كريتر نت – متابعات
مشروع “طريق التنمية” الذي عرضه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني السبت، والذي يربط بلاده بدول الخليج وتركيا مرورا نحو أوروبا يعتبر مشروعا واعدا إذا ما تحققت الشروط المطلوبة، وسيجعل العراق منطقة عبور بين آسيا وأوروبا.
وأعلن العراق خلال مؤتمر جمع مسؤولين من دول مجاورة في بغداد السبت عن مشروع خطّ بري وخط سكك حديد يصل الخليج بالحدود التركية. ويطمح العراق من خلال هذا المشروع، الذي أطلق عليه “طريق التنمية”، في التحول إلى خط أساسي لنقل البضائع بين الشرق الأوسط وأوروبا. ولا يزال المشروع الذي حدّدت الحكومة العراقية كلفته بنحو 17 مليار دولار وبطول 1200 كلم داخل العراق، في مراحله الأولى.
وتطمح بغداد إلى تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع دول في المنطقة، هي قطر والإمارات والكويت وعمان والأردن وتركيا وإيران والسعودية، والتي دعي ممثلوها من وزارات النقل السبت إلى بغداد للمشاركة في المؤتمر المخصص لإعلان المشروع.
وفي كلمة له خلال افتتاح المؤتمر السبت، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني “نرى في هذا المشروع المستدام ركيزة للاقتصاد المستدام غير النفطي وعقدة ارتباط تخدم جيران العراق والمنطقة وإسهاما في جلب جهود التكامل الاقتصادي”.
وبحسب بيان للجنة النقل والاقتصاد في مجلس النواب، نقلته وكالة الأنباء العراقية، فإن المشروع سيكون “استثمارياً للدول المشاركة وكل دولة بإمكانها إنجاز جزء من المشروع”.
وأشار البيان إلى أنه “من المؤمل أن ينجز المشروع ويكتمل خلال 3 إلى 5 سنوات”، مضيفا أن “آلية الاستثمار سوف تناقش بعد عقد المؤتمر مع الدول المشاركة”. ويعاني العراق الغنيّ بالنفط من تهالك في بنيته التحتية وطرقاته جراء عقود من الحروب، وانتشار الفساد.
وتمرّ بعض الطرقات التي تصل بغداد بالشمال في مناطق تنشط فيها خلايا لتنظيم الدولة الإسلامية بشكل متفرق. ويؤكد رئيس الوزراء العراقي أن من أولويات حكومته هي إعادة تأهيل البنية التحتية للنقل والطرقات وكذلك قطاع الكهرباء المتهالك أيضاً.
ويسمح مشروع “طريق التنمية” للعراق باستغلال موقعه الجغرافي والتحول إلى نقطة عبور للبضائع والتجارة بين الخليج وأوروبا. وهناك أعمال جارية حالياً لتأهيل ميناء الفاو في أقصى جنوب العراق والمجاور لدول الخليج والذي سيكون محطة أساسية لاستلام البضائع قبل نقلها براً. ويهدف المشروع كذلك إلى بناء 15 محطة قطار للبضائع والركاب على طول الخط، تنطلق من البصرة جنوباً مروراً ببغداد ووصولاً إلى الحدود مع تركيا.
وقال المدير العام للشركة العامة لموانئ العراق فرحان الفرطوسي “لا تتصور أن طريق التنمية هو عبارة عن طريق فقط لمرور البضائع أو المسافرين، لا، هذا الطريق سوف يكون فتحة لأبواب التنمية بمساحات شاسعة في العراق”.
ولدى الحكومة العراقية تصور بأن تنقل قطارات عالية السرعة البضائع والمسافرين بسرعة تصل إلى 300 كيلومتر في الساعة، بالإضافة إلى مد خطوط إلى مراكز الصناعة المحلية والطاقة والتي يمكن أن تشمل أنابيب النفط والغاز.
وسيمثل ذلك تحولا كبيرا في شبكة النقل القديمة الحالية في البلاد. وتشغل خدمة القطارات العراقية حاليا عددا قليلا من الخطوط بما في ذلك وسائل شحن بطيئة للنفط وقطار ركاب واحد يسير ليلا من بغداد إلى البصرة يستغرق من عشر إلى 12 ساعة في رحلة تبلغ مسافتها 500 كيلومتر.
كما قال الفرطوسي إن مشروع ميناء الفاو الكبير الذي جرى التخطيط له منذ أكثر من عقد، في منتصف الطريق للانتهاء منه. ويعود نقل الركاب بين العراق وأوروبا إلى خطط كبرى وضعت في بداية القرن العشرين لتدشين خط سريع من بغداد إلى برلين.
وقال الفرطوسي إن “الطريق القديم، البصرة – بغداد – برلين الذي كان ينقل السائح العراقي من البصرة ومن بغداد بالعراق باتجاه أوروبا، هذا الطريق سوف نجده من جديد فعالا، لا بأس إنه يربط دولا أخرى لنقل المسافرين ونقل الحجيج من أوروبا بسرعة كبيرة جدا، ليكون مريحا للمسافرين الذين يحبون زيارة العتبات المقدسة في العراق أو التوجه نحو بيت الله لأداء الحج أو العمرة”.
وأُعلن عن مشروع “طريق التنمية” السبت في مؤتمر يهدف إلى جذب اهتمام الدول العربية مثل دول الخليج وسوريا والأردن. وقال مساعد حكومي كبير إن الاستثمار الإقليمي مطروح على الطاولة.
وهناك وعود بالتنمية طويلة الأمد في العراق، لكن البنية التحتية لا تزال متداعية حتى مع جهود حكومة السوداني لإعادة بناء الطرقات والجسور. لكن المسؤولين يقولون إن “طريق التنمية” يعتمد على شيء جديد وهو فترة من الاستقرار النسبي تشهدها البلاد منذ أواخر العام الماضي ويأملون في استمرارها.
وقال الفرطوسي إنه إذا بدأ العمل في أوائل العام المقبل، فسيتم الانتهاء من المشروع في 2029. وأضاف “مهما غُيّب العراق عن الدور الحضاري (..) لسنة أو سنتين، لعقد أو لعقدين، يجب أن يعود في يوم من الأيام”.