كريتر نت – متابعات
شرعت أطراف ليبية في البحث عن بدائل ممكنة لتقلّد السلطة، في ظل انسداد الأفق السياسي وتواصل تعثر مسار الانتخابات في البلاد، وسط دعوات للعودة إلى دستور الاستقلال، واعتماد نظام ملكي لإنهاء الصراع القائم بين الفرقاء.
وجعل عجز الفرقاء الليبيين عن إنهاء حالة الانقسام والمماطلة في تجهيز قانون الانتخابات، الليبيين يتحمسون لخيار عودة الملكية التي يعتقد كثيرون أنها يمكن أن تشكل ضامنا لوحدة البلاد وإرساء استقرارها.
ويدرك ولي العهد الليبي الأمير محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي ذلك، لهذا كثّف من تحركاته الإعلامية مؤخرا للترويج لخيار عودة الملكية في البلاد.
وقال السنوسي إنه “يؤيد الانتخابات، لأنها تدل على تعافي البلاد، لكن إجراءها دون ضوابط دستورية سيؤدي إلى نتائج ليست في صالح الليبيين، وستكون مضيعة للوقت”.
وأضاف “أُجريت الانتخابات مرتين في ليبيا وكانت النتيجة فوضى”.
وأكد في تصريح لوسائل إعلام عربية أن “الليبيين وصلوا إلى مرحلة سيئة جدا في ظل فوضى عارمة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، وهناك انقسام وصراع على السلطة والمال.. الليبيون يبحثون عن حلول يعيشون من خلالها حياة كريمة، هم يطالبون بالعودة إلى الأساس الأول لدولة ليبيا الذي أُقر في الرابع والعشرين من ديسمبر العام 1951، وهم مقتنعون أنهم من خلال هذا الأساس يستطيعون أن ينطلقوا إلى المستقبل ويبنوا دولتهم”.
كما دعا السنوسي الليبيين إلى البدء في حوار وطني أساسه العودة إلى الشرعية الملكية، مشيرا إلى أن معظم الحوارات التي انعقدت سابقا لم تكن قائمة على شيء، ولفت إلى طرحه الفكرة في لقاءات مع أطراف دولية قائلا “نريد توافقا عليها ولا نريد فرضها بالقوة، وهذا ما نقوم عليه مع المجتمع الدولي، وهناك نوع من القبول للفكرة، لكن لا نريد أن نكون مصدر مشكلات لأي جهة”.
وتابع أن “الأمم المتحدة تحاول جاهدة وهي مشكورة من أجل حل الأزمة، لكن لم نجد نتائج تصب في مصلحة الشعب الليبي، لذلك نطرح هذه الفكرة لليبيين الذين يشتاقون إلى دولة تعمل على خدمتهم ويطمئنون على مستقبل أبنائهم”.
وكانت ليبيا تسير بنظام ملكي يقسم البلاد إلى ثلاثة أقاليم هي برقة (شرق) وطرابلس (غرب) وفزان (جنوب)، في حين انتهت الملكية بعد انقلاب قاده زعيم ليبيا الراحل معمر القذافي عام 1969.
ويرى أنصار العودة إلى النظام الملكي في ليبيا، أن هذا الخيار لا ينهي فقط الصراع على السلطة، بل يحسم أيضا حالة الفراغ الدستوري الذي تعيشه البلاد، وكان سببا من أسباب تعثر العملية الانتخابية، خصوصا مع رفض أغلب الأطراف السياسية لمسودة الدستور الجديد، التي أنجزتها هيئة الصياغة في عام 2017.
ويقود “ولي عهد المملكة الليبية” الذي يعيش في المهجر منذ عقود طويلة مساعي عبر إقامة الاجتماعات والندوات تطالب فعليا بعودة النظام الملكي وتسليم السلطة له.
والأمير محمد الرضا بن الحسن الرضا، هو ابن ولي عهد ليبيا السابق حسن الرضا السنوسي، ويطالب وفقا لدستور المملكة الليبية المتحدة الصادر عام 1951، بعرش ليبيا.
أصحاب الدعوات المنادية بعودة الملكية يرون أن الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي يمكن أن يلعب دور الشخصية الجامعة والتوافقية التي تنقذ البلاد من دوامة الانقسام حول الشخصيات الجدلية
ويرى أصحاب الدعوات المنادية بعودة الملكية، أن الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي هو الوريث الشرعي للنظام الملكي، ويمكن أن يلعب دور الشخصية الجامعة والتوافقية التي تنقذ البلاد من دوامة الانقسام حول الشخصيات الجدلية، التي لعبت أدوارا محورية بالنزاعات السياسية والعسكرية في السنوات الأخيرة.
ويعتبر هؤلاء أن السنوسي كان بعيدا عن دائرة التجاذبات السياسية في السنوات الأخيرة، ولم يحسب على أي طرف من أطراف الصراع، بالتالي هو الشخصية الوحيدة التي يمكن أن يقبل بها الجميع.
وقال المحلل السياسي الليبي محمود شمام إن “خيار الملكية الدستورية يدخل ولأول مرة حلقة النقاشات الجدية في دوائر دول الغرب، الأمم المتحدة تكاد تفشل لافتقارها للقبعات الزرق والعقوبات الرادعة، والمراهنة على العسكر عبر محاولات توحيد المؤسسة أفرزت المزيد من الجنرالات وقليلا من الجنود، وفقرا حادا في العقيدة العسكرية”.
وأضاف في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، “الفترات الانتقالية خلقت شراهة للمال ألغيت خلالها المسافة بين فساد الاستبداد وفساد المال”.
دعوات عودة الملكية في ليبيا ظهرت إلى العلن منذ سنة 2016، عندما أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية ووجهاء القبائل تشكيل “حراك العودة للشرعية الدستورية”
وتابع شمام “على أنصار الملكية الدستورية وعلى رأسهم الأمير محمد الحسن الرضا أن يطرقوا الأبواب الجاهزة الآن للاستماع إليهم، سنعود إلى الموضوع بتفاصيل أكثر”.
وظهرت دعوات عودة الملكية في ليبيا إلى العلن منذ سنة 2016، عندما أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية ووجهاء القبائل تشكيل “حراك العودة للشرعية الدستورية”، يطالب بعودة النظام الملكي، ونظم القائمون عليه عدة تظاهرات في مدن طرابلس وبنغازي وطبرق والبيضاء، تدعو الشارع الليبي إلى دعم رؤيتهم ومطلبهم.
ودعا حراك العودة للشرعية الدستورية، الشعب الليبي، في بيان تأسيسه، إلى “مبايعة الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي ملكا على ليبيا، والعودة إلى دستور الاستقلال الصادر في عام 1951، والمعدل سنة 1963”.
وفي وقت سابق، طالب رؤساء وممثلو 16 حزبا ليبيا رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح باعتماد النظام الاتحادي في مسودة الدستور القادمة، كحل ضامن للمحافظة على وحدة ليبيا من خلال تحقيق العدالة والمساواة بين كافة الليبيين في الأقاليم التاريخية الثلاثة للبلاد.
وتشهد ليبيا أزمة سياسية خانقة تصاعدت حدتها بعد رفض عبدالحميد الدبيبة الاستجابة لقرار البرلمان الليبي إعفاءه، ورفضه تكليف فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الجديد منذ مطلع مارس 2022.
وعيّن مجلس النواب الذي يتخذ من الشرق مقرا، فتحي باشاغا رئيسا للوزراء في مارس 2022 بهدف إزاحة حكومة الدبيبة المعترف بها دوليا، ومقرها طرابلس (غرب).
وتمّ إيقاف باشاغا في السادس عشر من مايو الجاري من دون أن ينجح في الإطاحة بمنافسه.