كريتر نت – متابعات
تتوسع دائرة الضعف الاقتصادي والمالي لميليشيا الحوثي -ذراع إيران في اليمن- مدفوعةً بالإنفاق العسكري الضخم، وموازنات التعبئة الطائفية، والمدفوعات المالية الدورية المقدمة لحزب الله اللبناني؛ رغم تفوقها الكبير في تعبئة الموارد المالية.
تؤكد تقارير خبراء الأزمات الدولية، أن موافقة الحوثيين على الهدنة العام الماضي وما تلاها من تهدئة عسكرية، كان بسبب معاناتهم من الضعف المالي ونقص الوقود والعملة الصعبة وتفاقم الضغوط الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع جراء الحرب الروسية الأوكرانية.
منذ انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة أواخر 2014، أوقفت نفقات الخدمات العامة الأساسية: الكهرباء، الصحة، والتعليم، وحولتها إلى نفقات المراكز الصيفية للتعبئة الطائفية والدورات الثقافية، والاحتفالات بمناسباتها الدينية المتطرفة.
تشير المعلومات التي تحصل عليها “نيوزيمن” إلى أن نفقات ميليشيا الحوثي العسكرية تتجاوز 50 مليار ريال شهرياً، إضافة إلى الرواتب المنتظمة للهيئات العليا لقيادة الميليشيا، وقيمة واردات الأسلحة الإيرانية، وحصة حزب الله اللبناني الشهرية من الموارد المالية العامة اليمنية.
تقول المصادر: إن ميليشيا الحوثي تدفع 10 مليارات ريال شهرياً نفقات -القات- لمقاتليها في 43 جبهة نشطة -الجبهة الواحدة تضم عشرات المواقع– و12 مليار ريال ل70 ألف شخص قوام مقاتلي الميليشيا، و4 مليارات رواتب لإجمالي عدد قتلاها البالغين 35 ألف قتيل.
ويتوزع باقي المبلغ في التموينات الغذائية والوقود، واللوجستيات، ورواتب فرق الأمن والمخابرات والتحريات المنتشرة في عموم مناطق سيطرتها.
منذ فرض العقوبات الأميركية على إيران، لم تعد طهران قادرة على دفع تكاليف حزب الله، وبحسب تقرير نشره موقع “صوت بيروت إنترناشيونال” فإن إيران أدخلت حزب الله في عملية تقاسم ثروات اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثيين.
وأكد التقرير، أن حزب الله استغل مساعدته للحوثيين، وفرض دفع أموال بانتظام على كل ما يملكه الحوثيون مقابل مساعدتهم، فأنشأ محطات للوقود وبيع الغاز ومولدات الكهرباء التجارية، تعود أرباحها لحزب الله، بالإضافة إلى فرض أموال على المحطات التي يديرها الحوثيون، وفرض تسليمه حصصا من إيرادات الضرائب.
كما تدفع ميليشيا الحوثي قيمة الأسلحة التي تأتيها من إيران، وهو ما أكده المتحدث باسم القوات الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، في مناسبات عدة أن الأوضاع الاقتصادية لا تسمح لإيران بمنح كل شيء لحلفائنا الحوثيين مجانا، مؤكداً أن الحوثيين يشترون منهم بعض الأشياء أحيانا.
وأكدت مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها الأخير عن اليمن، أن الحوثيين لم يطلقوا هجوماً على مأرب منذ انتهى أمد الهدنة، حيث نقلت عن مسؤول حوثي قوله: “الجميع مستنزفون”.
وأشار التقرير إلى أن هدف الحوثيين بالهجوم على مارب عام 2020 فصاعداً، هو السيطرة على منشآت إنتاج النفط والغاز في المحافظة، والمصفاة ومحطات الطاقة، إلا أن التقدم توقف، ما ترك ميزانياتهم على حالها. مما دفع الحوثيين إلى رفع مطالبهم الاقتصادية في المفاوضات مع الأمم المتحدة، ولاحقاً مع السعوديين.
ويطالب الحوثيون بتقاسم إيرادات النفط الحكومية، مع مجلس القيادة الرئاسي، والحصول على دخل مستمر من خلال دفع الرواتب، ولتحقيق هدفهم حظروا تصدير النفط على الحكومة من خلال هجماتهم على البنية التحتية لتصدير النفط والغاز في جنوب البلاد.
وكان نائب وزير خارجية الحوثيين حسين العزي قد عرض وقفاً للهجمات مقابل إعادة توزيع عائدات النفط على المستوى الوطني وعلى مستوى المحافظات على أساس موازنة عام 2014. وبموجب هذه الخطة، يحصل الحوثيون على 70 إلى 80 % من عائدات النفط الإجمالية.
لا تزال ميليشيا الحوثي تسيطر على صنعاء ومركزها التجاري والمالي، وعلى موانئ محافظة الحديدة، وتستخدم “السلطات القضائية” لمصادرة أصول المعارضين السياسيين.
وقال تقرير ممارسات حقوق الإنسان في اليمن لعام 2022، إن الحوثيين استمروا في الاستفادة من مصادرة موارد الدولة، والضرائب على قطاع الأعمال، وتحويل المساعدات الإنسانية.
وأضاف التقرير الحقوقي، الصادر عن الخارجية الأمريكية، إن الحوثيين “فرضوا ضرائب وجبايات متعددة على الناس تحت سيطرتهم وصرفوا الإيرادات المحصلة على الحرب وشبكتهم الفاسدة التي تدير الدولة”.
وبحسب مراقبين، فإن الهدنة، وما تلاها من تهدئة عسكرية، وفتح مطار صنعاء ورفع القيود عن ميناء الحديدة، أوقفت جفاف المالية العاملة لميليشيا الحوثي، وهو ما كانت تسعى لتحقيقه من خلال هجماتها على محافظة مأرب النفطية.
وأضافوا إن استراتيجية ميليشيا الحوثي التفاوضية، نجحت في إعادة فتح مطار صنعاء ورفع القيود عن ميناء الحديدة وهو ما يعزز مواردها المالية، حيث نمت بنسبة حجم واردات الوقود من خلال موانئ محافظة الحديدة 400 في المائة في الربع الأول من 2023 مقارنة بالأعوام السابقة.