الحبيب الأسود
الزعيم هو الزعيم، وهو شخصية استثنائية بكل المقاييس، فقد حافظ على نجوميته لمدة 60 عاما، ولا يزال النجم الأرفع سعرا في بورصة الإنتاج السينمائي والتلفزيوني العربي، كما لا تزال أعماله الأكثر مشاهدة، ربما لأن الجمهور يرى فيه الفنان الأقدر على الإضحاك من خلال أعماله الكوميدية الكثيرة، وربما لأنه لم يأت بعده من ينافسه على نتاج مسيرة حياته الفنية الثرية والمكثفة، حيث قدَّم إلى غاية الآن 126 فيلما و16 مسلسلا و11 مسرحية، بالإضافة إلى مسلسل إذاعي مع المطرب عبدالحليم حافظ بعنوان “أرجوك لا تفهمني بسرعة” في العام 1973.
وعادل إمام هو أكثر حظا من زعماء مصر السياسيين، بحيث لا أحد يستطيع تنحيته من الكرسي الذي يتربع عليه، ولا أحد يقدر على التشكيك في شرعيته وفي إنجازاته، ولا أحد يتهمه بالدكتاتورية أو الرجعية أو الخيانة، كما أنه غير قابل للإقصاء أو الإلغاء أو التهميش، ومكانته غير مطروحة للتصويت عليها في صناديق الاقتراع.
في 17 مايو الجاري، جرى الاحتفال بالعيد الثالث والثمانين لميلاد الفنان الكبير في أحضان أسرته وبحضور نخبة من الفنانين والفنانات ممن ارتبطت أسماؤهم به في الكثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية، وقد أثير الكثير من الجدل حول مداخلته غير المكتملة في برنامج للإعلامي شريف منير على قناة “أم بي سي مصر”، والتي تعددت القراءات فيها وحولها، وتم الزج بها في سياقات مختلفة رغم أن نبرات صوت الزعيم كانت تدل على أنه بخير وفي صحة جيدة ويسيطر على كامل مداركه.
لكن الواضح أن الصور التي تم تسريبها من الحفل ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لم تكن موفقة، وأن هناك من الحاضرين من سعوا إلى ركوب الحدث والتباهي والتظاهر ولفت الانتباه بترويج صور لهم مع الزعيم بدت صادمة للبعض ليس لأن عادل إمام بدت عليه علامات الشيخوخة، ولكن لأنه ظهر في صورته العادية والتلقائية والتي كانت دائما ملكا خاصا لأسرته والمقربين منه، فيما عرفه الجمهور الواسع بعد أن كان يخضع لترتيبات النجومية في إطار العمل الفني من ماكياج وإضاءة ومن اختيار زوايا معينة للتصوير، وهو ما كان يصل إلينا في مسلسلاته الأخيرة التي قدمها لشاشة التلفزيون.
ولا شك أن من أسباب إبقاء الزعيم على زعامته، هو حفاظه على مسافة بينه وبين الجمهور الواسع وعلى خصوصياته الأسرية والاجتماعية والشخصية، وعدم استهلاك صورته في الإعلام، وقطعه الطريق أمام الفضوليين ممّن يسعون إلى التلصص على حالاته الخاصة، لكن يبدو أنه وقع في الفخ في عيده الثالث والثمانين، وللأسف، كان صيدا سهلا لبعض المقربين منه ممن استأمنهم على صورته فسارعوا للمتاجرة بها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن مع ذلك يبقى الزعيم هو الزعيم.
نقلاً عن العرب اللندنية