كان قد أقال وزيرة التجارة السابقة فضيلة الرابحي في مطلع يونيو الماضي في خضم انتقادات وجهت لها بالتقاعس في مواجهة شح المواد الأساسية وغلاء الأسعار.
وتشهد تونس منذ أشهر نقصا حادا في عدد من المواد الأساسية بينها القهوة والسكر والحليب، وقد سجلت البلاد في الفترة الأخيرة عودة بعض تلك المواد، لكن بوتيرة بطيئة. ويربط الرئيس سعيد هذا النقص بالاحتكار، وسعي بعض الأطراف التي كانت متحكمة في المشهد السياسي طيلة السنوات الماضية لإخفاء السلع لزيادة الضغوط الشعبية عليه.
ويرى متابعون أن نقص المواد الأساسية في تونس هو نتاج جملة من العوامل المتظافرة وبينها الأزمة المالية، وأيضا محاولات بعض القوى استغلال الوضع وتعمد الاحتكار والمضاربة.
ويقول المتابعون إنه في ظل هذا الوضع الصعب تبرز إشكالية أخرى تتمثل في ضعف السياسة الاتصالية للحكومة. وتعاني تونس من أزمة مالية، وسط مخاوف من تفاقمها، في ظل عدم توصل الحكومة إلى اتفاق حتى الآن مع صندوق النقد الدولي.
وسجل احتياطي تونس من العملة الصعبة وفق آخر تحيين صادر الشهر الجاري عن البنك المركزي التونسي، تراجعا ليبلغ 93 يوم توريد. وبلغت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية بتاريخ 16 مايو الجاري 21622 مليون دينار ما يعادل 93 يوم توريد، مُسجلة بذلك تراجعا مقارنة بنفس التاريخ من السنة الماضية ببلوغها 124 يوم توريد.