كريتر نت – متابعات
يبدأ سلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد، اليوم الأحد، أول زيارة له إلى طهران، يجري خلالها لقاءات مع المرشد الإيراني علي خامنئي، والرئيس إبراهيم رئيسي، لتعزيز العلاقات الثنائية ولبحث التطورات الإقليمية.
وتأتي الزيارة في ذروة النجاحات الدبلوماسية التي حققتها سلطنة عمان ودخولها بالوساطة في عدة ملفات إقليمية ودولية مهمة وحساسة، تشكل طهران طرفا رئيسيا فيها.
وذكرت وكالة أنباء “إرنا” الإيرانية الرسمية أن سلطان عمان سيقوم بزيارة إلى طهران، الأحد، تلبية لدعوة رسمية من الرئيس إبراهيم رئيسي.
ويستقبل الرئيس الإيراني سلطان عمان رسميا في قصر “سعد آباد”.
وخلال الزيارة، سيجري وفدا البلدين مباحثات ومشاورات للبحث في مختلف القضايا التي تهم الجانبين وسبل تطوير العلاقات الثنائية.
ويرافق عدد من الوزراء وكبار المسؤولين سلطان عمان في الزيارة التي تستغرق يومين، وفق المصدر نفسه.
وأكد وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي عبر حسابه على تويتر أن “الزيارة التاريخية لسلطان عمان إلى إيران اليوم (الأحد)، تعكس الأهمية التي توليها قيادتي البلدين لتعميق التعاون الثنائي النافع، والحرص المشترك للتشاور على مستوى القمة إزاء العديد من الاهتمامات الإقليمية والدولية، دعما لأسباب السلم”.
والأربعاء الماضي، أفاد الديوان السلطاني العماني، بأنّ زيارة السلطان هيثم بن طارق تأتي “تعزيزاً لروابط الصداقة بين سلطنة عُمان والجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة الصديقة، وتوطيداً للعلاقات المُثمرة وحسن الجوار بينهما، وتلبيةً للدّعوة الكريمة (…) من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي”، وسيتخللها بحث “مختلف التطورات على الساحتين الإقليميّة والدوليّة، وتعزيز كل ما من شأنه الارتقاء بأوجه التّعاون القائمة بين البلدين”.
وتأتي زيارة السلطان هيثم بن طارق بعد زهاء عام من زيارة قام بها رئيسي إلى مسقط، وتخللها توقيع 8 مذكرات تفاهم و4 برامج تعاون بين البلدين في مجالات مختلفة أبرزها النفط والغاز.
وترتبط إيران بعلاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع سلطنة عمان التي أبقت على تمثيلها الدبلوماسي في طهران على حاله مطلع العام 2016، على رغم قيام دول في مجلس التعاون الخليجي بمراجعة علاقاتها مع إيران بعد الأزمة بين الرياض وطهران.
وتأتي زيارة إلى طهران بعد زيارة قام بها السلطان هيثم بن طارق إلى مصر الأحد الماضي، والتي يرجح أن تكون بحثت ملف العلاقات بين مصر وإيران، بجانب تعزيز العلاقات الثنائية والارتقاء بها لاسيما على الصعيد الاقتصادي.
وتوترت العلاقات بين القاهرة وطهران في العقود القليلة الماضية على الرغم من أن البلدين حافظا على استمرار الاتصالات الدبلوماسية. وتحدثت مصادر سياسية في الفترة الأخيرة عن جهود عراقية وأيضا عمانية تبذل للتوسط من أجل عودة العلاقات الطبيعية بين الطرفين. وتشهد المنطقة العربية تغييرات واسعة في الآونة الأخيرة على صعيد العلاقات البينية، وسط اتجاه لخفض التوتر بين دول الإقليم.
وأعلنت السعودية، حليفة مصر، وإيران في مارس الماضي استئناف العلاقات الدبلوماسية في اتفاق توسطت فيه الصين بعد سنوات من العداء. وشكر البلدان سلطنة عمان على استضافة محادثات سابقة بينهما.
وعززت طهران مؤخرا تواصلها مع عواصم خليجية شهدت العلاقة معها فتورا في الأعوام الماضية مثل أبوظبي والكويت.
كما تتوسط عمان بين السعودية وجماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران. وفي أبريل الماضي أجرى مبعوثون عمانيون وسعوديون محادثات سلام مع مسؤولين حوثيين في صنعاء حيث تسعى الرياض لوقف دائم لإطلاق النار لإنهاء مشاركتها العسكرية في حرب اليمن المستمرة منذ فترة طويلة.
وتحاول عُمان التي لها حدود مشتركة مع اليمن، منذ سنوات رأب صدع الخلافات بين الأطراف المتحاربة في اليمن، وعلى نطاق أوسع بين إيران والسعودية والولايات المتحدة. ويرى متابعون أن الملفات الإقليمية ستكون حاضرة بقوة في المحادثات التي سيجريها السلطان هيثم في طهران.
وسبق لسلطنة عمان أن أدت دورا وسيطا بين طهران وواشنطن في الفترة التي سبقت إبرام الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني لعام 2015 بين طهران وست قوى دولية كبيرة.
وانسحبت الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق عام 2018، وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران. وبدأت أطراف الاتفاق، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، مباحثات تهدف لإحيائه في أبريل 2021، تعثرت اعتبارا من سبتمبر الماضي.
وكذلك أدت مسقط أدوارا في تبادل سجناء بين الجمهورية الإسلامية ودول غربية.
وقد استبق السلطان هيثم بن طارق زيارته لطهران بعقد بلاده صفقة تبادل للسجناء بين طهران وبلجيكيا استكمالاً لعدة صفقات أخرى بين إيران مع كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
ويشير المتابعون إلى أن عمان حققت على مدى الأشهر الماضية نجاحات مهمة في الوساطة لإطلاق سراح سجناء غربيين لدى إيران.
وكانت الوساطة العمانية نجحت في أكتوبر الماضي في الإفراج عن المواطن الأميركي باقر نمازي، وهو أحد أربعة أميركيين طالبت واشنطن بالإفراج عنهم في إطار جهود إحياء الاتفاق النووي المبرم مع طهران.
كما يحسب لعمان دورها في إطلاق سراح البريطانيتين من أصول إيرانية، نازانين زاغاري – راتكليف وأنوشه آشوري في مارس من العام الماضي.
وكشفت مصادر أميركية في وقت سابق من الشهر الجاري عن احتضان مسقط لمفاوضات بين واشنطن ودمشق من أجل كشف مصير الصحافي الأميركي المختفي في سوريا أوستن تايس، بعد أن فشلت وساطات سابقة قادها المدير العام للأمن العام اللبناني السابق عباس إبراهيم.